5 مليارات دولار عوائد سنوية متوقعة من مشروع توسيع قناة السويس

مصر تعلن فوز تحالف «دار الهندسة» بتنفيذ مخطط مشروع تنمية محور القناة

المجرى الملاحي الحالي  لقناة السويس يستوعب سنويا نحو 18 ألف سفينة ({الشرق الأوسط})
المجرى الملاحي الحالي لقناة السويس يستوعب سنويا نحو 18 ألف سفينة ({الشرق الأوسط})
TT

5 مليارات دولار عوائد سنوية متوقعة من مشروع توسيع قناة السويس

المجرى الملاحي الحالي  لقناة السويس يستوعب سنويا نحو 18 ألف سفينة ({الشرق الأوسط})
المجرى الملاحي الحالي لقناة السويس يستوعب سنويا نحو 18 ألف سفينة ({الشرق الأوسط})

قدر خبراء اقتصاد مصريون حجم الإيرادات الإضافية المتوقعة من وراء تنفيذ مشروع توسيع قناة السويس بنحو4.7 مليار دولار سنويا، تضاف غلى نحو 5 مليارات دولار هي الإيرادات المقدرة للقناة عن عام 2014، مرجحين أن ترتفع هذه العوائد إلى أكثر من ذلك في حال اكتمال المشاريع المرتبطة بالمشروع والتي منها تنمية 6 محافظات محيطة بالقناة.
وأكد صلاح الجندي، الخبير الاقتصادي، أن مشروع شق قناة محاذية للمجرى الملاحي الحالي بطول 72 كيلومترا، يعد من أهم المشروعات الاقتصادية، مشيرا إلى أنه سيزيد من جذب خطوط الملاحة العالمية إلى مصر.
وأضاف الجندي، أن قناة السويس تستوعب سنويا عبور نحو 18 ألف سفينة ومع تنفيذ مشروع القناة الموازية ستصبح القناة قادرة على استيعاب نحو 50 في المائة زيادة في إعداد السفن، وبالتالي ستتضاعف إيراداتها، مشيرا إلى أن قناة السويس لا يتعدى إيرادها السنوي حاليا 52 مليار جنيه، ومن المتوقع أن يزيد حجم إيرادها إلى 200 مليار جنيه.
وأشار إلى أن هذا المشروع يستهدف زيادة الدخل القومي للبلاد وضخ العملات الصعبة وتوفير ما يقرب من مليوني فرصة عمل للشباب، وذلك بإنشاء مدن صناعية على ضفاف القناة منها مصانع لتصنيع السفن وصيانتها وإقامة محطات لتموين السفن بالوقود وتقديم كل الخدمات وإنشاء مدارس وعيادات للأطباء وإنشاء مراكز تجارية سياحية.
وأكد الجندي أن إقامة هذا المشروع سوف يجعل من قناة السويس المعبر الملاحي الأهم تجاريا، لكل الدول ولحركة التجارة العالمية، واجتذاب المستثمرين في كافة دول العالم لاستثمار أموالهم في مصر.
وفي ذات السياق، قال الدكتور صلاح جودة، أستاذ في الاقتصاد، أن المشروع الجديد لقناة السويس، سيساهم في توفير نحو 4.7 مليار دولار للدولة سنويا لخزينة الدولة، مؤكدا أن المشروع سيساعد على توفير نحو مليوني فرصة عمل جديدة بعد الانتهاء منه، وذلك خلال سنة.
وأوضح أن الإيرادات المقدرة لقناة السويس للعام المالي 2014 - 2015، تقدر بنحو 5.2 مليار دولار، أي أن الزيادة التي ستلحق بهذا الرقم، عند إتمام المشروع ستصل إلى 4.7 مليار دولار، أي ما تعادل بنسبة 92 في المائة عند إتمام المشروع الجديد للقناة.
