«سوريا الديمقراطية»: لا مهلة زمنية لانتهاء المعركة ضد «داعش»

مقاتلون من «سوريا الديمقراطية» في تلة تطل على الباغوز قرب دير الزور شرق سوريا أمس
مقاتلون من «سوريا الديمقراطية» في تلة تطل على الباغوز قرب دير الزور شرق سوريا أمس
TT

«سوريا الديمقراطية»: لا مهلة زمنية لانتهاء المعركة ضد «داعش»

مقاتلون من «سوريا الديمقراطية» في تلة تطل على الباغوز قرب دير الزور شرق سوريا أمس
مقاتلون من «سوريا الديمقراطية» في تلة تطل على الباغوز قرب دير الزور شرق سوريا أمس

أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، الأحد، أنه لا مهلة زمنية محددة لانتهاء معركتها ضد تنظيم «داعش» في شرق سوريا، مع ترجيحها وجود نحو 5 آلاف مقاتل محاصرين في جيب الباغوز.
ورغم الغارات وعمليات القصف التي تستهدف التنظيم، ومحاصرته في بقعة محدودة في ريف دير الزور الشرقي، فإنه لا يزال قادراً على شن هجمات انتحارية، والدفاع عن معقله الأخير، وهو عبارة عن مخيم عشوائي محاط بأراضٍ زراعية تمتدّ حتى الحدود العراقية على الضفاف الشرقية لنهر الفرات.
وقال المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، كينو غابرئيل، خلال مؤتمر صحافي عُقد في بلدة السوسة القريبة من الباغوز، أمس (الأحد): «ليس لدينا جدول زمني دقيق لإنهاء العملية (...) لنقل أياماً»، وتابع: «آمل بألا تستغرق أكثر من أسبوع، لكن هذا تقديري الشخصي».
ومنذ مطلع العام، كثفت هذه الفصائل الكردية والعربية المدعومة من التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، عملياتها العسكرية ضد آخر معقل للتنظيم في بلدة الباغوز، في إطار هجوم تشنّه منذ سبتمبر (أيلول) في ريف دير الزور الشرقي. وبات التنظيم حالياً محاصراً في بقعة محدودة داخل الباغوز، الواقعة على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، قرب الحدود العراقية.
وأواخر يناير (كانون الثاني)، توقع القائد العام لهذه القوات، مظلوم كوباني، انتهاء الوجود العسكري للتنظيم خلال شهر، إلا أن المعركة لا تزال مستمرة، مع خروج أعداد كبيرة من المحاصرين، ورفض مقاتلي التنظيم المتبقين داخل الجيب الاستسلام.
وأوضح غابرئيل أنه «ليست هناك معلومات دقيقة ومؤكدة حول عدد الأشخاص في المخيم المحاصر»، وقدّر وجود «نحو 5 آلاف شخص» في الداخل، بناء على أعداد «تم إعلامنا بها من قبل المجموعة الأخيرة التي خرجت»، إلا أنه شدد على أن «هذا الرقم ليس مؤكداً، وليس رسمياً».
ولا تملك «قوات سوريا الديمقراطية» إحصاءً واضحاً لعدد مقاتلي التنظيم الذين ما زالوا محاصرين في الباغوز، بعدما فاقت أعداد الخارجين في الأسابيع الأخيرة كل التوقعات. ودفع ذلك هذه القوات إلى تعليق هجومها مراراً، للسماح بخروج عشرات الآلاف من الأشخاص، غالبيتهم من عائلات مقاتلي التنظيم، وبينهم عدد كبير من الأجانب. وبحسب غابرئيل، استسلم نحو 30 ألف عنصر من التنظيم وعائلاتهم لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، بينهم أكثر من 5 آلاف مقاتل، منذ التاسع من يناير (كانون الثاني)، إضافة إلى إجلاء 34 ألف مدني من آخر جيب للتنظيم.
ومن داخل الباغوز، سمع فريق الوكالة، أمس، صوت قصف مدفعي متقطع، وشاهد تصاعد دخان في أجواء المخيم. ومن التلة الصخرية المشرفة على جيب التنظيم، التي تتمركز عليها «قوات سوريا الديمقراطية»، كان يمكن رؤية خيم منصوبة بشكل عشوائي ببطانيات ملوّنة، إلى جانب أبنية متواضعة. وشاهد صحافيو الوكالة أشخاصاً يسيرون على طرق ترابية، وكانت دراجات نارية تمرّ أحياناً بسرعة.
وأوضح المقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» علي خلف إبراهيم أنه «لا تزال هناك مقاومة (من جانب مقاتلي التنظيم)، لكنها تراجعت».
ولا يعني حسم المعركة في منطقة دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته، واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.
وتشكل جبهة الباغوز دليلاً على تعقيدات النزاع السوري الذي بدأ الجمعة عامه التاسع، من دون أن تسفر جولات التفاوض عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.



كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
TT

كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)

عودة التصنيف الأميركي لجماعة «الحوثي» منظمة «إرهابية»، لأسباب بينها تهديدها الملاحة بالبحر الأحمر، فتحت تساؤلات بشأن تأثير القرار على وقف الهجمات التي كانت سبباً في تضخم عالمي، وشكاوى دول عديدة بخاصة مصر، مع تراجع إيرادات قناة السويس لنحو 7 مليارات دولار.

