«كابوس أوتريخت» ينتهي باعتقال تركي مشتبه به

أعلنت الشرطة الهولندية مساء أمس الاثنين، أنها ألقت القبض على الرجل المشتبه به بتنفيذ جريمة أوتريخت والبالغ من العمر 37 عاماً. وأفادت وسائل إعلام هولندية أمس عن اعتقال منفذ هجوم أوتريخت. وكان عمدة مدينة أوتريخت جان فان زانين قد أعلن عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة، ثلاثة منهم خطيرة في إطلاق النار في المدينة الهولندية، مؤكداً أن السلطات تتعامل مع الهجوم على أنه إرهابي. وقالت الشرطة إن الحادث قد يكون وراءه «دوافع إرهابية»، فيما أعلن رئيس الوزراء الهولندي أن الحكومة أجرت محادثات «أزمة بعد الواقعة».
وقالت السلطات الهولندية أمس، إن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب تسعة آخرون بينهم ثلاثة في حالة حرجة، جراء الهجوم الذي وقع في ترام داخلي في مدينة أوتريخت وسط البلاد، وساد الذعر أنحاء المدينة في أعقاب إعلان الشرطة عن احتمال حدوث هجمات أخرى، وبخاصة بعد أن أعلنت أنها بدأت تحقيقات حول وجود دوافع إرهابية؛ وعليه جرى رفع حالة التأهب الأمني إلى الحالة القصوى وهي الدرجة الخامسة. كما تقرر إغلاق المساجد في مدينة أوتريخت، وجرى منع الأطفال في المدارس القريبة من مكان الحادث من الخروج مؤقتاً، كما تقرر إلغاء حملات انتخابية كانت مقررة قبل انتخابات جهوية في البلاد، كما نفذت الشرطة تحركاً أمنياً استهدف أحد المنازل القريبة من مكان إطلاق النار، ربما لاعتقال أحد المشتبه بهم، وبعدها أعلنت أن طائرة مروحية تطارد شخصاً يستقل سيارة سيات حمراء ماركة سيات.
وبعد وقت قصير جرى توزيع صورة لشخص قالت السلطات إنه ولد في تركيا ويبلغ من العمر 37 عاما يدعى غوكمن تانيش، له علاقة بالحادث الذي وقع في مدينة أوتريخت الهولندية المعروفة بوجود عدد غير قليل من السكان العرب والمسلمين. كما روى شهود عيان أن الحادث الذي وقع قبل ربع ساعة من حلول الساعة الحادية عشرة صباحاً بتوقيت هولندا قد وقع بالقرب من ميدان يعرف باسم ميدان «24 أكتوبر»، وانتقلت قوات مكافحة الإرهاب إلى المكان، وعلى الفور عقد المنسق الأمني لشؤون مكافحة الإرهاب في هولندا اجتماع أزمة للبحث في خلفية الحادث ومدى علاقته بالإرهاب. وصرح عمدة مدينة أوتريخت الهولندية يان فان زانين، بأن الهجوم أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص. وأضاف في رسالة فيديو أن هناك تسعة أشخاص مصابون، من بينهم ثلاثة يعانون من إصابات خطيرة. وأوضح فان زانين أنه يرى أن الهجوم الذي شهدته المدينة في أحد قطارات الضواحي يعد عملاً إرهابياً، وقال في رسالة الفيديو أيضاً إنه يفترض أن هناك دافعا إرهابيا وراء الهجوم. وقالت الشرطة الهولندية إنها تحقق فيما إذا كان «دافع إرهابي» وراء حادث إطلاق النار على ترام في مدينة أوتريخت أدى إلى إصابة الكثيرين الاثنين. وكتبت الشرطة على «تويتر»: «التحقيق يشمل وجود دافع إرهابي محتمل»، فيما كتب رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الهولندي بيتر - جاب البيرسبرغ على «تويتر» أنه يجري «مشاورات أزمة»، مضيفاً أن «الدافع الإرهابي غير مستبعد. المعلومات لم تكتمل بعد». ومن جانبه، أعرب رئيس الوزراء الهولندي مارك روته عن قلقه إزاء واقعة إطلاق النار التي شهدتها مدينة أوتريخت الهولندية. وكانت الشرطة الهولندية أعلنت على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إصابة عدة أشخاص بطلقات نارية غرب مدينة أوتريخت، كما أفادت تقارير إعلامية بأن السلطات الألمانية شددت عمليات التدقيق على طول الحدود الهولندية بعد هجوم أوتريخت. وقال رئيس وكالة مكافحة الإرهاب الهولندية إن رجلاً يشتبه في أنه أطلق النار على عدة أشخاص في ترام في مدينة أوتريخت وسط البلاد الاثنين لا يزال طليقاً.
