البنوك السعودية تشرع في تجميد حسابات العمالة ذات الدخل غير المتناسب مع أجورها

للحد من التستر التجاري وغسل الأموال

تشير الدراسات إلى أن 60% من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها («الشرق الأوسط»)
تشير الدراسات إلى أن 60% من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها («الشرق الأوسط»)
TT

البنوك السعودية تشرع في تجميد حسابات العمالة ذات الدخل غير المتناسب مع أجورها

تشير الدراسات إلى أن 60% من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها («الشرق الأوسط»)
تشير الدراسات إلى أن 60% من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها («الشرق الأوسط»)

باشرت البنوك العاملة في السعودية تجميد حسابات العمالة الوافدة التي تفوق تعاملاتها المالية قيمة الأجور السائدة للمهن التي تمتهنها في البلاد.
وخاطبت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» جميع البنوك العاملة في السعودية، سواء المحلية منها أو الأجنبية، بتنفيذ التعليمات الواردة إلى المؤسسة، وهي التعليمات التي تقضي بتجميد حسابات العمالة الوافدة التي لا يتناسب دخلها الفعلي مع دخل المهن التي تعمل فيها.
وتأتي هذه الخطوة من قبل مؤسسة النقد السعودي تنفيذا للتوجيهات الصادرة من مجلس الوزراء السعودي الذي ألزم المؤسسة برصد حركة الحسابات البنكية للعمالة الأجنبية، وإبلاغ وزارة التجارة عن الحسابات التي لا تتوافق حركة التدفق المالي فيها مع الدخل الذي يجنيه أصحاب هذه الحسابات من المهن التي يمتهنونها.
في هذا الخصوص، عد عصام خليفة، عضو جمعية الاقتصاد السعودية، ظاهرة التستر التجاري من الجرائم الاقتصادية، كونها أحد مكونات الاقتصاد الخفي التي تتنامى بالتزامن مع التوسع في النشاط الاقتصادي والتجاري والخدمي واتساع النطاق العمراني.
وبيّن خليفة لـ«الشرق الأوسط» أن من آثار التستر التجاري إلحاق أضرار واسعة بالقطاعين الخاص والعام، وبالشباب الذي يبحث عن فرص عمل هنا وهناك ولم يجدها، وتشويه البيانات والمعلومات، وارتفاع المستوى العام للأسعار، وارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين، وكذلك تكدس الأسواق بالسلع والمنتجات المقلدة والرخيصة والرديئة، وارتفاع إيجارات الوحدات السكنية، خاصة القديمة والمهجورة.
وقال إنه «رغم صدور فتوى حرمت التستر بمختلف أشكاله، إضافة إلى العقوبات القوية، فإن هذه التجاوزات ما زالت مستمرة، وتفشت في القطاع التجاري والأعمال الخدمية، وظهرت مساوئها حاليا، وستظهر بدرجة أشد في السنوات المقبلة».
ولفت إلى أن الإحصائيات الرسمية قدرت قيمة تحويل العمالة الأجنبية سنويا من السعودية إلى الخارج، بأكثر من 110 مليارات ريال (29.3 مليار دولار)، متسائلا عن الأموال التي تخرج بطرق غير نظامية والتي تقدر غالبا بمليارات الريالات سنويا.
وبحسب عضو جمعية الاقتصاد السعودية، فقد تجاوز الحجم التقديري للتستر التجاري في السعودية نحو 236.5 مليار ريال (63 مليار دولار)، أي نحو 17 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما يجري سنويا ضبط أكثر من ألف حالة تستر تجاري، ومعظم هذه الحالات تكون في مجال البناء والمقاولات بنسبة 40 في المائة، تليها حالات السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية بنسبة 35 في المائة، ثم أعمال المهن المختلفة. وتتوزع أكبر نسبة من العمالة المشتبه بها في ممارسة التستر التجاري بين العمالة الآسيوية المتمثلة في الجنسية البنغالية والهندية والباكستانية بنسبة 70 في المائة، ثم تليها العمالة العربية المتمثلة في الجنسيات اليمنية والمصرية والسورية.
وقال إن البلاد تكاد تغرق بالتستر، مشيرا إلى أن فئة من الوافدين امتصت أموال البلاد حتى العظم، حيث تسيطر على أكثر من 90 في المائة من تجارة التجزئة، مثل: المواد الغذائية والملابس والخردوات، والأعمال الخدمية، مثل: ورش الصيانة والمطاعم والحلاقة وغسل الملابس، وهذا ما يفسر حجم التحويلات المخيف من الأموال إلى الخارج.