وأشار إلى أن الإيرادات المتوقعة لمشروع قناة السويس الجديدة ستصل إلى مليار دولار خلال 6 أشهر فقط، لحين استكمال المشروع بأكمله، منوها بأن ما يتم حفره في قناة السويس الآن، ما هو إلا توسعة جديدة لمرور السفن المحملة بالبضائع المارة على القناة.
وأكد جودة أن المشاريع ستعود أيضا بالنفع على عدد نحو 6 محافظات، بأكملها كنتيجة طبيعية لعمليات تنفيذ المشروع، حيث إن المشروع سيوفر مشاريع تنموية 6 محافظات، التالية أسماؤهم على النحو التالي شمال وجنوب وسط سيناء، بالإضافة إلى السويس والإسماعيلية وبورسعيد، وغيرها بقيمة تقديرية ستصل إلى 100 مليار دولار.
إلى ذلك أكد البيان الصادر عن البنوك المصرية أمس، أن الحكومة المصرية وهيئة قناة السويس وجدت أن آليات سبل تمويل المشروع الجديدة لقناة السويس الأنسب، هما شهادات الاستثمار والقروض المجمعة مع الجهاز المصرفي الوطني المصري، وخصوصا أن محور تنمية قناة السويس يتطلب عددا من المشروعات الكبرى والأساسية لتوسعة وتعميق المجرى الملاحي، وإنشاء عشرات الموانئ والمناطق الصناعية اللوجيستية بتكلفة تتراوح بين 58 و60 مليار جنيه.
وستطرح الحكومة المصرية شهادات استثمار في المرحلة الأولى تتيح الفرصة لكل مواطن مصري للمشاركة في تمويل مشروع قناة السويس الجديدة على أن تكون هذه الشهادات أداة لجذب رؤوس الأموال المستثمرة خارج الجهاز المصرفي من خلال العائد المرتفع المقرر للشهادات والمكانة العالية للمشروع ومخاطبته للحس الوطني لدى المصريين.
وتستعد البنوك المصرية الثلاثة وهي الأهلي ومصر والقاهرة لإصدار شهادات استثمار قناة السويس خلال الأيام المقبلة بفئات 10 جنيهات ومائة جنيه وألف جنيه للشهادة الواحدة، وسوف تكون مدة الشهادة 5 أعوام وبسعر فائدة 12 في المائة تصرف كل 3 أشهر وتستحق الفائدة ابتداء من أول يوم للشراء، وذلك لما أعلنته الحكومة المصرية بأنه سيتم تمويل مشروع قناة السويس الجديدة من خلال طرح شهادات باسم شهادة استثمار قناة السويس، وكذلك تدرس إمكانية إصدار شهادات استثمار باليورو والدولار استجابة لرغبات المصريين العاملين بالخارج.
وفي هذا الصدد، أكد هشام رامز، محافظ البنك المركزي، أن هذه الشهادات تتيح لصاحبها فرصة الاقتراض بضمانها من القطاع المصرفي، ووصف الفائدة المحددة لها بأنها الأعلى في السوق المصرية حاليا.
وأوضح رامز أنه يمكن مشاركة جميع فئات المجتمع في هذه الشهادات، نظرا لتخصيصها لتمويل مشروع تنمية قناة السويس الوطني العملاق، وأن الشهادات الجديدة ستصدر للأفراد والمؤسسات بضمان وزارة المالية، وسيصرف عائدها من إيرادات قناة السويس في العام الأول، وهي المدة المحددة لحفر قناة السويس الجديدة، ثم يصرف العائد بعد ذلك من التدفقات المالية لهيئة قناة السويس وعائد المشروعات التنموية التي ستقام على ضفتي القناة، وأن البنوك العامة سوف تساهم بدور كبير في تمويل قناة السويس الحديدة من خلال تكوين تحالف مصرفي يضم بنوكا عامة وخاصة مصرية لتمويل المشروع.
وهنا توقع هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي، إقبالا كبيرا على شراء الشهادات لتمتعها بحافزين؛ الحافز الأول لأنها تخصص لتمويل مشروع وطني ضخم يخاطب البعد الوطني، وخصوصا أن الرئيس السيسي قصر المساهمة في تمويل المشروع على المصريين لأهميته الاستراتيجية، والحافز الثاني يتعلق بالعائد المادي المرتفع، حيث تتيح للمدخر فيها 12 في المائة.
