تركيا على موعد مع انتخابات محلية ساخنة ومختلفة

بين الضغوط الاقتصادية ومطامح المعارضة... وتمرّد «رفاق» إردوغان

تركيا على موعد مع انتخابات محلية ساخنة ومختلفة
TT

تركيا على موعد مع انتخابات محلية ساخنة ومختلفة

تركيا على موعد مع انتخابات محلية ساخنة ومختلفة

مرة أخرى يتجدد موعد تركيا مع الانتخابات، عندما يتوجه أكثر من 57 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع في 31 مارس (آذار) الحالي لاختيار رؤساء البلديات والمدن والأحياء والقرى في الانتخابات المحلية التي يخوضها نحو نصف مليون مرشح من 13 حزباً سياسياً. وتختلف هذه الانتخابات عن سابقاتها، من جوانب عدة، أهمها أنها الأولى بعد إتمام انتقال تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة التي أجريت في 24 يونيو (حزيران) 2018 على أساس التعديلات الدستورية التي أُقرت في الاستفتاء على تعديل الدستور في 16 أبريل (نيسان) 2016.
كذلك تجري هذه الانتخابات في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة تمرّ بها تركيا تركت مؤشراتها بصمات قوية على الحياة اليومية للمواطن التركي، لا سيما مع تراجع الليرة التركية والقفزة الضخمة لمعدل التضخم إلى حدود 20 في المائة، وتباطؤ الاقتصاد وارتفاع البطالة إلى أكثر من 12 في المائة، مع موجة إفلاس تضرب الشركات الكبرى التي لم تعد قادرة على الاستمرار في ظل الأوضاع الاقتصادية الضاغطة.

ترى المعارضة التركية في الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا والارتفاع الجنوني في أسعار السلع الرئيسية، خصوصاً الخضراوات والفواكه والمواد الغذائية بشكل عام، وكذلك حالة الركود التي يعانيها الاقتصاد، فرصة مواتية للضغط على حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئيسه، الرئيس رجب طيب إردوغان. أما إردوغان فيرغب في أن تكون الانتخابات المحلية خطوة أخرى على طريق تثبيت أركان نظام حكمه الجديد في ظل النظام الرئاسي الذي كفل له صلاحيات شبه مطلقة.

- الوضع الاقتصادي
وبدا من خلال متابعة سير الحملات الانتخابية أن الوضع الاقتصادي يحتل مقدمة جدول أعمال الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة. ويحاول كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب «الشعب الجمهوري» (أكبر أحزاب المعارضة)، وحليفته في الانتخابات ميرال أكشنار رئيسة حزب «الجيد»، اللذان يخوض حزباهما الانتخابات تحت مظلة «تحالف الأمة» استغلال الأزمة الاقتصادية في الضغط على «تحالف الشعب» المكون من حزبي «العدالة والتنمية» الحاكم و«الحركة القومية». وسلاح «تحالف الأمة» يتمثّل في التركيز على عجز الحكومة عن إدارة الأزمة إلى الحد الذي دفعها إلى طرح الخضراوات والفواكه في منافذ بيع حكومية بأسعار مخفّضة، بعدما كانت الحكومة تتحدث عن مشروعات عملاقة.
حزب «العدالة والتنمية» الحاكم يسعى إلى تأمين الفوز بنسبة أكثر من 50 في المائة من المقاعد، من أجل تحقيق هدف إردوغان بتأسيس «تركيا الجديدة» مع حلول عام 2023، الذي يوافق الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك.
ولقد استشعر إردوغان الضغط الشديد من جانب المعارضة بعد النجاحات التي تحققت لها خلال الاستفتاء على تعديل الدستور في 2017، ثم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة في يونيو 2018. وهي نجاحات دفعتها لمواصلة الضغط على حزبه في الانتخابات المحلية، التي يُنظَر إليها في تركيا على أنها المؤشر على نتائج الانتخابات البرلمانية التي ستليها، لأنها تهيئ الأرضية لمن يفوز بهذه الانتخابات فيما بعد.

