باريس تزيل آثار أعمال الشغب بعد مظاهرات السترات الصفراء

سارعت باريس، أمس، في إزالة آثار أعمال الشغب التي شهدها شارع الشانزليزيه الشهير، بعد قيام محتجين بنهب متاجر ومطاعم خلال احتجاجات السترات الصفراء التي تميّزت بعودة العنف أول من أمس.
واختصر الرئيس إيمانويل ماكرون عطلة نهاية الأسبوع التي كان يقضيها في التزلج، وعاد لباريس مساء السبت، لعقد اجتماع أزمة مع عدد من الوزراء، وأمر باتخاذ قرارات سريعة «حتى لا يتكرر ذلك مرة أخرى».
وقالت وزيرة الصحة، آنياس بيزون، لمحطة تلفزيونية، إن رئيس الوزراء إدوار فيليب عقد اجتماعاً وزارياً أمس، لتعزيز الإجراءات الأمنية. وأزال عمال النظافة حطام الزجاج، في حين بدأ أصحاب المتاجر إصلاح واجهات محالهم المحطمة بعد أسوأ اضطرابات تشهدها العاصمة باريس منذ وصول أعمال الشغب إلى ذروتها قبل عيد الميلاد في الاحتجاجات التي تخرج أسبوعياً، كما نقلت وكالة «رويترز».
ولم يترك مخرّبون، خرجوا أثناء احتجاجات أول من أمس، واجهة متجر أو مقهى دون تحطيم، ونهبوا متاجر فاخرة واشتبكوا مع الشرطة. كما أضرم محتجون النار في بعض الأماكن والمطاعم والمتاجر. وقدّرت الشرطة عدد المشاركين في الاحتجاجات بالعاصمة السبت بنحو 10 آلاف شخص. وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير إن نحو 1500 من مثيري الشغب شديدي العنف كانوا بين المتظاهرين بهدف التخريب.
ولم يفوت الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرصة هذه الاضطرابات لمهاجمة «سياسات المناخ» التي اعتمدتها فرنسا. وسأل ترمب على «تويتر»: «ماذا حقق اتفاق باريس حول المناخ لفرنسا؟»، وهو المعروف بموقفه الرافض لنظرية التغير المناخي، رغم إجماع العلماء على ذلك منذ سنوات، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكتب ترمب مجيباً عن سؤاله: «بعد 18 أسبوعاً من أعمال الشغب التي يقوم بها المحتجون من السترات الصفراء، لا أعتقد أنه حقق أموراً جيدة! في الأثناء ارتقت الولايات المتحدة إلى رأس جميع القوائم حول البيئة».
وهذه هي المرة الثانية التي يستشهد فيها ترمب بالمظاهرات، التي بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) في فرنسا، احتجاجاً على سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون، لدعم آرائه حول المناخ.
وفي ديسمبر (كانون الأول)، أعلن ترمب أن بعض المحتجين رددوا «نريد ترمب!»، دون أن يعطي أدلة على ذلك. وفي حينه، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لقناة «إل سي إي»: «لا نأخذ السياسات الأميركية الداخلية في الاعتبار، ونود أن يكون الأمر متبادلاً». وأضاف: «أقول هذا لدونالد ترمب، كما يقوله أيضاً الرئيس الفرنسي: اتركوا أمتنا وشأنها».
وتزامنت مظاهرات الأسبوع الـ18 للسترات الصفراء، التي تخللتها أعمال العنف، مع خروج عشرات آلاف الأشخاص في أنحاء فرنسا تحت شعار «نهاية العالم ونهاية الشهر، معركة واحدة»، في إطار ما أطلق عليه «مسيرة القرن» للتنديد بـ«عدم تحرك» الحكومة الفرنسية لمواجهة التغيرات المناخية.
وفي باريس، شارك في المظاهرة 45 ألف شخص، بحسب تعداد لائتلاف وسائل إعلام، في حين أعلنت الشرطة أن عدد المشاركين بلغ 36 ألف شخص في باريس. وقال منظمو المظاهرة إنهم كانوا 107 آلاف. وأعلن منظّمو المظاهرة في بيان أن «أكثر من 350 ألف شخص شاركوا في مسيرات نُظّمت في 220 مدينة في مختلف أنحاء فرنسا للتنديد بعدم تحرك الحكومة الفرنسية للتصدي لأزمة المناخ، وتعنّتها إزاء الأزمة الاجتماعية».
من جهتها، قالت وزارة الداخلية إن 145 ألف شخص شاركوا في المظاهرات بفرنسا. وفي نهار مشمس بباريس، سارت حشود كبيرة من ساحة الأوبرا إلى ساحة الجمهورية. وشهدت المظاهرة مشاركة كثيفة من الشباب في أجواء احتفالية.
ورفع المحتجون لافتات كتب عليها «كفى لغواً، لا بد من أفعال في مجال المناخ»، و«نهاية العالم ونهاية الشهر، نفس المجرمين ونفس المعركة»، وانتقدت لافتات أخرى الرئيس إيمانويل ماكرون مطالبة الحكومة الفرنسية بالتصدي للتغيّر المناخي.
وجاء التحرّك بدعوة من نحو 140 منظّمة، من بينها «غرينبيس فرنسا» و«مؤسسة نيكولا أولو»، اعتبرت أن «الوقت قد حان لتغيير النظام الصناعي والسياسي والاقتصادي لحماية البيئة والمجتمع والأفراد».
وقدّمت 4 منظّمات غير حكومية شكوى قضائية ضد الدولة الفرنسية تتّهمها فيها بـ«التقصير» في واجب التصدّي للاحترار المناخي. وقد أطلقت عريضة جمعت، في أقل من شهر، أكثر من مليوني توقيع.