ووسط آمال باستعادة الملاحة بالبحر الأحمر نشاطها مع دخول هدنة قطاع غزة حيز التنفيذ قبل أيام، يتوقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يؤثر قرار واشنطن «إيجابياً» على الحد من عمليات الحوثي بالبحر الأحمر، مرجحين أن يكون عام 2025 بداية نهاية تلك العمليات، وأن تبتعد قناة السويس عن خسائرها استفادة من القرار الأميركي.

وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، أمراً بإدراج جماعة الحوثي، بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لأسباب بينها «تهديد استقرار التجارة البحرية العالمية»، مؤكداً أن سياسة بلاده «إنهاء هجماتها» على الشحن البحري، خاصة أنها «هاجمت السفن التجارية المارة عبر باب المندب أكثر من 100 مرة، وأجبرتها على التوجه بعيداً عن البحر الأحمر لممرات أخرى، ما أسهم في ارتفاع التضخم العالمي».

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

وبهذا يعود ترمب لقرار مماثل اتخذه بولايته الأولى (2017: 2020)، قبل أن يلغيه جو بايدن عقب توليه منصبه عام 2021، «استجابة لمطالب إنسانية»، ثم شهد الوضع تحولاً عقب اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مع شن الحوثيين هجمات على السفن التجارية بدعوى دعم غزة، ليقوم بإدراجهم ضمن قائمة «الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص»، وهو تصنيف أقل صرامة يسمح باستمرار المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

ولم يعلق الحوثيون على قرار ترمب، غير أنه جاء مع خطوات تهدئة، وإعلان الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، الإفراج عن طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» بوساطة عمانية بعد مرور 14 شهراً من احتجازه، فيما عد رئيس مجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القرار الأميركي، في منشور، الخميس، عبر منصة «إكس»، «مدخلاً للاستقرار في اليمن والمنطقة».

ولم تعلق مصر المتضررة من هجمات الحوثي على قرار ترمب بعد، غير أن تداعيات تلك الهجمات كانت مدار محادثات عديدة، أحدثها، الخميس، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء بالقاهرة، مع نظيره البريطاني ديفيد لامي.

كما بحث سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينجيز، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونائب وزير الخارجية المصري، السفير أبو بكر حفني، تهدئة الأوضاع بالبحر الأحمر، وأهمية قناة السويس، وفق بيانين منفصلين للخارجية والرئاسة بمصر، يومي الثلاثاء والأربعاء.

وأعاد الرئيس المصري التنبيه لخسائر قناة السويس جراء الأوضاع في البحر الأحمر في كلمة، الأربعاء، باحتفالية عيد الشرطة (25 يناير «كانون الثاني» من كل عام)، قائلاً: «إن انخفاض مواردنا من القناة كان له تأثيره علينا كدولة». فيما كشف رئيس القناة الفريق أسامة ربيع عن أن إيراداتها بلغت 4 مليارات بانخفاض قرابة 7 مليارات دولار خلال عام واحد.

موقف القاهرة

ويعتقد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، أن قرار ترمب «يأتي في إطار إضعاف الحوثيين، إحدى أذرع إيران بالإقليم، بعد تهديدهم لإسرائيل، وحرية الملاحة بالبحر الأحمر»، متوقعاً رداً حوثياً ضد إسرائيل.

وبشأن الموقف المصري، يعتقد العرابي «أن الجماعة الحوثية لا تشكل مشكلة أمنية للقاهرة بل اقتصادية، وكان لهجماتها أثر مباشر على الاقتصاد، لكن لم نتدخل في مواجهة مباشرة سابقاً ولا حالياً بعد قرار ترمب، باعتبار أننا لسنا طرفاً في معركة الحوثيين مع إسرائيل، وكان موقف القاهرة واضحاً بأن وقف حرب غزة سيعيد الأمور لطبيعتها، دون أن يستدعي ذلك أي تدخلات، وهذه سياسة حكيمة مصرية تتوافق مع رؤيتها لأزمات المنطقة وسبل حلها».

ويعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، «أن الموقف المصري عادة يميل إلى ألا يكون طرفاً، خاصة وهو يدرك أن حل المشكلة بوقف حرب غزة، وهذا من أطر السياسة الخارجية الحكيمة».

سلاح ذو حدين

ويرى المحلل السياسي اليمني، معين الصيادي، أن قرار ترمب «سيستغله الحوثي لتسويق نفسه أمام الرأي العام المحلي في مناطق سيطرته، بهدف كسب تعاطف الشارع والتهرب من أي تسويات سياسية بشأن الملف اليمني».

ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعادة التصنيف عدة أسابيع قبل أن تدخل حيز التنفيذ، ما يمنح الأطراف المعنية وقتاً للتكيف مع الإجراءات الجديدة، وفق ما أوردته «فرانس 24»، الخميس.

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن شركة «دي بي وورلد» تقديراً بأن السفن غير المرتبطة بإسرائيل، قد تبدأ في العودة للبحر الأحمر قريباً، ربما خلال أسبوعين فقط، مع تراجع في أسعار الشحن «بما لا يقل عن 20 و25 في المائة» على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ويتوقع العرابي أن يكون للقرار أثر في إضعاف نشاط الحوثيين بالبحر الأحمر، ورجح اللواء فرج أيضاً خفض تصعيدهم، مع عقوبات اقتصادية أميركية أكبر ضدهم.

ويتوقع الصيادي «أن يكون عام 2025 هو بداية نهاية تمدد الجماعة الموالية لإيران حال تم تعزيز القرار بعمليات عسكرية برية وبحرية وجوية، ما يدفعها للقبول بأي حلول سياسية بأقل المكاسب الممكنة».