وأضاف: «البنوك العامة الثلاثة التي ستصدرها لديها فروع كثيرة منتشرة في مصر مما سيتيح لجميع المواطنين الادخار في هذه الشهادات».
وبين عكاشة أن البنك الأهلي لديه خبرة تصل إلى 50 عاما في إصدار الشهادات الاستثمارية، واستطاع أن يجتذب مائة مليار جنيه مدخرات في هذه الشهادات، لذلك البنوك لديها ودائع مصرفية ضخمة بلغت 1.3 تريليون جنيه حجم القروض الممنوحة منها 550 مليار جنيه فقط وحجم السيولة لديها كبير ويمكنها من الدخول في تحالف يضم البنوك العامة والخاصة لتمويل مشروع قناة السويس دون أي تخويف على مزاحمة ذلك على حجم السيولة وإقراض القطاع الخاص، وهذا يعني تفاؤلا بقدرة شهادات استثمار قناة السويس على اجتذاب مدخرات كبيرة.
وعن الجانب السلبي لطرح شهادات الاستثمار وفقا لتصريحات رئيس مجلس الوزراء المصري، فإن تمويل مشروع قناة السويس عن طريق شهادات الاستثمار وحدها يثير عدة مخاوف تتعلق بالتأثير السلبي على البورصة والبنوك ومعدلات الاستثمار والتوسع بالنسبة للشركات الخاصة، وخصوصا ارتفاع قيمة تمويل المشروع، والتي تتجاوز 60 مليار جنيه. ووفقا لما أكده محلب أنه من المتوقع بالنسبة للبورصة، أن تتأثر السيولة السوقية مع احتمالية سحب بعض المستثمرين أموالهم وتوجيهها لشراء شهادات استثمار في مشروع قناة السويس، ويرجع ذلك للفائدة الكبيرة 12 في المائة بالمخاطر القليلة بالمقارنة بتلك الموجودة في البورصة واتجاه عدد من المتعاملين في السوق إلى توجيه استثماراتهم إلى شراء شهادات استثمار في مشروع قناة السويس، حيث لا نتمكن من الحصول على أموال جديدة من المستثمرين لتنفيذ زيادات رأس المال تستخدم في توسعات جديدة، كما ستتأثر عمليات الطرح الجديدة في البورصة بعدم وجود أموال كافية لتغطية الطرح وسيحرم ذلك عددا من الشركات من التمويل اللازم.
وأكد رئيس الوزراء المصري أنه فيما يخص البنوك من المتوقع أن تتأثر السيولة في كثير من البنوك، وخصوصا مع احتمالية سحب بعض المودعين أموالهم لشراء شهادات استثمار في المشروع الجديد، وهو ما سيؤثر بدوره على السيولة المتوفرة لرجال الأعمال والشركات الراغبة في الحصول على التمويل اللازم لتوسعات أو مشروعات جديدة.
من ناحية اخرى أعلنت مصر اسم التحالف الاستشاري الفائز بتنفيذ المخطط العام لمشروع تنمية قناة السويس، وهو تحالف دار الهندسة (شاعر ومشاركوه) المسجلة بمملكة البحرين، بالتعاون مع دار الهندسة بمصر، والذي وقع الاختيار عليه من بين 13 تحالفا مصريا سحبت كراسة الشروط. وقال الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، إن «التحالف يتمتع بالخبرة والكفاءة العالية دوليا وحصل على الموافقات الأمنية اللازمة للعمل في المشروع، وإنه تم إرسال مسودة العقود المبرمة مع التحالف الفائز إلى مجلس الدولة وتم اعتمادها بالفعل».
