غضب متصاعد بين شباب «الإخوان» بسبب {قائمة ترحيلات} تركية جديدة

غضب متصاعد بين شباب «الإخوان» بسبب {قائمة ترحيلات} تركية جديدة
TT

غضب متصاعد بين شباب «الإخوان» بسبب {قائمة ترحيلات} تركية جديدة

غضب متصاعد بين شباب «الإخوان» بسبب {قائمة ترحيلات} تركية جديدة

بعد أيام من ترحيلها للشاب الإخواني محمد عبد الحفيظ إلى مصر، الصادر ضده حكم بالإعدام، تعتزم تركيا ترحيل 12 آخرين من شباب تنظيم «الإخوان» الهاربين إلى القاهرة خلال الأيام المقبلة، وهو الحدث الذي فجر مشاكل جمة بين الشباب وقيادات التنظيم في الخارج، مما دفع شباب التنظيم لتدشين «هاشتاغ» على مواقع التواصل بعنوان «ضد الترحيل»، ودعوة قيادات «الإخوان» في الخارج للتدخل، ومنع ترحيل الشباب.
وأكد عمرو عبد المنعم، الخبير في شؤون الجماعات الأصولية بمصر، أن «غضب الشباب بدأ يتزايد عقب ترحيل عبد الحفيظ، حيث تواصلت بعض قيادات (الإخوان) مع السلطات التركية، فيما تخلت قيادات أخرى عنهم، وهو ما أشعل الموقف»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن (الإخوان) تعاني من صراع بين 3 أجيال: جيل القيادات أو رعاة التنظيم، وجيل الوسط الذي يسمع آراء القيادات، وجيل الشباب الذي يثور ويرفض القيادات».
ورحلت السلطات التركية، في فبراير (شباط) الماضي، محمد عبد الحفيظ، المحكوم عليه بالإعدام في قضية استهداف النائب العام المصري السابق المستشار هشام بركات، وأعقب ذلك ترحيل السلطات الماليزية 4 من شباب «الإخوان» لمصر.
وقال عبد المنعم: «إن تركيا رحلت عبد الحفيظ، ثم أعلنت عن وضع 3 آخرين على قائمة الترحيل، فضلاً عن اعتزامها ترحيل 12 جدد. ومن الواضح أن تركيا سوف تسلم جميع المطلوبين على ذمة قضايا لمصر، وسوف يتم ترحيل هؤلاء، ومنهم (جهاديون)، على 3 مراحل: الأولى، من صدر بحقهم أحكام نهائية باتة من القضاء المصري، وتشمل (الجهاديين) المتعاطفين مع (الإخوان)؛ والثانية، (الإخوان) من القواعد، وليس من القيادات، الذين صدر بحقهم أحكام قضائية؛ والثالثة، تقسم إلى قسمين: من ستطلبه السلطات المصرية من تركيا، ومن سيشكل أي عبء أو خطر على تركيا أو مصر، بالتحريض عبر القنوات الفضائية أو مواقع التواصل الاجتماعي».
ونفذت مصلحة السجون بوزارة الداخلية في وقت سابق أحكام إعدام بحق 9 مدانين من «الإخوان» باغتيال النائب العام المصري السابق، الأمر الذي دعا قيادات التنظيم الهاربة للخارج إلى استغلال ذلك، والسعي إلى التشكيك في أحكام القضاء.
