حادث مرور يودي بحياة رئيس «هيئة النزاهة» في العراق

قوى سياسية أثارت شكوكاً حول ملابسات وفاته بعد إعلانه فتح ملفات فساد كبرى

القاضي عزت توفيق
القاضي عزت توفيق
TT

حادث مرور يودي بحياة رئيس «هيئة النزاهة» في العراق

القاضي عزت توفيق
القاضي عزت توفيق

أودى حادث مروري أثارت بعض القوى السياسية الشكوك حوله، مساء أول من أمس، بحياة رئيس هيئة النزاهة في العراق القاضي عزت توفيق. الحادث وقع عند مدخل مدينة دهوك حيث كان الراحل عائداً من بغداد عبر مطار أربيل ليستقل السيارة إلى مدينته دهوك حيث اصطدمت سيارته بإحدى السيارات، الأمر الذي أدى إلى إصابته بجروح بليغة أدّت إلى وفاته لاحقاً في المستشفى.
وجاء حادث الوفاة بعد أيام من إعلان توفيق عن عزمه فتح ملفات فساد كبرى، في إطار الحملة التي يقودها حالياً رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من خلال المجلس الأعلى لمكافحة الفساد. وعلى الرغم من أن مصدراً أبلغ «الشرق الأوسط» أن «حادث الوفاة قضاء وقدر طبقاً لتقرير الكشف المروري على الحادث»، فإن شخصيات وقوى سياسية دعت إلى إجراء تحقيق في الحادث وعدم الركون إلى كونه مجرد «حادث سير». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «تقرير المرور أثبت أن التقصير لا تتحمله السيارة الأخرى التي اصطدمت بها سيارة القاضي توفيق بل كل الدلائل تشير إلى أن سائقه كان يسير بسرعة كبيرة».
وعدّ رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان العراقي في برقيات نعي وفاة القاضي عزت توفيق خسارةً كبيرةً. حيث أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في برقية التعزية التي أرسلها إلى عائلته: «لقد فقدنا قاضياً نزيهاً ومسؤولاً نحن أحوج ما نكون إليه في هذه المرحلة الحساسة، لما يتمتع به من خصال حميدة وخبرة كبيرة أهّلته ليكون على رأس أهم أجهزة مكافحة الفساد، وأعزّي على وجه الخصوص زملاءه القضاة في المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي يواجه أخطر الملفات، التي كان للفقيد الراحل دور أساسي في كشفها ومتابعتها».
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي أن «العراق خسر برحيل القاضي عزت توفيق رأس الرمح في مكافحة الفساد بالعراق».
لكن النائب عن «المحور الوطني» وعضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد الكربولي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من غير الممكن الركون ببساطة إلى فرضية القضاء والقدر في حادثة وفاة رئيس هيئة النزاهة». وأضاف الكربولي أنه «يتوجب أن تتولى الجهات المسؤولة فتح تحقيق في هذا الحادث لمعرفة ملابساته لأن علامات استفهام كثيرة سوف تبقى معلقة في حال لم يتم التحقيق في الأمر».
وذهبت كتل سياسية أخرى إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث عد «ائتلاف النصر»، بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، أن حادث وفاة رئيس «هيئة النزاهة» يتطلب تحقيقاً لمعرفة الأسباب. وقال القيادي في الائتلاف علي السنيد إن «الحكومة العراقية مُطالَبة بفتح تحقيق أمني موسع مهني بشأن حادث السير الذي تعرض له رئيس هيئة النزاهة في محافظة دهوك وأدى إلى وفاته». وأضاف السنيد أنه «من غير المستبعد أن تكون الحادثة مدبرة لمنع رئيس (هيئة النزاهة)، من كشف ملفات الفساد، وأكد أيضاً أنه لا يستبعد تورط الفاسدين في الحادثة».
أما علي البديري، عضو البرلمان عن تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، فلم يستبعد من جهته في تصريح صحافي أن «تكون الجهات المتهمة بالفساد هي وراء افتعال هذا الحادث». وقال البديري إن «هناك شكوكاً فعلاً، في قضية وفاة رئيس (هيئة النزاهة) في العراق، فقد يكون الحادث مدبراً من قبل جهات فاسدة متورّطة بعمليات فساد، وتخشى كشفها في المرحلة المقبلة». وأضاف البديري أنه «على الجهات الأمنية العراقية فتح تحقيق، لكشف ملابسات الحادثة، بعيداً عن أي ضغوطات سياسية أو غيرها، ويجب أن يكون التحقيق سريعاً، وتُكشف نتائجه أمام الرأي العام».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».