وتشير الدراسات إلى أن 60 في المائة من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها، تليها الحوالات إلى الدول العربية والأفريقية التي تمثل 30 في المائة، بينما تقدر الحوالات إلى أوروبا 15 في المائة، وهنا يرى عصام خليفة أنه كلما ازدادت أعداد العمالة الوافدة، خاصة الآسيوية، ازداد حجم التحويلات للخارج، ما يضاعف من الآثار السلبية لاقتصاد الدولة.
وفسر طلب مؤسسة النقد تجميد حسابات العمالة الوافدة التي تفوق تعاملاتها المالية قيمة الأجور السائدة للمهن التي تمتهنها في البلاد؛ بأنه يستهدف الحد من حالات التستر.
وهنا شدد خليفة على أن هذه الخطوة لوحدها لا تكفي للحد من ظاهرة التستر التجاري، بل يجب على وزارة التجارة أن تكمل خطوات مؤسسة النقد وتعترف بالمشكلة وأنها مشكلة حقيقية وخطيرة ووطنية لها أضرارها وسلبياتها على الوطن والمجتمع، واتخاذ قرارات قوية أسوة بمؤسسة النقد ووزارة العمل للحد من التستر التجاري، إضافة إلى الابتعاد عن الأنظمة الروتينية والبيروقراطية التي أسهمت لحد كبير في انتشار هذه الظاهرة، وعدم حصر العقوبات على الجانب المادي فقط، بل التدرج في مراحلها بين الجانب المادي ووقف النشاط، مطالبا بالتدرج في مراحل العقوبة وصولا إلى حد السجن والتشهير وإنهاء النشاط الذي يمارسه المتستر.
من جهة أخرى، رأى فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي، أن قضية التستر من القضايا المتشعبة التي تحتاج إلى جهود متضافرة من جهات رسمية مختلفة للقضاء عليها.
وقال «إن التستر يعني قبول الكفيل ممارسة الوافد التجارة بطريقة مخالفة للقانون، مقابل توفير كامل الدعم والمساندة لإنجاح عملية التستر، ومنها العمل وفتح الحساب باسم الكفيل، وإدارة المشروع والتدفقات المالية الداخلة والخارجة باسمه أيضا».
وذهب إلى أن ذلك يعني صعوبة اكتشاف العملية من خلال القطاع المصرفي بصفة مستقلة، بل هو في حاجة ماسة إلى جهود وزارتي الداخلية والتجارة.
وعن التستر البدائي أو ما يطلق عليه مصطلح «الكفالة»، رأى البوعينين أن قرار متابعة الأرصدة سيساعد على الحد منه، لكن لن ينهيه، على أساس أن العمالة تعتمد في إدارة شؤونها المالية على مصادر مستقلة عن المصارف، ومنها الأفراد الذين يقومون بتقديم الخدمات المصرفية من التحويل والإيداع والاستثمار أيضا، وهذه ظاهرة منتشرة في السوق السعودية.
وبيّن لـ«الشرق الأوسط» أن الاستثمار الأجنبي أصبح مرتبطا بالمشاريع النوعية ذات رؤوس الأموال الكبيرة، ومن ثم فهذه الإجراءات قد لا تؤثر سلبا أو إيجابا على الاستثمار الأجنبي النوعي، بقدر تأثيرها على المنشآت الصغيرة التي تسيطر عليها العمالة الوافدة بنظام التستر.
وتوقع أن يكون التأثير الأكبر في ضبط القنوات المصرفية من تمرير الأموال الناتجة عن أنشطة غير نظامية، ومنها التستر، وهذا أمر غاية في الأهمية، شريطة أن تكون المصارف فاعلة في هذا الجانب.
وعد الخبير الاقتصادي أن مراكز الحوالات السريعة هي الأكثر اختراقا من قبل العمالة الوافدة التي تحول مبالغ تفوق بكثير دخلها المعلن، ما يعني حصولها على موارد مالية من مصادر أخرى غير التي استقدمت عليها.
وقال «أعتقد أن العمالة الوافدة باتت على دراية كافية بالأنظمة، وأصبحت لديها خبرات واسعة في الالتفاف عليها، كما أنها تحظى ببعض الدعم مدفوع الأجر من ضعاف النفوس الذين يقومون بالتحويل بأسمائهم نيابة عن المخالفين، وهذا أمر غاية في الخطورة، ويعد من يقوم به مخالفا لأنظمة وقوانين غسل الأموال، وعلى الرغم من التوجهات الرسمية أعتقد أن القطاع المصرفي ما زال ضعيفا في الرقابة على أموال الوافدين وحوالاتهم، وهذا أمر يمكن تداركه بالرقابة الصارمة والمتابعة الدقيقة والبيانات الإحصائية الإلكترونية ذات العلاقة بالدخل والإنفاق المالي والحوالات بشكل عام».



الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)
TT

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، المهندس صالح الجاسر، تسجيل قطاع الطيران نمواً استثنائياً خلال عام 2024، حيث ارتفعت أعداد المسافرين بنسبة 15 في المائة، لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر، بزيادة نحو 24 في المائة على مستويات ما قبل الجائحة، فيما زادت أعداد الرحلات الجوية بنسبة 11 في المائة، إلى أكثر من 902 ألف رحلة.

وأضاف الجاسر خلال الاجتماع الـ15 للجنة التوجيهية لتفعيل الاستراتيجية الوطنية لقطاع الطيران، المُنعقد في الرياض، الخميس، أن نطاق الربط الجوي شهد زيادة بنسبة 16 في المائة، حيث أصبحت المملكة مرتبطة بـ172 وجهة حول العالم تنطلق منها الرحلات وإليها، وسجل الشحن الجوي نمواً استثنائياً بنسبة 34 في المائة؛ ليصل لأول مرة إلى أكثر من مليون طن خلال عام 2024.

من جانبه، بين رئيس هيئة الطيران المدني، عبد العزيز الدعيلج، أن النجاح الذي تحقق خلال العام الماضي يعود إلى الجهود التكاملية لجميع العاملين في القطاع، مشيراً إلى أن الطيران المدني السعودي حقق نمواً قياسياً خلال عامي 2023 و2024، بعد إحرازه قفزات كبيرة في الربط الجوي وأعداد المسافرين وخدمات الشحن الجوي.

وقال: «إن هذا التقدم يعكس التزام منظومة الطيران السعودي بتحقيق مستهدفات (رؤية 2030) في قطاع الطيران، من خلال الاستراتيجية الوطنية للطيران المنبثقة عن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية».

ولفت الدعيلج النظر إلى أن قطاع الطيران حقق منجزات استثنائية غير مسبوقة منذ اعتماد مجلس الوزراء الاستراتيجية الوطنية للطيران قبل أربع سنوات، التي كانت بمنزلة محرك للتحول؛ حيث ساهمت في تعزيز النمو والابتكار؛ لتواصل ريادتها العالمية.

رئيس هيئة الطيران المدني عبد العزيز الدعيلج (واس)

وقد شهد قطاع الطيران المدني في المملكة تقدماً ملحوظاً منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للطيران قبل أربع سنوات، بما في ذلك خصخصة المطارات ونقل تبعيتها إلى شركة «مطارات القابضة»، وتأسيس شركة «طيران الرياض»، وإطلاق المخطط الرئيسي لمطار الملك سلمان الدولي والمخطط العام لمطار أبها الدولي الجديد، وتدشين المنطقة اللوجيستية المتكاملة في مدينة الرياض التي تعد أول منطقة لوجيستية خاصة متكاملة في المملكة، واستقطاب كبرى الشركات العالمية في المنطقة ومنحها تراخيص الأعمال التجارية في المنطقة.

كما جرى إطلاق لائحة جديدة لحقوق المسافرين، وإجراء أكبر إصلاح تنظيمي في اللوائح الاقتصادية لقطاع الطيران خلال 15 عاماً، وإطلاق برنامج الاستدامة البيئية للطيران المدني السعودي وتفعيله، مع إطلاق خريطتي طريق التنقل الجوي المتقدم والطيران العام.

وحققت المملكة نسبة 94.4 في المائة في تدقيق أمن الطيران؛ لتحتل بذلك المركز السابع على مستوى دول مجموعة العشرين، في مجال قطاع أمن الطيران، وتحقيقها المرتبتين الـ18 والـ13 في معدل الربط الجوي الدولي خلال العامين السابقين، مقارنة بعام 2018، حيث كانت في المرتبة الـ27؛ وذلك وفقاً لتقرير مؤشر الربط الجوي الصادر عن اتحاد النقل الجوي الدولي (أياتا).

وكان الاجتماع الخامس عشر للجنة التوجيهية لتفعيل الاستراتيجية الوطنية للطيران، قد شهد حضور عدد من قادة قطاعي الرياضة والسياحة في المملكة، من بينهم الفريق المسؤول عن ترشيح المملكة لاستضافة كأس العالم، لمناقشة دور قطاع الطيران المدني في الاستعداد لاستضافة المملكة لبطولة عام 2034، وغيرها من الأحداث العالمية الكبرى التي ستقام في المملكة خلال العقد المقبل.