وقناة السويس هي أهم ممر ملاحي عالمي يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ويعد من أهم مصادر الدخل القومي لمصر، حيث تبلغ إيراداته نحو خمسة مليارات دولار سنويا. وتعمل مصر حاليا على تدشين مشروع لتنمية ممر إقليم القناة لإقامة منطقة صناعية ومركز عالمي للإمداد والتموين، كما بدأت الشهر الحالي في مشروع آخر لحفر «قناة جديدة»، موازية للقناة الحالية، التي جرى حفرها قبل 145 عاما.
ومن المقرر أن يقوم التحالف الفائز بالانتهاء من إعداد المخطط العام لمشروع تنمية القناة خلال فترة من ستة إلى ثمانية شهور من تاريخ التعاقد، على أن يتضمن المخطط العام الأنشطة اللوجيستية والمشروعات الصناعية وأنشطة القيمة المضافة التي سيتم إقامتها بالقطبين الشمالي والجنوبي لقناة السويس، بالتعاون والتنسيق مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
وأوضح مميش، في مؤتمر صحافي عقده أمس بالإسماعيلية بحضور رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، أنه تقدم نحو 46 تحالفا لوضع المخطط العام، منها 39 تحالفا مطابقا لشروط التقييم، ثم تم وضع قائمة مختصرة تضم 14 تحالفا، 13 منها سحبت كراسة الشروط، مشيرا إلى أن تحالف دار الهندسة حصل على المركز الأول في تقييم المكتب الفرنسي بنسبة 86 في المائة.
ونوه مميش إلى أن التقييم جرى بسرية تامة لضمان الحيدة، وأنه جرى الاستعانة بالبنك الدولي لترشيح بيوت الخبرة العالمية المؤهلة لإجراء عملية التقييم للتحالفات، مؤكدا أن الهيئة حرصت على ألا يكون بيت الخبرة الذي سيقوم بالتقييم تربطه أي مصلحة بالتحالفات المتقدمة أو حتى أن يكون من نفس جنسياتها، مشيرا إلى أن الاستقرار على مكتب الخبرة الفرنسي لعدم وجود أي تحالف من جنسية فرنسية.
وقال إن «المشروع سيعمل على زيادة الدخل القومي من العملة الصعبة نتيجة الزيادة المتوقعة لدخل قناة السويس من زيادة معدلات مرور السفن بالمجرى الملاحي ارتباطا بالمشروع القومي وكذلك الزيادة المتوقعة للنقل البحري من وإلى مصر»، موضحا «سيكون هناك زيادة كبيرة في الحركة بشكل عام مما يؤدي إلى زيادة العملة الصعبة».
وتابع «المشروع سيحقق انطلاقة كبيرة لمصر من خلال إقامة مصانع لتجميع السيارات ومناطق لوجيستية وتصديرية، وأنشطة لها قيمة مضافة للاقتصاد القومي، بما يساهم في زيادة الدخل القومي من العملة الأجنبية بناء على توقعات الهيئة بزيادة حركة التجارة العالمية». وأضاف أن الحكومة تعد مشروع حفر وتعميق قناة السويس ومشروع تنمية محور القناة «الحلم المصري العظيم»، مشيرا إلى أنه سيجري توحيد التشريعات الاقتصادية المنظمة للمنطقة للتسهيل على المستثمرين، وأن المشروع يستهدف جذب استثمارات من العرب والأجانب والمصريين، مشيرا إلى أن مشروع الحفر فقط سيجري تمويله من مصادر تمويل وطنية باعتباره مشروعا وطنيا. وقال مميش إن «مشروعات تنمية قناة السويس ستكون متاحة أمام التمويل العربي والأجنبي ورجال الأعمال المصريين ومؤسسات التمويل الدولية».
من جانبه، قال يحيى زكي، ممثل تحالف دار الهندسة الفائز، إن «التحالف الفائز مكون من مجموعة دار الهندسة العالمية بالتحالف مع دار الهندسة - مصر»، مشيرا إلى أن التحالف يستعين بمجموعة من المكاتب الاستشارية في بعض المجالات التي يحتاجها المشروع، من بينها مكتب هاني سري للاستشارات القانونية والأمور القضائية، و«إرنست أنديونغ»، وشركة يابانية للاستفادة من خبراتها في الصناعة والتصدير، وشركة «CID» للعلاقات العامة والإعلام.