- منافسة شرسة
انطلاقاً من استشعار خطورة الموقف في هذه الانتخابات، قرّر إردوغان الدفع بأسماء بارزة في بلديات المدن الكبرى الثلاث المهمة، حيث هددته فيها المعارضة في الاستفتاء على تعديل الدستور والانتخابات البرلمانية، وهي إسطنبول وأنقرة وإزمير. ولذا، اختار بن علي يلدريم، آخر رئيس للوزراء قبل النظام الرئاسي، والحليف الذي كان يتولى منصب رئيس البرلمان بعد إلغاء منصب رئيس الوزراء، للترشح على مقعد رئيس بلدية إسطنبول، قائلا إنه يختار «رفيق دربه» لخوض هذه المعركة.
أيضاً دفع إردوغان باثنين من الوزراء في حكومته السابقة، هما محمد أوزهسكي، وزير البيئة السابق، للترشح لمنصب رئيس بلدية العاصمة أنقرة، ونهاد زيبكجي وزير الاقتصاد السابق، لرئاسة بلدية إزمير.
ولئن كانت التوقّعات تشير إلى فوز مريح ليلدريم في إسطنبول، فإن استطلاعات الرأي تظهر تقدّم مرشح حزب الشعب الجمهوري منصور ياواش على مرشح العدالة والتنمية أوزهسكي في أنقرة، وأن المعركة بينهما لن تكون سهلة على الإطلاق. وفي الأيام الأخيرة سلطت وسائل الإعلام، التي بات 95 في المائة منها تقريباً موالياً لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الضوء بكثافة على قضية تزوير قيل إن ياواش لعب دوراً فيها. وردّ حزب «الشعب الجمهوري» متّهماً الإعلام الموالي للحكومة بأنه يحاول بشتى السبل تلطيخ سمعة ياواش بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تفوّقه على مرشح «العدالة والتنمية».
الرئيس إردوغان عمد من جانبه إلى التقليل من أهمية هذه الاستطلاعات، عندما قال في أحد لقاءاته التلفزيونية المتعدّدة في إطار الحملة الانتخابية، إنه لم يعد يثق بنتائج استطلاعات الرأي. وهو ما دفع رئيس حزب الشعب الجمهوري كليتشدار أوغلو إلى السخرية من هذا التصريح، لأن المعروف أن إردوغان كان يعوّل كثيراً من قبل على استطلاعات الرأي حيث يجري حزب العدالة والتنمية الحاكم استطلاعات دورية مكثفة، كما يكلف شركات متخصّصة بإجراء استطلاعات للوقوف على فرص فوزه في الانتخابات، فضلاً عن أن استطلاعات الرأي هي إحدى الآليات المهمة في الدول الديمقراطية.
في المقابل، تعمل المعارضة على «خلخلة» القاعدة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية، بعدما تسبب ظهور حزب «الجيد» بزعامة ميرال أكشنار - الملقبة في تركيا بـ«المرأة الحديدية» - خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة في استقطاع نسبة من ناخبي العدالة والتنمية والحركة القومية.
ويأمل حزب أكشنار بأن يتمكّن من دخول البرلمان، بالتعاون حزب الشعب الجمهوري، وليقررا الاستمرار في «تحالف الأمة» في الانتخابات المحلية مثلما فعل العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية في «تحالف الشعب»، وهو ما اعتبره مراقبون خطوة اضطرارية في ظل استمرار تآكل شعبية العدالة والتنمية منذ عام 2015.
من جهة ثانية، يحظى «تحالف الأمة» المعارض بدعم حزب السعادة الإسلامي، كما يقف في صف المعارضة حزب «الشعوب» الديمقراطي الموالي للأكراد. ويعمل حزب الشعب الجمهوري المعارض من خلال تحالفه مع حزب «الجيد» على بناء جبهة انتخابية قوية تستطيع مواجهة العدالة والتنمية، وكسر سلسلة الانتصارات التي يحققها الحزب منذ تأسيسه عام 2002.
والجدير بالذكر، أن الانتخابات المحلية لها أهمية كبيرة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إذ تعقبها فترة طويلة تمتد إلى 4 سنوات خالية من الانتخابات، وستكون هذه فترة استقرار من شأنها منح الفرصة لالتقاط الأنفاس بعد نحو 4 سنوات انتخابية بامتياز. هذا الأمر قد ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد المأزوم، لا سيما على صعيد الاستثمار الأجنبي. وفضلاً عن ذلك، فإن حصول «العدالة والتنمية» على الأغلبية في الانتخابات المحلية سيساعد النظام الرئاسي الجديد بقيادة إردوغان على تنفيذ سياساته وبرامجه بسهولة.