وقال بيتر البيرسبرج، رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الهولندي، في مؤتمر صحافي: «في أوتريخت وقع إطلاق نار في عدة مواقع... لا تزال الكثير من التفاصيل غامضة في هذه المرحلة، والسلطات المحلية تعمل بجد للوقوف على كل الحقائق. ما نعرفه بالفعل هو أن المجرم طليق»، ورفض التعليق على عدد المصابين ومدى خطورة إصاباتهم. ونصحت السلطات الهولندية في مدينة أوتريخت المواطنين بعدم مغادرة منازلهم بعد وقوع إطلاق نار في أحد قطارات الضواحي بالمدينة. وأضافت أنه ليس مستبعداً وقوع حوادث أخرى، لافتة إلى أن الشرطة لا تزال تبحث عن الجاني. وكانت هولندا قد شهدت في عام 2004 عملية قتل نفذها المغربي الأصل محمد بويري، ضد المخرج الهولندي ثيو فان جوخ، ويقضي بويري حالياً عقوبة السجن المؤبد.
ومنذ ذلك الحين كانت هناك عمليات اعتداء بدرجة أقل مثل محاولة طعن، أو حمل أسلحة في محيط المطار، أو عملية دهس أثناء الاحتفالات الشعبية، أو تنجح السلطات في تفكيك خلية قبل تنفيذ هجوم إرهابي.
ففي يناير (كانون الثاني) الماضي جرى الإعلان عن أن السلطات الهولندية تواصل التحقيقات في ملف التخطيط لهجوم إرهابي، حيث كانت قد اعتقلت أربعة أشخاص على خلفية هذا الملف قبل نهاية العام. وقرر قاضي التحقيق إطلاق سراح اثنين والإبقاء على الاثنين الآخرين رهن الاعتقال، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية أمس. وقال مدعون إن شخصاً سورياً معتقلاً في مدينة مينز الألمانية في الوقت نفسه لذات التهم من المقرر أن يتم تسليمه إلى هولندا. وفي قضية إرهابية منفصلة، تم الكشف عن تفاصيل بشأن التهم الموجهة إلى رجل يبلغ 24 عاماً، لم يتم الكشف عن اسمه، وتم اعتقاله في روتردام ويشتبه بانتماء هذا الرجل لمنظمة إرهابية والقيام بجمع معلومات على شبكة الإنترنت تتعلق بالتخطيط لهجوم.
وكانت هولندا بمنأى نسبياً عن خطر الهجمات التي ضربت جيرانها الأوروبيين الأقرب في السنوات الأخيرة، لكنها شهدت مؤخراً بعض التهديدات. ففي يونيو (حزيران) 2018، أوقف شخصان قبل وقت قليل من تنفيذهما هجمات عدة كانت ستستهدف خصوصاً جسر روتردام الشهير ومكاناً آخر غير محدد في فرنسا، بحسب المدعين الهولنديين.
وفي أغسطس (آب)، طعن شاب أفغاني يبلغ 19 عاماً يحمل إقامة ألمانية، سائحين أميركيين وأصابهما بجروح، وذلك في قلب محطة أمستردام الرئيسية للقطارات. وفي سبتمبر (أيلول)، أوقفت الشرطة الهولندية 7 رجال يُشتبه بأنهم أرادوا تنفيذ «اعتداء إرهابي ضخم» خلال «حدث كبير» في هولندا بواسطة أحزمة ناسفة وبنادق هجومية من نوع «إيه كاي - 47». وأثناء عمليات التفتيش التي نُفذت في منازل المشتبه بهم، عثرت الشرطة على كمية كبيرة من المواد المستخدمة بشكل أساسي في صنع القنابل بينها مائة كلغ من الأسمدة التي يمكن استخدامها لتفخيخ السيارات.
وحسب السلطات الهولندية، كان يقود المجموعة شخص عراقي الأصل يبلغ من العمر 34 عاما من مدينة ارنهيم شرق البلاد تمهيداً لتنفيذ هجوم إرهابي باستخدام أحزمة ناسفة وكلاشينكوف إلى جانب هجوم آخر في التوقيت نفسه وباستخدام سيارة مفخخة، وقد عثرت الشرطة أثناء عملية الاعتقال على أسلحة نارية، بحسب بيان للسلطات الأمنية الهولندية، التي قالت إن عملية الاعتقال جاءت عقب مداهمات شملت منازل في كل من ارنهيم وفيرت، وإن الأشخاص السبعة بعضهم يسكن في مدن ارنهيم وروتردام وهاوسن.
وقالت النيابة العامة إن عمليات الاعتقال سبقتها تحريات وعمليات مراقبة وبحث استغرقت عدة أشهر، بناء على معلومة من جهاز الاستخبارات الأمنية الهولندي حول العراقي، الذي يعيش في ارنهيم، والذي سبق إدانته في العام الماضي بسبب محاولة سفره إلى مناطق الصراعات التي يوجد بها تنظيم داعش، وينطبق الأمر أيضاً على شخصين آخرين من بين المعتقلين.
وأظهرت عمليات المراقبة والبحث أن المشتبه بهم كانوا يبحثون عن كلاشينكوف وأحزمة ناسفة ومواد تستخدم في صنع متفجرات، إلى جانب البحث عن مناطق للتدريب على استخدام السلاح، وكيفية استخدام الأحزمة الناسفة، وقد جرى تكثيف البحث والتسريع بعمليات الاعتقال بعد ظهور مؤشرات على قرب موعد التنفيذ.