السيسي لتوطيد علاقات مصر الأفريقية بمنح طبية وجولة سياحية

طالب شعوب المنطقة بـ«الصبر على حكامهم... والتماس العذر»

السيسي خلال جولة أمس في معبد فيلة بأسوان (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال جولة أمس في معبد فيلة بأسوان (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي لتوطيد علاقات مصر الأفريقية بمنح طبية وجولة سياحية

السيسي خلال جولة أمس في معبد فيلة بأسوان (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال جولة أمس في معبد فيلة بأسوان (الرئاسة المصرية)

بمنح مصرية في مجالات الصحة والتعليم، وجولة سياحية «رئاسية»، غازل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، شعوب القارة الأفريقية، بختام فعاليات الملتقى الأول للشباب العربي والأفريقي، أمس، بمدينة أسوان (جنوب البلاد)، والذي يأتي ضمن توجه مصري نحو توطيد حضورها الأفريقي، وتعزيز العلاقات العربية - الأفريقية بشكل عام.
وتتولى مصر الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي لعام 2019. وعقب انتهاء جلسات ملتقى أسوان، اصطحب الرئيس السيسي، أمس، العشرات من الشباب المشاركين، في جولة سياحية داخل معبد «فيلة» بأسوان، تضمنت حفل إفطار في بهو المعبد، حضرته «الشرق الأوسط»، وأجرى خلاله نقاشاً عاماً مع الشباب.
وتجول الرئيس المصري داخل المعبد الفرعوني، المقام فوق جزيرة «فيلة» وسط نهر النيل، برفقة عدد من الشباب من ضيوف الملتقى، للتعرف على تاريخ المعبد، واستمرت الجولة نحو ساعة.
وخلال حفل الإفطار ببهو المعبد، علّق الرئيس السيسي على مبادرات شبابية، تتعلق بأفكار لتحقيق تكامل اقتصادي وثقافي عربي - أفريقي، ودور أكبر للاتحاد الأفريقي في حل الأزمات القارية، قائلاً إن «معظم تلك الأفكار يجري العمل بشأنها بالفعل، لكنه يريد أن ينبه الشباب إلى أن بناء الدول وتحقيق آمال الشعوب يحتاج لعشرات السنين، وليس بالأمر الهين»، مطالباً الشباب بـ«التركيز على تحقيق الاستقرار والأمن في دولهم كي لا تنهار، قبل البحث عن المتطلبات الأخرى، التي تأخذ مزيداً من الوقت».
وناشد الرئيس المصري شعوب الدول العربية والأفريقية بالصبر على حكامها، محذرهم من انهيار بلدانهم، قائلاً إن «الدول لا تبنى بالمظاهرات، وإنما تبنى بالصبر والاحتمال»، مشيراً إلى أن «عملية البناء والتنمية تتطلب تكاليف باهظة بالمليارات، غير موجودة في الوقت الراهن، في معظم تلك الدول، ولن تأتي سوى عن طريق الاستقرار».
ودعا لالتماس العذر حال عدم قدرة الحكام على الاستجابة لمطالب شعوبهم، قائلاً إن «كل حاكم يريد بالتأكيد أن يلبي مطالب شعبه، على الأقل كي يستمر فترة أكبر في الحكم، لكن ما يمكّنه من ذلك أكبر من قدرات بلادنا».
وضرب الرئيس المصري مثلاً بدولة السودان، مؤكداً أنها «تحوي العديد من الأفدنة الصالحة للزراعة، لكنها تحتاج إلى أموال طائلة لإصلاحها وتجهيزها، بمشاركة مستثمرين، الذين يفضلون البلدان الآمنة بطبيعة الحال».
وتشهد السودان احتجاجات واسعة منذ أشهر تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير. لكن الرئيس المصري أكد في حديثه أمس «أنه لا يقصد أحداً بعينه، حتى لا يفهم كلامه على نحو خاطئ، وإنما فقط أراد أن يضرب مثلاً».
وسبق أن أعلنت مصر، في بيانات رسمية، دعمها الكامل لأمن واستقرار السودان.
وعقد ملتقى الشباب العربي والأفريقي، يومي السبت والأحد الماضيين، بمشاركة 1500 شاب وشابة ممثلين لـ25 دولة عربية وأفريقية، بهدف بحث تحقيق التكامل العربي والأفريقي، حيث شهد جلسات نقاشية ضمت شباباً وصُناع قرار في حوار مفتوح.