وفي السياق نفسه، قالت صفحات إخوانية، أمس، إن سبب ترحيل الـ12 شاباً هو مخالفتهم لقواعد الإقامة، وانضمام بعضهم لتنظيمات إرهابية وجهادية، وانشقاقهم عن «الإخوان»، ومن بينهم عمرو عكاشة.
وأكدت الصفحات أن «جميع الشباب المقرر ترحيلهم مطلوبون أمنياً، صادر بحقهم أحكام بالسجن المؤبد والمشدد لتورطهم في قضايا عنف وإرهاب بمصر». كما شن شباب التنظيم هجوماً على قيادات «الإخوان» عبر صفحاتهم على مواقع التواصل، مؤكدين أن «القيادات تستغل الشباب في ارتكاب عمليات عنف وتخريب بمصر، وتتخلى عنهم بعد أن أصبحوا عبئاً عليها، وعلى الحكومة التركية».
وأشار الشباب إلى أن «التنظيم مخترق من الداخل، وما يحدث من ترحيل لعناصره، مثلما حدث في ماليزيا، يؤكد أن تنظيم (الإخوان) يعيش أضعف فترات حياته، ولا يستطيع حماية عناصره، حتى في الدول التي يرتبط معها بعلاقات قوية، مثل تركيا وماليزيا».
ويؤكد عدد من الشباب الهاربين أيضاً أن مصير جميع الشباب المقيمين في إسطنبول معلق بكلمة من قادة التنظيم (الذي تعتبره السلطات المصرية إرهابياً)، فإذا تخلوا عن أحد، فالترحيل لمصر ومواجهة العقوبات سيكونان مصيره.
وقال عبد المنعم إن «تركيا تحاول أن تدعم موقفها مع الاتحاد الأوروبي، وجزء من شروط الاتحاد هو مكافحة الإرهاب، وتسليم المتهمين الصادر بحقهم أحكام نهائية، فتاريخ تركيا العسكري لا يصطدم مع السياسات العامة في أوروبا، والسياسة العامة في أوروبا في الوقت الحالي ضد الإرهاب، خصوصاً مع تنامي ظاهرة ما بعد (داعش)، وعودة أسر مقاتلي (داعش) الأجانب لبلادهم، وهو ما يقلق هذه الدول»، مرجحاً توسط دولة أوروبية - لم يحددها - لدى تركيا لتسليم المتورطين في أعمال إرهابية من «الإخوان» لمصر.
وقبل أيام، التقى ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عدداً من شباب وأعضاء «الإخوان» الهاربين. ونقل الشباب تخوفهم من تكرار ما حدث مع عبد الحفيظ، بسبب انشقاق بعضهم عن «الإخوان»، وعدم رضا القيادات عنهم، وانضمام البعض منهم لتنظيمات متطرفة.
وطمأن مستشار إردوغان الشباب الغاضبين حينها، وأكد لهم أنه «لن يتم ترحيل أي منهم لمصر، وأن واقعة تسليم عبد الحفيظ كانت خطأ غير مقصود، ولن تتكرر». لكن عمرو عبد المنعم أكد أن «وعود مستشار إردوغان لن يكون لها تأثير في المستقبل، والإعلان عن ترحيل الـ12 شاباً لمصر أكبر دليل، وهو ما سوف يحبط شباب (الإخوان)، ويدفعهم لتصرفات جديدة خلال الأيام المقبلة».


