تشاؤم أوروبي حيال التزام لبنان بوعوده تجاه النازحين

TT

تشاؤم أوروبي حيال التزام لبنان بوعوده تجاه النازحين

حملت الجهات اللبنانية المتمثلة بالوزارات والمنظمات المحلية مطالب عدّة إلى مؤتمر بروكسل تتعلق بقضية النازحين وتقديم المساعدات لهم. وكان لافتا ما نقله المشاركون في اللقاءات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي عن استبعاد عودة اللاجئين السوريين في المدى المنظور وبالتالي سيكون التركيز على تقديم المساعدات للاجئين في أماكن وجودهم.
ويتوقع أن يلقي رئيس الحكومة سعد الحريري كلمة لبنان في المؤتمر اليوم الخميس، منطلقا من البيان الوزاري، وسجّلت أمس لقاءات بين وزيري التربية والشؤون الاجتماعية، أكرم شهيب وريشار قيومجيان، والمنظمات اللبنانية والعاملة في لبنان وباحثين مع ممثلين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وانطلاقا من اللقاءات والاجتماعات التي عقدتها المنظمات والجهات اللبنانية في بروكسل قبيل موعد المؤتمر، يلفت الدكتور ناصر ياسين، مدير البحوث في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، الذي يشارك في عدد من اللقاءات في بروكسل، إلى أن ما يمكن استنتاجه من ممثلي الاتحاد الأوروبي أنه لا بوادر لحل «مستدام» للأزمة السورية، والأوروبيون لن ينفتحوا على النظام السوري، أقله في المدى المنظور، وبالتالي لا عودة قريبة للنازحين السوريين إلى بلادهم، على الأقل بين عامي 2019 و2020. وهو ما يجعلهم يؤكدون أهمية احترام لبنان لوعوده لصالح تقديم الدعم للاجئين بعدما تبيّن عدم التزامه بكثير منها في السنتين الماضيتين.
وفي حين يشير ياسين إلى التزام بدعم لبنان من قبل الجهات المانحة، يؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تشديدا على دور الحكومة الجديدة بالبدء بإصلاحات جدية، ولكن الصورة عند المسؤولين الأوروبيين أن هذا لم يحصل حتى الآن. وهذا التشاؤم في النظرة تجاه قدرة لبنان على القيام بالإصلاحات ينطلق من تجارب بروكسل السابقة كما من قضايا أخرى مرتبطة بالإصلاحات وغيرها التي كان قد دعا إليها «مؤتمر سيدر»، ويوضح أن «الربط بين بروكسل وسيدر هو في أن قضايا المؤتمرين تتعلق بهيكلية الاقتصاد اللبناني وطريقة إدارته خاصة أن الإصلاحات المطلوبة مرتبطة بالبنى التحتية وقطاعات أخرى لا تتعلق فقط بالنازحين».
ويشير ياسين إلى أن من أهم الالتزامات التي لم ينفذها لبنان حتى الآن، وهو الذي يحصل على أكبر جزء من المساعدات بين دول اللجوء، التي تقدر الآن بمليار و200 مليون دولار، هي تلك المتمثلة بإجراءات إقامة اللاجئين على أراضيه، بحيث لا يزال نحو 73 في المائة منهم من دون إقامة، وذلك نتيجة بعض الإجراءات المعقدة حينا وعدم توفر المبالغ المطلوب دفعها للحصول عليها حينا آخر، وهي ترتبط بشكل أو بآخر بعدم وضوح الآلية المتبعة مع هؤلاء اللاجئين. من جهة أخرى، يشدّد المانحون على أهمية تأمين متطلبات العيش اللازمة للاجئين في لبنان، والتأكد من أن المساعدات تصل إلى مستحقيها خاصة في الصحة والتعليم حيث لا يزال 46 في المائة من الأطفال اللاجئين خارج المدارس، وتعزيز العيش عبر خلق فرص عمل تخفّف عنهم وعن المجتمعات المضيفة الأعباء التي يعانون منها.
ويطالب لبنان في بروكسل بمساعدات تقدّر بنحو ملياري ونصف المليار دولار، على أن تكون طويلة الأمد، لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة وهي تشمل قطاعات عدة، أهمها التعليم والصحة. وطالبت المنظمات اللبنانية أن تكون هناك مرونة بالتمويل لجهة إعطاء فرص أكبر للمنظمات اللبنانية بعدما كانت مشاركتها محددة بـ25 في المائة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.