لوحة مخفية للرسام روبنز تباع في مزاد فرنسي

عشاق الفن ينتظرون السماح بمغادرتها الأراضي البلجيكية

لوحة القديسة مارغريت تعود للقرن السابع عشر
لوحة القديسة مارغريت تعود للقرن السابع عشر
TT

لوحة مخفية للرسام روبنز تباع في مزاد فرنسي

لوحة القديسة مارغريت تعود للقرن السابع عشر
لوحة القديسة مارغريت تعود للقرن السابع عشر

مثلما تقع المفاجآت السعيدة، خرجت من العتمة لوحة غير معروفة للرسام الفلامنكي بيير بول روبنز (1577 ـ 1640)، وجرى الإعلان عن بيعها في مزاد يجري في مدينة ليل، شمال فرنسا، في 31 من الشهر الحالي. والعتمة المقصودة هي مجموعة من الرسوم الزيتية التي أنجزها الفنان في القرن السابع عشر. وكانت تلك اللوحات بمثابة التخطيطات الأولية للرسوم التي نفّذها الفنان على سقف كنيسة الآباء اليسوعيين في مدينة أنتويرب البلجيكية. وقد احترق السقف فيما بعد وضاعت الثروة الفنية المرسومة عليه.
الكنيسة اليسوعية المشيدة على الطراز الباروكي، تعتبر واحدة من أروع المباني التاريخية في بلجيكا. وقد عرفت بكنيسة القديس شارل بوروميه، وانخرط روبنز بشكل شخصي في بنائها لتصبح الأكبر في إقليم الفلاندر. وكان الفنان يومها في الثالثة والأربعين، أي في قمة مجده. وبلغ من اهتمامه بالمشروع، أنه ساعد مهندس البناء فرنسوا داغيون في كل ما يتعلق بالمنحوتات والسقوف، ومنها الرسم البارز الذي يتوسط الواجهة ويمثل مجموعة من الملائكة. كما رسم روبنز 39 لوحة عملاقة مستوحاة من القصص الإنجيلية على سقف المبنى الذي جرى تغليفه كله بالرخام المتعدد الألوان.
في صيف 1718 شبّ حريق في الكنيسة وتحول سقفها إلى رماد. وبهذا اندثرت كل الرسوم التي كانت تزينه، ولم يبقَ منها سوى اللوحات الأولية الملونة أو الرصاصية التي كان الرسام قد أنجزها بالأصباغ الزيتية على ألواح من خشب البلوط. ومنها هذه اللوحة التي تمثل القديسة مارغريت. وهي كانت طوال قرنين من الزمان ضمن موروثات عائلية ولم يسبق عرضها. وانتهى بها الأمر لدى شركة للبيع بالمزاد العلني في مدينة ليل. ويشير باتريك ديغين، أحد الشركاء، إلى أن روبنز احتفظ بالرسوم الأولية في مرسمه حتى وفاته بناءً على طلبه، وبعد ذلك لم يتم العثور سوى على 33 لوحة من مجموع 39، وقد توزعت جميعها على كبريات المتاحف مثل «اللوفر» في باريس، وأكاديمية الفنون الجميلة في فيينا، ومعهد كورتولد للفن في لندن. ففي بلجيكا مثلاً، موطن روبنز، ليس هناك سوى لوحتين من تلك المجموعة، واحدة في المتحف الملكي في بروكسل، والأخرى في متحف روبنز في أنتويرب. وأخيراً، عادت إلى الأنظار لوحة جديدة ظلت مختبئة إلى حين تقدم الورثة بها للبيع بالمزاد.
ولا نعرف عن مالك اللوحة سوى أن عائلته حصلت عليها في القرن التاسع عشر، ولم تخرج عن نطاق العائلة حتى الحاضر. فقد عرضت في المزادات أكثر من 100 لوحة للرسام خلال السنوات الثلاثين الماضية. ومنذ 10 سنوات لم تمر في المزادات الفرنسية أي لوحة لروبنز. ومن هنا تأتي أهمية لوحة القديسة مارغريت؛ إذ يعتبر عرضها للبيع حدثاً فنياً نادراً لا يتكرر كثيراً. ورغم أنها لوحة تمهيدية لرسم على السقف فإن صبغتها وألوانها ممتازة وكانت تلك اللوحات التمهيدية ثمينة لدى الرسام؛ لأن تلاميذه اعتمدوا عليها كنماذج في تمارينهم.
تمثل اللوحة سيدة ترتدي فستاناً أحمر فضفاضاً وبيدها سعفة، وهناك تنين إلى يمينها وحمل صغير يقبع بجوارها؛ مما يمكن الاستدلال على أنها ترمز للقديسة مارغريت وانتصارها على الشر. وكان على الشركة المنظمة للمزاد أن تحصل على رخصة لإخراجها من الأراضي البلجيكية. وهو ما يترقبه الهواة وجامعو الأعمال الفنية ومديرو المتاحف في فرنسا، ويأملون أن يتم منح الرخصة قبل الموعد المحدد للمزاد. ويبلغ ارتفاع اللوحة 33 سنتمتراً وعرضها 45 سنتمتراً. أما النسخة السقفية منها فكانت بيضاوية الشكل ومساحتها 3 أمتار في 4 أمتار.
يتوقع أصحب اللوحة أن تباع بسعر يتراوح بين 200 ألف و300 ألف يورو. وهو تقدير ضئيل اعتمده المنظّمون على أمل اجتذاب شهية المزايدين وهواة الأعمال الفنية النادرة. فقد بيعت لوحة «مذبحة الأبرياء» لروبنز بسعر زاد على 79 مليون يورو في مزاد جرى في العاصمة البريطانية عام 2002. وفي بداية العالم الحالي بيع تخطيط عائد للمجموعة الملكية في هولندا، يمثل ظهور الصليب، بسعر 8.5 مليون دولار لدى «سوثبيز» في نيويورك. وهو رقم حطم الرقم القياسي السابق الذي بلغ سعره 5.5 مليون دولار لدى «كريستيز» في لندن. وأثار البيع ضجة في حينه في الأوساط الفنية والسياسية نظراً لما أشيع من الأميرة الهولندية كريستينا عرضت اللوحة على متاحف في بلادها قبل أن تضعها في المزاد.



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.