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

إلى أين ستقود سياسة ترمب «أميركا أولاً»؟

مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
TT

إلى أين ستقود سياسة ترمب «أميركا أولاً»؟

مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)

رغم أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لا يخفي اعتزامه تبني نهج متشدد مع الصين بدءاً من التلويح بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60 في المائة على المنتجات الصينية، وحتى اختيار شخصيات مناوئة للصين في حكومته؛ يمكن أن تمثل إدارة ترمب فرصة كبيرة أمام الصين لتعزيز نفوذها دولياً والاقتراب من قيادة العالم.

الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ خلال لقائهما بكاليفورنيا في نوفمبر 2023 (رويترز)

فاستراتيجية «أميركا أولاً» التي يتبناها ترمب في السياسة الخارجية يمكن أن تؤدي إلى انسحاب الولايات المتحدة كلياً أو جزئياً من العديد من المنظمات الدولية والمبادرات العالمية التي شكلت أحجار زاوية في هيمنتها العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. هذا الانسحاب سيولّد فراغاً لن تتردد الصين في السعي لملئه. وستسعى بكين وراء الحصول على مساحة حركة أوسع لضمان دور قيادي في العالم وصياغة نظام دولي متعدد الأطراف يخدم مصالحها.

فريق صيني للاستعراضات الجوية يحلّق في السماء ضمن معرض الصين الدولي الـ15 للطيران والفضاء (أ.ب)

وفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس» البريطاني، قال ويليام ماتيوس الباحث الزميل البارز في برنامج آسيا والمحيط الهادئ في المعهد، إن رؤية الرئيس الصيني شي جينبينغ هي ضرورة وجود نظام دولي وليس فوضى. لكن هذا النظام لا يلتزم بالمعايير وأنظمة التحالف القائمة على القيم العالمية لصالح شراكات غير ملزمة تقوم على المصالح المشتركة، وهو ما يعني من الناحية العملية حصول الصين على نفوذ كبير في العالم بفضل حجم اقتصادها الكبير، وريادتها التكنولوجية، وقوتها العسكرية المتنامية.

وتسعى الصين لتحقيق هذه الرؤية من خلال إعادة تشكيل الأمم المتحدة وإطلاق مبادراتها الدولية، وتحديد الشروط والأحكام المنظمة للتكنولوجيات الجديدة وسلاسل الإمداد. وفي هذا السياق، أطلقت الصين منذ 2021 ثلاث مبادرات عالمية مرتبطة بنفوذها في الأمم المتحدة، وهي مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية.

وتشير الصين إلى ميثاق الأمم المتحدة باعتباره «جوهر» النظام الدولي في ورقتها الخاصة بمبادرة الأمن العالمي، وربطت مبادرة الحضارة العالمية بتشجيع الحوار بين الحضارات الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) التي قرر الرئيس ترمب في ولايته الأولى انسحاب بلاده منها.

طائرة مقاتلة صينية من طراز «J-15» تظهر في معرض الصين الدولي الـ15 للطيران والفضاء (أ.ب)

كما أصبحت الأمم المتحدة أداة أساسية تحاول من خلالها الصين بناء دورها كوسيط عالمي، بما في ذلك الترويج لخطة سلام في أوكرانيا بالتعاون مع البرازيل.

ويرى ويليام ماتيوس خبير العلاقات الخارجية الصينية والمتخصص في دراسة الآثار الجيوسياسية للصين كقوة صاعدة، كما جاء في تحقيق الوكالة الألمانية، أن مبادرة التنمية العالمية تمثل تطويراً لنهج التنمية الدولية الذي تتبناه الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق، والتي أكدت دور الصين كشريك تنموي أساسي بالنسبة للعديد من الدول في عالم الجنوب، مضيفاً أن المبادرتين الأخريين للأمن العالمي والحضارة العالمية تستحقان المتابعة.

وتمثل مبادرة الأمن العالمي إطار عمل للتعاون الأمني الدولي في مواجهة التحالفات العسكرية الأميركية. وفي حين ما زالت الصين متأخرة للغاية عن الولايات المتحدة من حيث القوة العسكرية، فإن مبادرة الأمن العالمي مصممة لكي تناسب نقاط قوة الصين مع التركيز على التعاون في مجالات تشمل الأمن الداخلي وأمن البيانات.

سيارات صينية مُعدة للتصدير في ميناء يانتاي شرق البلاد (أ.ف.ب)

ومن شأن خفض الالتزامات الأميركية أن يساعد بكين في استخدام مبادرة الأمن العالمي لنشر معايير الأمن الصينية مع حماية مصالحها الاقتصادية أيضاً.

وبالفعل أثبتت الصين أنها شريك أمني جذاب بالنسبة لشركاء عسكريين للولايات المتحدة. فباكستان المصنفة حليفاً رئيسياً من خارج «الناتو» للولايات المتحدة، تكثف تعاونها الأمني مع الصين لحماية المواطنين الصينيين الذين يعملون في مشروعات مبادرة الحزام والطريق. كما أن هناك تقارير عن اعتزام مصر المصنفة أيضاً حليفاً رئيسياً من خارج «الناتو» للولايات المتحدة، الاستعانة بالمقاتلات الصينية من طراز «جيه-20» بدلاً من المقاتلات الأميركية من طراز «إف-16». في الوقت نفسه، تستهدف مبادرة الحضارة العالمية تقديم بديل لمنظومة قيم حقوق الإنسان المستندة إلى القيم الغربية. وتشجع المبادرة الصينية إقامة نظام يستند إلى تعدد الحضارات، وأن لكل منها قيمها وأنظمتها السياسية الخاصة التي يجب احترام سيادتها وسلطتها.