- وقت التغيير
يعتبر مراقبون أنه لا يمكن القول بارتياح - بعكس ما كان معتاداً من قبل - إن نتيجة الانتخابات محسومة لصالح «العدالة والتنمية» اعتماداً على رصيده من الخدمات في البلديات والأحياء، لأن هناك عاملاً آخر يبقى قائماً في كل انتخابات في تركيا، وهو التصويت للأحزاب على أساس المبادئ. وفي الوقت نفسه، تسعى المعارضة التركية جاهدة لإقناع الناخب بأن «وقت التغيير قد حان» بعد 16 سنة من احتكار «العدالة والتنمية» للسلطة. وبالفعل كان هذا الحزب الإسلامي قد فاز في كل المناسبات الانتخابية التي خاضها في مواجهة المعارضة، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري، وهو ما دفع ميرال أكشنار، رئيسة حزب «الجيد»، إلى دعوة الناخبين «للتصويت بحرية، لأن تركيا أصبح فيها بديل للحزب الحاكم الآن».
أكثر من هذا، فكرة ضرورة التغيير لم تعد مطروحة من جانب المعارضة وحدها، بل نبعت أيضاً من داخل حزب العدالة والتنمية نفسه. وتصاعدت النقاشات، في أجواء الاستعداد للانتخابات المحلية، حول احتمالات ظهور حزب سياسي جديد يتولّى قيادته عدد من القيادات القديمة في حزب العدالة والتنمية، في مقدمتهم الرئيس السابق عبد الله غل ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو.
ويبدو أن هذه النقاشات لها ظل من الحقيقة، بدليل أنها دفعت إردوغان إلى القول إن «هناك كثيرين من المنشقين عن حزب العدالة والتنمية، ولا داعي لذكر أسماء، فهؤلاء يستحيل أن نسير معهم ثانيةً في طريق واحد». وحاول إردوغان التقليل من شأن ما يتردّد عن الحزب المرتقب، قائلاً: «إن هناك مَن أسّسوا أحزاباً من قبل، والجميع يعرف عاقبتهم... الصدق والإخلاص أمران مهمان للغاية... هؤلاء لم يقولوا شيئاً عندما كنا نمنحهم المناصب. ولكن عندما قلنا لهم إن عليهم أن يستريحوا بدأوا في الحديث عن أحزاب جديدة... إن الذين نزلوا من القطار لا يمكن أن يعودوا إليه من جديد».
كانت النقاشات تتصاعد حول الحزب الجديد، المفترض أن يظهر قريباً، مع تلميحات صدرت عن الصحافي التركي أتيان محجوبيان، المستشار السابق لداود أوغلو، حول وجود مساعٍ يبذلها عدد من المنتمين لحزب العدالة والتنمية الحاكم من أجل تأسيس حزب جديد.
وفي ردّ منه على سؤال عن حقيقة وجود مساعٍ لتأسيس حزب جديد بعد الانتخابات المحلية المقبلة، قال محجوبيان خلال مقابلة أجراها مع إحدى محطات التلفزيون التركية: «نعم... هناك مساعٍ في هذا الاتجاه تجري حالياً، وهذا أمر لا بد منه، لأن تركيا لا تُدار جيداً»، ثم أردف: «الجميع يرون جيداً أن تركيا لا تُدار بالشكل اللائق... هناك بعض الشرائح داخل (العدالة والتنمية) غير راضية بالمرّة عن التعيينات التي تتمّ من خلال ممارسات بعيدة كل البعد عن معايير اللياقة والكفاءة، وغير راضين أيضاً عن الطرق التي تمنح بها مناقصات الدولة».