وفي ختام الملتقى مساء أول من أمس، أعلن الرئيس السيسي، مجموعة من القرارات والتوصيات، من بينها فتح مجلس الوزراء المصري، وبالتنسيق مع وزارتي الخارجية والتعليم، باب المشاركة للباحثين من الدول العربية والأفريقية للاستفادة من «بنك المعرفة المصري» ومن خلال الآليات المناسبة لتنفيذ ذلك.
وكذلك قرر تكليف وزارة التعليم العالي وبالتنسيق مع الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب بمصر، بالعمل على تأسيس مجلس التعاون بين الجامعات العربية والأفريقية ليكون منصة فاعلة لتعزيز التعاون العلمي والثقافي بين العرب وأفريقيا.
كما ألزم الرئيس المصري، وزارة الصحة، بالتنسيق مع جميع الأجهزة والمؤسسات المعنية، بإطلاق مبادرة مصرية للقضاء على (فيروس سي) لمليون أفريقي، وإطلاق حملة 100 مليون صحة للضيوف المقيمين في مصر.
وناشد السيسي إدارة «منتدى شباب العالم»، وهي مبادرة مصرية دشنت قبل نحو ثلاثة أعوام تستهدف عقد مؤتمرات شبابية كبرى من بينها ملتقى أسوان، «تشكيل فريق عمل من الشباب العربي والأفريقي بإعداد تصور خاص لتحقيق فرص التكامل العربي الأفريقي في كل المجالات وتقديمه إلى الجهات المعنية بالدولة».
كما أوصى بتشكيل فريق عمل عربي وأفريقي لوضع رؤية شبابية لآليات التعامل مع قضايا الاستقطاب الفكري والتطرف وعرضها كمبادرة شبابية للقضاء على الإرهاب والتطرف، وأيضاً الإعداد والتجهيز لملتقى مصر والسودان لتعزيز التكامل بين البلدين الشقيقين على مبدأ أخوية وادي النيل.
وفي التوصيات أيضاً، إعداد ورقة بالتنسيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، وأمانة الجامعة العربية لتُطرح على القمة العربية الأفريقية المقبلة تتضمن مقترحات محددة وعملية في مجالات: إنشاء سوق عربية أفريقية مشتركة، وإنشاء صندوق لتمويل بنية التواصل الأفريقي، الطرق والسكة الحديد والكهرباء، لتعزيز الاندماج القاري، وإنشاء آلية عربية أفريقية لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار.
وطالب السيسي بالاهتمام بتوظيف المنصات الإعلامية والتواصل الاجتماعي لإزالة الصورة الذهنية الخاطئة للعلاقات الأفريقية العربية، مع العمل على تمكين الشباب والمرأة لتحويل الإرادة السياسية لإجراءات عملية لإعدادهم وتأهيلهم عن طريق التعليم والتدريب.
وفي لقاءات مع «الشرق الأوسط» أبدى عدد من الشباب العربي والأفريقي سعادتهم بالمشاركة في الملتقى، باعتباره منصة حوار مهمة. وقال محمد طاهري، ممثل شباب المغرب، إن «التعرف على الثقافات الأخرى يفتح آفاقاً واسعة من التفكير لمختلف التحديات التي تكاد تكون واحدة في جميع دول القارة»، وطالب طاهري بتكرار تلك التجربة في أكثر من دولة وتعميمها.
فيما أكدت سلوى نجم من السودان أنها «تتمنى دوراً مصرياً أكبر في بلادها لنقل تجربة الإصلاح الاقتصادي، وكذلك العمل على تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين بما يسمح بحرية التنقل والعمل بشكل أكبر»، مشيرة إلى أن «مثل تلك المنتديات الشبابية فرصة كبيرة للتعرف على أفكار عدد كبير من الشباب من دول مختلفة».
وأبدى أحمد المصري، من الأردن، سعادته بزيارة أسوان لأول مرة، معتبراً جولة الرئيس السيسي مع الشباب في المعبد حدثاً نادراً، يظهر اهتمام القيادة المصرية بالشباب في محيطها العربي والأفريقي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.