طائرة «سوخوي سو-57» روسية تهبط خلال معرض الصين الجوي (إ.ب.أ)

لذلك، فإن وجود إدارة أميركية تميل إلى الانفصال عن قضايا العالم قد تسمح بسهولة لخطاب القيم «الحضارية» الذي تتبناه بكين بأن يصبح الإطار المفضل للدبلوماسية الدولية، خاصة مع تزايد النفوذ الصيني في الأمم المتحدة.

ورغم أهمية هذه المبادرات، سيظل المصدر الأقوى للنفوذ الصيني هو التجارة والتكنولوجيا، خاصة في المجالات التي أصبح لها فيها دور رئيسي. فالمنهج المنتظم للصين في تطوير التكنولوجيا الخضراء بدءاً من إنتاج الطاقة إلى السيارات الكهربائية، منحها السيطرة على سلاسل إمداد هذا القطاع في العالم.

مشاة على شاطئ ميناء «فيكتوريا هاربور» في هونغ كونغ في حين تنذر السحب بهبوب عاصفة (د.ب.أ)

ومع قدراتها التقنية المتقدمة، ومكانتها كشريك تنموي وتكنولوجي أساسي بالنسبة لعالم الجنوب، سوف تصبح باقي دول العالم معتمدة بصورة متزايدة على الصين في سلاسل إمداد التكنولوجيا الخضراء. ونتيجة لانتشار التكنولوجيا الصينية في العالم، من المحتمل أن تصبح المعايير الصينية الحاكمة لاستخدام هذه التكنولوجيا هي المعايير السائدة.

في المقابل، فإن عدم رغبة إدارة ترمب في الانخراط في التعاون الدولي في مجال المناخ سيجعل الصين أكبر لاعب فيه بما لديها من تكنولوجيات ومنتجات يحتاجها باقي العالم للتحول الأخضر.

ولا يجب التقليل من أهمية النفوذ الدولي الذي ستحققه الصين من خلال هذا الملف. فقد شهد منتدى التعاون الصيني - الأفريقي الأخير مجموعة من التعهدات بزيادة التعاون في مجال التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة. كما شهد المنتدى تعهدات بتعميق التعاون في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وفي غياب الولايات المتحدة يمكن أن تحدد الصين المعايير الدولية لاستخدام الذكاء الاصطناعي. لذلك، فحرص الصين على أن تصبح لاعباً رائداً في حوكمة الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم يمثل تحدياً خطيراً للولايات المتحدة التي ربما ترغب إدارتها الجديدة في الانكفاء على الداخل تحت شعار: «أميركا أولاً».

أخيراً، فإن توازن النفوذ الدولي للولايات المتحدة والصين لا يعتمد على العلاقات الثنائية بينهما، وإنما على علاقات كل منهما مع باقي دول العالم.

وتزايد نفوذ الصين داخل الأمم المتحدة مع مبادراتها الدولية وريادتها التكنولوجية، سيجعلها في موقف جيد للاستفادة من الغياب الأميركي المحتمل عن المسرح العالمي تحت حكم ترمب، ويجعلها أكثر قدرة على صياغة القواعد العالمية الجديدة، من اللجوء لأي سبيل أخرى.

خط إنتاج للسيارات الكهربائية في مصنع شركة «ليب موتور» بمدينة جينهوا الصينية (أ.ف.ب)

في المقابل، لن يكون أمام حلفاء الولايات المتحدة خيارات كثيرة لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد، ما دام البيت الأبيض لا يهتم كثيراً بالقضايا الدولية ولا بقيادة أميركا للنظام العالمي. وإذا كانت أي حرب تجارية بين بكين وواشنطن يمكن أن تدمر أجندة ترمب الداخلية، فإن استراتيجية «أميركا أولاً» هي أفضل خدمة للصين الساعية إلى إيجاد نظام عالمي متعدد الأقطاب ولا يستند إلى القواعد التي أرستها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بعد الحرب العالمية الثانية. لذلك، فإن أفضل استراتيجية لحلفاء الولايات المتحدة هي التكيّف مع حقائق عالم يتزايد فيه النفوذ الصيني على المدى الطويل.