- مخاوف الحزب الحاكم
هذه التلميحات من أحد الذين كانوا داخل المطبخ السياسي في تركيا، والذين ما زالوا على صلة مع الشخصيات البارزة التي شاركت في قيادة البلاد، جاءت تأكيداً لحالة الجدل التي تشهدها الأروقة السياسية في تركيا منذ فترة. وضمن ما يُثار الهمس عن استعداد الرئيس السابق غل ورئيس الوزراء الأسبق داود أوغلو لتأسيس حزب سياسي جديد. ولا يقتصر الهمس على غل وداود أوغلو بل يشمل أيضاً نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الأسبق علي بابا جان، الذي شغل أيضاًم نصب وزير الخارجية، قبل أن يختفي من المشهد السياسي في 2013، الذي تُنسب إليه الطفرة الكبيرة في الاقتصاد التركي، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية محمد شيمشك، الذي استكمل مسيرة باباجان في حقل الاقتصاد، وأبعد من المشهد أيضاً عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة في يونيو الماضي.
هذه التلميحات، التي صدرت عن محجوبيان في السادس من فبراير (شباط) الحالي، سبقتها تلميحات أخرى للكاتب التركي أحمد طاقان، مستشار غل وممثل صحيفة «يني تشاغ» في العاصمة أنقرة، الذي نشر مقالاً في سبتمبر (أيلول) الماضي تحت عنوان: «مشروع غل الجديد من الباب الخلفي»، ادعى فيه أن الرئيس السابق ومعه رئيس الوزراء الأسبق المقرب منه أحمد داود أوغلو وبابا جان وشيمشك يتأهبون لتأسيس «حزب مركزي جديد» سيكون في صفوف المعارضة الرئيسية.
ورغم ابتعاد غل، الذي يُعدّ من أبرز المؤسسين الأوائل لحزب العدالة والتنمية الحاكم إلى جانب إردوغان، عن الساحة السياسية منذ تركه رئاسة الجمهورية عام 2014، فإنه أبدى عدداً من المواقف التي تعبر عن رفضه بعض السياسات التي يتبعها إردوغان.
ومن مواقفه الرافضة ما يتعلق بتعامل إردوغان مع معارضي سياساته، سواء من خارج الحزب أو داخله. وعلى النهج نفسه عبّر داود أوغلو عن قلقه بشأن الأوضاع في تركيا، ورأى أنها «تسير نحو الفوضى»، في إشارة ضمنية للانتهاكات التي يتهم حزب التنمية والعدالة بارتكابها تجاه الشعب التركي. ولكن، مع هذا، يقول مراقبون إنه على الرغم مما يتردد عن هذه المساعي لتشكيل الحزب فإنه قد لا يرى النور قريباً، وإن الأطراف الفاعلة في تأسيسه سيتريثون بانتظار نتائج الانتخابات المحلية.
في أي حال، يثير ما يتردد بشأن هذا الحزب «المرتقب» القلق لدى الجماعات الموالية لإردوغان، لا سيما أن الأسماء المذكورة كنواة له هم ممن يمتلكون كتلاً تصويتية ضخمة يمكنها أن تهدد الحزب الحاكم. ولذا، ثمة توجّه عند مناصري إردوغان نحو تحريك وسائل الإعلام الموالية للحكومة للهجوم عليهم والتهكم على محاولاتهم تأسيس حزب منافس لحزبهم القديم، واصفين الحزب الجديد بأنه سيكون «حزب البيجاما» أو «حزب المتخلفين عن القطار». وفي المقابل، يردّ مؤيدو الفكرة أن تركيا بحاجة إلى دماء جدية، ويذكّرون مَن يهاجمون مجموعة غل وداود أوغلو بما فعله إردوغان ورفاقه مع رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، عندما انشقوا عنه ليؤسسوا حزب «العدالة والتنمية» الحاكم.

- الانتخابات التركية بالأرقام
> يجري خلال الانتخابات اختيار رؤساء بلدية لـ30 مدينة كبرى و1351 منطقة إدارية، بالإضافة إلى 1251 عضو مجلس ولاية و20 ألفاً و500 عضو مجلس بلدية.
> حصل حزب العدالة والتنمية، بزعامة الرئيس رجب طيب إردوغان، في الانتخابات المحلية يوم 30 مارس 2014 على نسبة 45.6 في المائة من أصوات الناخبين، بينما تشير استطلاعات الرأي حتى الآن إلى أنه قد يحصل على نسبة تتراوح ما بين 36 و38 في المائة من الأصوات في الانتخابات المقبلة.
> شهدت تركيا 6 انتخابات برلمانية ورئاسية واستفتاءً واحداً على تعديلات دستورية في غضون 4 سنوات و3 أشهر، خلال الفترة منذ مارس 2014

- أكبر المدن التركية لجهة عدد السكان
> يتجاوز عدد سكان سبع مدن تركية - وفق تقديرات عام 2015 - حاجز المليون نسمة، مع الإشارة إلى أن تعداد سكان تركيا يُقدّر حالياً بأكثر من 82 مليون نسمة. وفيما يلي أكبر المدن التركية وفق أرقام 2015:
1 - إسطنبول: 14.025.646 مليون نسمة
2 - أنقرة (العاصمة): 4.587.558 ملايين
3 - إزمير: 2.847.691 مليونان
4 - بورصة: 1.854.285 مليون
5 - أضنة: 1.563.545 مليون
6 - غازي عينتاب: 1.495.050 مليون
7 - قونية: 1.003.373 مليون
8 - أنطاليا: 955.573 ألف
9 - قيصري: 911.984 ألف
10 - مرسين: 842.230 ألف
11 - إسكيشهر: 617.215 ألف
12 - ديار بكر: 614.310 ألف
13 - صمسون: 511.601 ألف
14 - دنيزلي: 492.815 ألف
15 - أورفة (شاتلي أورفا): 465.748 ألف
16 - آدابازان: 399.022 ألف
17 - ملطية: 388.590 ألف
18 - مرعش (قهرمان مرعش): 384.953 ألف
19 - أرضروم: 358.344 ألف
20 - وان (فان): 352.292 ألف


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».