وأوضح زكي أن الشركة تأسست في عام 1956 وقدمت خدماتها حتى نهاية العام الماضي لنحو 850 عميلا في 60 دولة، وأن إجمالي تكلفة إنشاء المشروعات التي عملت بها تصل إلى 290 مليار دولار، مضيفا أن الشركة لديها 15 ألف موظف يعملون في 193 مكتبا في 100 دولة.
وعقب مراسم توقيع عقود الاستشارات الفنية وتقديم الخبرات بين كل من هيئة قناة السويس والتحالف الفائز بتقديم الخبرات للمشروع من جانب والهيئة والبنك الدولي من جانب آخر، قال إبراهيم محلب رئيس الوزراء، ورئيس اللجنة الوزارية لمشروع تنمية القناة، «الشعب له إرادة وسيحقق المعجزات».
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه «حضر اجتماعا مع رئيس الجمهورية أول من أمس حول خطة واضحة تفصيلية لكل شبر من أرض مصر، مما أدى لتحويل الآلام إلى آمال، مع شعب واثق في نفسه ومصمم على النجاح فالمرحلة الحالية ليس بها رفاهية في أي شيء ولكن لدينا إيمان بالله، وإصرار على النجاح، فمشروع اليوم يوفر مليون فرصة عمل، فضلا عن التعليم الصناعي والفني والذي يعد طوق النجاة للقضاء على البطالة، وعلينا واجب مهم العمل ليلا ونهارا».
وأعرب محلب عن فخره بمشروع حفر قناة السويس الجديدة والمكان الموجود به، وقال إنه «يفتخر كمواطن مصري بالمساهمة في بناء البلد، وفخور بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة للانتهاء من المشروعات قبل المواعيد المحددة»، وأضاف أنه «يأمل في العمل بهذا المشروع كمهندس بلا أجر لمدة 24 ساعة، وإنه سينفذ هذا الأمل، حتى يتحدث لأحفاده عن أنه شارك في حفر القناة».
في السياق ذاته، قال اللواء أركان حرب كامل الوزيري، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، إنه «جرى تقسيم مشروع حفر قناة السويس الجديدة إلى ثلاثة قطاعات وتعمل 50 شركة بها، وجرى اتخاذ الاحتياطات بكتائب من المهندسين بالقوات المسلحة لتأمين المنطقة من القنابل والألغام من جراء الحروب».
وأشار خلال عرضه الموقف الحالي لمشروع حفر قناة السويس الجديدة، إلى أنه سيجري الانتهاء من حفر القناة خلال 11 شهرا من بدء العمل والشهر الباقي سيكون لاختبار الجودة، واعدا الشعب المصري بمرور أول سفينة بقناة السويس الجديدة بعد عام من بدء الحفر.
من جهته، حث الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية المصريين على المشاركة بقوة في مشروع محور قناة السويس الجديد. وقال المفتي في بيان له أمس إن «شراء المصريين لشهادات الاستثمار لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة (جائز) شرعا»، لافتا إلى أن هذا الرأي استقرت عليه دار الإفتاء المصرية منذ عقود، واصفا المشاركة في دعم مشروع قناة السويس بأنه «واجب وطني». وأعلنت الحكومة أنها ستطرح «شهادات استثمار قناة السويس» بالجنيه المصري فئات 10 و100 و1000 جنيه بسعر فائدة سنوي 12 في المائة، لمدة خمس سنوات، على أن يجري صرف العائد كل ثلاثة شهور، وذلك لتمويل حفر تفريعة جديدة للقناة وتوسعة وتعميق المجرى الموجود، كما سيجري طرح شهادات بالدولار فئة 1000 دولار ومضاعفاتها للمصريين في الداخل والخارج بسعر فائدة ثلاثة في المائة.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».