تصريحات السيستاني حول اتفاقية شط العرب هيمنت على نتائج زيارة روحاني للعراق

TT

تصريحات السيستاني حول اتفاقية شط العرب هيمنت على نتائج زيارة روحاني للعراق

هيمنت التصريحات التي صدرت عن المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني حول أهمية العودة إلى اتفاقية الجزائر المتعلقة بترسيم الحدود مع إيران في شط العرب، على ردود الفعل العراقية السياسية والإعلامية بعد زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للعراق، فيما توقع وزير التجارة والصناعة والمعادن الإيراني رضا رحماني أن تبلغ صادرات بلاده للعراق مستوى 20 مليار دولار في غضون عامين، وذلك في إطار استراتيجية اقتصادية طويلة الأمد. ورغم التعويل الإيراني على ارتفاع مستوى التبادل التجاري مع العراق، فإن أيا من مذكرات التفاهم التي جرى التوقيع عليها، لم تثر اهتماما لدى الصحف ووسائل الإعلام العراقية بقدر ما أثارته تصريحات السيستاني.
وقال رحماني في تصريح أمس الخميس، إن بلوغ مستوى 20 مليار دولار للتبادل الاقتصادي مع العراق من الأهداف المنظورة على المدى القريب. ولفت رحماني الذي رافق الرئيس الإيراني حسن روحاني في زيارته للعراق التي استغرقت ثلاثة أيام، أن الجانب العراقي طالب بإيجاد مدن صناعية مشتركة بمساعدة الصناعيين والمستثمرين الإيرانيين. وبين أن إيران تعتبر البلد الوحيد الذي أسس معرضا صناعيا تخصصيا فيما تستحوذ منتجات الألبان الإيرانية على نحو 30 في المائة من السوق العراقية.
ورغم التعويل الإيراني على ارتفاع مستوى التبادل التجاري مع العراق فإن أيا من مذكرات التفاهم التي جرى التوقيع عليها، لم يثر اهتماما لدى الصحف ووسائل الإعلام العراقية بالقدر الذي ركزت فيه على التصريحات التي أدلى بها السيستاني لدى استقباله روحاني والتفاهم على أهمية إعادة تفعيل اتفاقية الجزائر الموقعة بين البلدين عام 1975. وغابت أخبار مذكرات التفاهم لمصلحة تأكيد السيستاني على إقامة علاقات وفق مبدأ حسن الجوار وحصر السلاح بيد الدولة، وهو الكلام الذي ركزت عليه بشكل واسع الصحف الصادرة أمس، مثل: «الصباح» و«الزمان» و«الصباح الجديد» و«كل الأخبار» و«الدستور» وغيرها، فضلاً عن وكالات الأنباء.
وأكد النائب في البرلمان العراقي عبد الله الخربيط لـ«الشرق الأوسط» أن «إيران باتت الآن تستعين بالعراق من أجل سد الثغرة التي خلفتها العقوبات المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة»، مبيناً أنه «لم تكن هناك في الواقع اتفاقيات جديدة ومع ذلك نأمل بأن يكون العراق قبلة كل دول الجوار». وأشار إلى أن «أفضل من أبلغ الوفد الإيراني بكل ما يجول في خواطر العراقيين هو السيد السيستاني الذي حدد نقاطا محددة للتفاهم بين العراق وإيران».
أما النائب في البرلمان العراقي حسن توران نائب رئيس الجبهة التركمانية فقد أكد من جانبه في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «أهم مبدأ في العلاقات الثنائية هو مبدأ المصلحة المشتركة»، مبينا أنه «من الأهمية بمكان أن يصل التفاهم حول الاتفاقيات إلى التركيز على هذه النقطة حتى تكون في مصلحة الطرفين وليس في مصلحة طرف واحد، خصوصا في ملف المياه وترسيم الحدود وإيجاد بيئة آمنة للاستثمارات».
في السياق ذاته، رأى النائب عن كتلة الفتح محمد سالم الغبان وزير الداخلية الأسبق في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا بد أن نرى مصلحة العراق بعيدا عن الصراع والتنافس الدولي والإقليمي في المنطقة فيما يسعى كل طرف من الأطراف الدولية والإقليمية المتنازعة في المنطقة إلى إدخال العراق في محور ضد الآخر»، مبينا أن «الأمر الآخر في اتجاه مصلحة العراق هو وجوب السعي إلى علاقات جيدة ومتوازنة مع جميع الدول، فوضع العراق من جميع النواحي وخاصة الاقتصادية لا يتحمل أن يكون طرفا في صراع المحاور، وفي مقدمة هذه الدول إيران التي تجمعنا معها مشتركات وجوانب إيجابية ومصالح كثيرة».
وأوضح الغبان: «أما مذكرات التفاهم وليس الاتفاقيات فهي ما جرى الاتفاق عليها مع إيران لأن الاتفاقيات من صلاحية البرلمان». وأشار إلى أنه «في الوقت الذي سوف يستفيد العراق من هذه المذكرات فإن إيران بلا شك هي المستفيد الأكبر منها في ظل الحصار الخانق الذي تعاني منه».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».