ليبيا: السراج يعين قائداً جديداً لرئيس أركان قواته

وسط مخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية مع المشير حفتر في سرت

TT

ليبيا: السراج يعين قائداً جديداً لرئيس أركان قواته

وسط مخاوف من اندلاع مواجهات في مدينة سرت الساحلية بين قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات تابعة لفائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، نصّب أمس السراج الفريق ركن محمد الشريف رئيساً للأركان العامة للجيش الليبي، والفريق ركن سالم جحا مساعدا له.
وحذر اللواء محمد الغصري، المتحدث باسم قوات عملية (البنيان المرصوص)، الموالية لحكومة السراج في سرت، أمس، من إقحام المدينة في حرب جديدة، وقال إن «الجميع سيكون خاسرا فيها». معتبرا أن أي محاولة اعتداء على سرت «هي بمثابة إعلان حرب وستكون عواقبها كارثية، ونحن مستعدون لها».
ورأى الغصري أن مدينة سرت باتت «تنعم بالأمان» بعد أن حررتها قواته من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، معربا عن رفض هذه القوات لأي جهة تستغل صفة الجيش لخدمة مآرب سياسية.
وقال الغصري إنه «من غير المقبول الحديث عن خضوع مؤسسة غير موجودة على أرض الواقع أصلا للسلطة المدنية»، موضحا أن هذه المسألة يحسمها الدستور لا أطراف، فيما وصفه بـ«الصراع السياسي المتماهي مع أطراف خارجية».
وأشار الغصري إلى استمرار حالة النفير والطوارئ بين قواته، التي استدعت جميع الوحدات الاحتياطية من قوة حماية وتأمين سرت، موضحا أن هذه القوات قامت بتسيير دوريات على بعد 90 كيلومترا جنوب وشرق المدينة، والتزمت بمواقعها المكلفة تأمينها.
وكانت هذه القوة قد أعلنت مؤخرا حالة الاستنفار بين صفوفها، عقب ظهور وحدات تابعة للجيش الوطني الليبي على تخوم مدينة سرت الساحلية، لكن دون حدوث أي مواجهات حتى الآن بين الطرفين.
وقرر السراج باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، أمس، ترقية اللواءين الشريف وجحا إلى رتبة فريق ركن، وأكد خلال مراسم عسكرية أقيمت في العاصمة طرابلس على دور المؤسسة العسكرية في ترسيخ قيم ومبادئ الوطنية، والتزامها بعقيدة الولاء للوطن ووحدته وسلامة أراضيه.
واعتبر السراج وفقا لبيان وزعه مكتبه، أمس، أن ما تمر به البلاد من مصاعب «يتطلب من الجميع بذل وتكاثف كل الجهود من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار».
بدوره، عبر رئيس الأركان العامة الجديد عن اعتزامه العمل مع قيادات الجيش لتطوير القدرات، وبناء جيش ليبي موحد، يحمي الوطن ويؤمن حدوده، ويصون كرامة مواطنيه، كما أكد أهمية استيعاب التشكيلات المسلحة، وإتاحة الفرصة أمامها لخدمة بلدها من خلال المؤسسة العسكرية.
وبعدما تحدث عن استعداد الجيش لدعم مؤسسات وزارة الداخلية لاستتباب الأمن، أشار رئيس الأركان الجديد لأهمية التعاون والتنسيق مع دول الجوار لتأمين الحدود المشتركة، ومكافحة التنظيمات الإرهابية.
وكان الفريق الشريف قد تسلم مهام عمله رئيسا لأركان الجيش، كما تسلم الفريق جحا أيضا عمله معاونا له، وفقا لما أعلنه المكتب الإعلامي لرئاسة الأركان بالجيش الليبي.
وتفقد السراج أمس سير العمل في عدد من المرافق والمشروعات، التي يجري تنفيذها بمدينة طرابلس، حيث شملت جولته زيارة الأعمال الجارية لصيانة رصيف طريق الشط «الكورنيش»، كما تفقد الأعمال الجارية بفندق الشيراتون (بوابة الأندلس) واطلع على مراحل الإنجاز به.
في غضون ذلك، أطلع غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، السراج خلال اجتماعهما أمس بطرابلس، على نتائج مشاوراته في إطار جهوده لإنجاح المسار الديمقراطي، وبحثا مستجدات الوضع السياسي والأمني في البلاد. كما أجرى سلامة أمس اتصالاً بالأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، استعرض فيه آخر تطورات الأوضاع في ليبيا، والجهود المبذولة لدفع المسار السياسي، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية.
وقال السفير محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، إن أبو الغيط وسلامة اتفقا خلال الاتصال الهاتفي على أهمية مواصلة الجهود بغية توحيد الرؤى بين الأشقاء الليبيين حول الخطوات، والاستحقاقات المتبقية، وصولاً إلى تنظيم وإتمام الانتخابات التي يتطلع إليها الشعب الليبي.
وأضاف المتحدث أن أبو الغيط جدد بهذه المناسبة التزام الجامعة العربية الكامل بالاستمرار بمرافقة الأشقاء الليبيين في هذه المسيرة، ومواصلة تعاونها الوثيق مع الأمم المتحدة في هذا الاتجاه، بما في ذلك عمل المجموعة الرباعية، التي تجمعهما أيضاً مع الاتحادين الأوروبي والأفريقي، وهي المجموعة التي ستجتمع قريباً لبحث الدور المشترك، الذي يمكن أن تقوم به دعماً لجهود التسوية في البلاد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.