وفد من الكونغرس في الخرطوم لبحث الحريات والحوار المشترك

بوتين يدعو البشير إلى حضور القمة الروسية ـ الأفريقية في سوتشي... وانشقاق في حزب الترابي

البشير خلال لقائه بوغدانوف في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
البشير خلال لقائه بوغدانوف في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

وفد من الكونغرس في الخرطوم لبحث الحريات والحوار المشترك

البشير خلال لقائه بوغدانوف في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
البشير خلال لقائه بوغدانوف في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

وصل إلى الخرطوم أمس وفد رفيع من الكونغرس الأميركي لعقد اجتماعات مع مسؤولين حكوميين ومعارضين، قبيل انطلاق المرحلة الثانية من الحوار بين الخرطوم وواشنطن، كما وصل إلى الخرطوم وفد روسي أيضاً، يحمل رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يدعو فيها الرئيس السوداني عمر البشير للمشاركة في أعمال القمة الروسية الأفريقية الأولى، المقامة في مدينة «سوتشي» أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ويرأس وفد الكونغرس الأميركي زعيم كتلة الحريات «غوس بيليراكس»، وسيجري لقاءات مع رئيس البرلمان السوداني، فضلاً عن لقاءات مع رئيس الوزراء ووزيري الخارجية والعدل، إلى جانب لقاءات مع قادة المعارضة، وممثلين عن المهنيين، ورجال الأعمال والكنائس. وتأتي زيارة وفد الكونغرس في وقت يتوقع فيه انطلاق الجولة الثانية من الحوار الأميركي السوداني والخاص ببحث شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتطبيع العلاقات بين البلدين، في أعقاب رفع الحظر الاقتصادي والتجاري الذي كانت واشنطن تفرضه على الخرطوم.
وتشترط واشنطن لشطب اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية للدول الراعية للإرهاب، توسيع التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز حقوق الإنسان وحرية الدين والصحافة، وتحسين وصول المساعدات الإنسانية، ووقف الأعمال العدائية الداخلية، وخلق بيئة للسلام في السودان، ومعالجة بعض الأعمال الإرهابية البارزة، والتزام قرارات مجلس الأمن بشأن كوريا الجنوبية.
من جهة ثانية، قال نائب وزير الخارجية، مبعوث الرئيس الروسي لـ«الشرق الأوسط» وأفريقيا، «ميخائيل بغدانوف»، عقب لقائه الرئيس البشير أمس، بالعاصمة السودانية الخرطوم، إن بلاده تتمنى أن يشارك البشير «شخصياً» في أعمال القمة التي وصفها بـ«المهمة» لمسيرة العلاقات الروسية الأفريقية. ووصل بغدانوف السودان أول من أمس، في زيارة تستغرق ثلاثة أيام يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين السودانيين ليبحث معهم تعزيز العلاقات وسبل التعاون بين البلدين، إضافة إلى نقله رسالة الرئيس بوتين لنظيره البشير، والتي تتضمن دعوته لمؤتمر سوتشي.
وأوضح بغدانوف في إفادات صحافية أعقبت لقاءه البشير، أنه تناول معه سبل التعاون المشترك المجالات كافة، بما في تنسيق المواقف في الأمم المتحدة وفي المؤتمرات الدولية، وأضاف: «نحن سعداء بمستوى الثقة المتبادلة بين موسكو والخرطوم، في كثير من القضايا الدولية والأفريقية والشرق أوسطية»، وتابع: «نحن نقدر الموقف المتزن والموضوعي، للسودان في كل هذه القضايا»، إلى جانب تناوله لمجالات التعاون الاقتصادي والتجاري، وتدريب الكوادر السودانية في روسيا.
وكان البشير قد طلب من الرئيس بوتين حماية روسية من التدخل الأميركي في شؤون بلاده، وذلك في أول زيارة له لروسيا نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، محملاً واشنطن المسؤولية عما يجري في بلاده، بقوله: «السودان بحاجة لحماية من الممارسات العدائية الأميركية». كما دعا روسيا إلى إنشاء قواعد عسكرية في البحر الأحمر بمواجهة التدخل الأميركي، وقال: «نريد التباحث في هذا الموضوع من منظور استخدام القواعد العسكرية في البحر الأحمر»، معرباً عن رغبة حكومته في تعزيز التعاون العسكري مع روسيا.
من جهة أخرى، أعلن قيادي إسلامي بحزب الترابي، «المؤتمر الشعبي»، قيام ما سماه «تيار تصحيحي» داخل حزبه، وذلك على خلفية خلافات بينه وخليفة الترابي على زعامة الحزب «علي الحاج محمد». وقال المحامي كمال عمر السلام، والذي شغل مناصب مرموقة في الحزب إبان قيادة الراحل حسن الترابي له، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن التيار التصحيحي داخل الحزب، سيعمل على تطبيق فكرة الترابي الغامضة التي أطلق عليها «المنظومة الخالفة»، مع تمسكه بالحوار الوطني ونظام الحزب الأساسي.
وجاءت تصريحات عمر الذي شغل منصب الأمين للحزب، ثم متحدثاً باسم كتلته البرلمانية، بعيد إبعاده من منظومة «الأمانة العامة» للحزب الأسبوع الماضي. وكان عمر من المقربين جداً من زعيم الإسلاميين حسن الترابي، بيد أن علاقته مع خليفته في الحزب علي الحاج محمد، تدهورت كثيراً، سيما وأن الرجل اعتاد انتقاد مواقف الحاج المتعلقة بالحريات والموقف من نظام البشير، فيما درج الأخير بوصف انتقاداته بأنها «طعناً في مؤسسات الحزب».
وقبيل رحيل الترابي بفترة قصيرة، عاد الحزب الذي أسسه في عام 1999، بعد انشقاق الإسلاميين الحاكمين المعروف بـ«المفاصلة»، إلى الحوار مع النظام وشارك في مؤسساته، بما في ذلك الجهاز التنفيذي والبرلمان.
وتعد مشاركة حزب الترابي في السلطة، مصدر تباين كبير بين قيادات وقواعد الحزب. ففيما يصر الحاج على البقاء في السلطة واستمرار المشاركة فيها، فإن عدداً من شباب الحزب يشاركون في المظاهرات المطالبة بسقوط النظام، وأصيب بعضهم برصاص الشرطة، فيما نسب معلم لقي مصرعه تحت التعذيب في مدينة الدمازين إلى الحزب. ويتداول على نطاق واسع، أن الخلافات داخل حزب الترابي، قد تؤدي إلى انشقاق مماثل، لانشقاقه عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم نهاية الألفية السابقة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».