حدائق الحيوانات في غزة.. من مزار للأطفال إلى كومة رماد

مسؤول إحداها لـ «الشرق الأوسط»: أغلبها نفق في الحرب بعدما جلبتها من أفريقيا وأدخلتها عبر الأنفاق

لم يتبق في حديقة حيوانات مدينة بيسان السياحية شمال غزة سوى عدد محدود من الحيوانات التي نجت من القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
لم يتبق في حديقة حيوانات مدينة بيسان السياحية شمال غزة سوى عدد محدود من الحيوانات التي نجت من القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

حدائق الحيوانات في غزة.. من مزار للأطفال إلى كومة رماد

لم يتبق في حديقة حيوانات مدينة بيسان السياحية شمال غزة سوى عدد محدود من الحيوانات التي نجت من القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
لم يتبق في حديقة حيوانات مدينة بيسان السياحية شمال غزة سوى عدد محدود من الحيوانات التي نجت من القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

لم يعد بإمكان الأطفال والعائلات الفلسطينية عموما في قطاع غزة قضاء إجازات الأعياد وغيرها في المنتجعات والمدن السياحية، على ندرتها، بعد أن وضعتها إسرائيل ضمن بنك الأهداف خلال الحرب فتعرضت تلك المتنزهات لتدمير واسع كباقي مرافق الحياة في القطاع.
وكانت مدينة بيسان الترفيهية شمال قطاع غزة والتي تضم أكبر حديقة حيوانات في القطاع، أحد أهداف الطائرات الإسرائيلية التي حولت تلك «الجنة الخضراء»، كما يصفها الفلسطينيون، إلى كومة رماد بعد أن كانت المزار المفضل لدى العائلات الفلسطينية.
ويقول مدير مدينة بيسان المهندس شادي حمد، لـ«الشرق الأوسط» إن خسائر البنية التحتية لحديقة الحيوان في المدينة بلغت نحو 100 ألف دولار كتقدير أولي للخسائر التي لحقت في الحديقة فقط. وبين أن هذه التقديرات تشمل الأقفاص والمعدات الخاصة بتلك الحيوانات ولا تشمل الخسائر المادية المباشرة للحيوانات التي نفقت بفعل الغارات الإسرائيلية على المكان.
ولفت إلى أن 90 في المائة من الحيوانات قتلت وأن ما تبقى منها أما أصيب في الحرب والآخر مرض بفعل الجوع نتيجة تدمير الاحتلال الأقفاص والطعام الذي كان بداخلها. وقال حمد إنهم حاولوا إخلاء الحيوانات من الحديقة ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك إلا بعد مرور 15 يوما على العدوان إذ نجح بعض أفراد الأمن في المدينة من الوصول لتلك الحيوانات وتم جمع ما تبقى منها داخل أحد المواقع التي جهزت كما وفرت الأغذية الخاصة بها.
وأشار إلى أن طائرات إسرائيلية بلا طيار أطلقت صاروخين في الأيام الأولى على عدد من العمال الذين كانوا يحاولون إخلاء الحيوانات مما اضطرهم مغادرة المكان فورا خوفا على حياتهم، مبينا أن الطائرات كانت تستهدف المدينة من حين لآخر.
وأوضح أن الحديقة كان فيها 100 حيوان، منها أسود ونعام وتماسيح وقردة وحيوان النسناس وغيرها ولم يتبق منها الآن سوى 10 فقط بعضها مصاب والآخر مريض بانتظار تقديم الرعاية الطبية والصحية لهم من قبل متخصصين لمحاولة إبقائهم أحياء.
من جانبه، أوضح المسؤول في المدينة محمود الحلبي لـ«الشرق الأوسط» أن ما تبقى من الحيوانات قرد بابون واحد من أصل 10 أزواج كانت تتوفر في الحديقة، بالإضافة إلى أسد مصاب وآخر بصحة جيدة ولبوة بحالة جيدة أيضا، بالإضافة لبعض النعام وحيوانات أخرى. وأشار إلى أن كل تلك الحيوانات كانت جلبت عبر الأنفاق التجارية الحدودية مع مصر.
ومدينة بيسان مقامة على مساحة 280 دونما، منها 120 دونما تشمل حقول زراعية ضمت أشجار مثمرة وجميعها أتلفت بعد تعرضها للقصف، كما تعرضت مبان داخل المدينة للقصف بالإضافة للكافتيريات والمسابح وأماكن ألعاب الأطفال وجميعها دمرت.
وقال الحلبي إن «70 في المائة من المدينة دمر بعد أن قصفت بأكثر من ثمانية صواريخ من طائرات حربية من طراز F16»، مشيرا إلى أن التقديرات الأولية للخسائر المادية للمدينة بلغت نحو مليوني دولار في إحصائية بدائية قدرها المهندسون والمسؤولون الماليون والإداريون.
وأكد أن إعادة ترميم المدينة ستجري بشكل كامل فور التوصل لاتفاق تهدئة، وأنهم سيعملون جاهدين من أجل جلب حيوانات جديدة، على الرغم من إشارته إلى أن ذلك سيكون صعبا للغاية بعد إغلاق الأنفاق ومنع نقل هذه الحيوانات عبر المعابر إلى غزة.
ولم تكن مدينة بيسان هدفا وحيدا لآلة القتل الإسرائيلية بل إنها طالت الكثير من تلك المنتجعات والمتنزهات ومنها أيضا «غابة الجنوب» في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. وتعرضت تلك الحديقة للاستهداف الإسرائيلي أيضا، بعد أن بذل مؤسسوها جهودا جبارة لإدخال الكثير من الحيوانات إليها عبر الأنفاق، منها حيوانات مفترسة وأخرى أليفة وصلت من إحدى الدول الأفريقية إلى مصر ومنها إلى غزة.
ويوضح زياد عويضة، المسؤول عن «غابة الجنوب» لـ«الشرق الأوسط» أنه أنشأ الحديقة على مساحة ثمانية دونمات، وأنه جلب جميع الحيوانات من الخارج بنفسه بعد أن تعرف على تجار الحيوانات في السنغال والسودان وغيرها من الدول الأفريقية التي سافر إليها واشترى ما يحتاجه منها ثم نجح في إيصالها لغزة عبر أنفاق التهريب.
وبين أن إنشاء الحديقة في البداية كلفه نحو مليون دولار، مبينا أن تكلفة النمور الثلاثة التي جلبها إلى حديقته كانت تصل إلى 60 ألف دولار، فيما اشترى أسدا ولبوة بمبلغ وصل إلى 30 ألف دولار، مشيرا إلى أنه طورها مؤخرا وأنشأ مسبحا وملاهي قبالة الحديقة تماما ما زاد من أعداد الزوار والمتنزهين. وأشار إلى أن خسائر فادحة لحقت بالحديقة بعد أن دمر الاحتلال أجزاء كبيرة منها، وأن أكثر من 50 في المائة من الحيوانات التي كانت فيها نفقت بفعل القصف الإسرائيلي المباشر على المكان.
وأضاف: «إسرائيل لا تعرف ما تريد، هي فقط تستهدفنا كفلسطينيين وليس لديها أي أهداف، تدعي أنها تقتل وتضرب أهداف المقاومة، لكن كما ترون لا يوجد أي شيء للمقاومة، هناك فقط بعض الحيوانات ومتنزه صغير للمواطنين للترويح عن أنفسهم لكن الاحتلال دوما يبحث عن ذرائع من أجل تبرير عدوانه على سكان غزة».
وأكد أنه سيعاود ترميم الحديقة وجلب حيوانات فهذا حلم عاش من أجله وسعى دوما لأن يصبح حقيقة.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.