تراجع الجدل بين الديمقراطيين حول رفض بيلوسي عزل ترمب

أثارت تصريحات رئيسة مجلس النواب الأميركي الديمقراطية، نانسي بيلوسي، عن معارضتها إطلاق إجراءات لعزل الرئيس دونالد ترمب، انقساماً في صفوف الحزب الديمقراطي، بين مؤيد ومعارض في ظل تخوف من انعكاسات هذه العملية على وضع الحزب والبلاد.
وعقد الديمقراطيون في الكونغرس اجتماعاً صباح الثلاثاء لمناقشة تصريحات بيلوسي لصحيفة «واشنطن بوست»، التي قالت فيها: إنه لا يتعين الإقدام على أي محاولة لعزل الرئيس؛ لأنه لا يستحق المحاولة، ما لم تكن الأسباب ملحّة، وبتأييد من الحزبين؛ لأن ذلك سيؤدي إلى انقسام شديد في البلاد.
ورغم التصريحات المتضاربة، بدا أن العاصفة داخل الحزب الديمقراطي في طريقها للانحسار في ظل تراجع حدة التصريحات بين التيارات المتباينة. وأكد الكثير منهم أنهم ليسوا غاضبين من بيلوسي، وأن النقاش ضروري حول هذه القضية.
وأيّد معظم رؤساء اللجان البارزة في مجلس النواب والأعضاء الديمقراطيون «المعتدلون» تصريحاتها، في حين عبّر أعضاء الحزب الأكثر راديكالية عن معارضتهم قائلين: إن عملية العزل لا تستهدف ترمب كشخص، لكنها تدافع عن الدستور.
وكانت بيلوسي قد أعلنت أن القيام بإجراءات العزل في ظل عدم تمكن الحزب الديمقراطي من الحصول على دعم القاعدة المؤيدة لترمب، وعلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، لن يؤدي إلا إلى زيادة الانقسام بين الأميركيين.
وذكّرت بيلوسي بالأجواء التي رافقت محاولة عملية عزل الرئيس الأسبق بيل كلينتون، قائلة: إن القيام بالأمر نفسه قد يؤدي إلى منح ترمب فرصة لتعزيز شعبيته في أوساط قاعدته. وعبّر رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف عن معارضته لإجراءات العزل، قائلاً: إن الأمر يحتاج إلى أدلة دامغة قبل المضي في هذه العملية.
كما أعلن رئيس لجنة الإصلاح والرقابة في المجلس، إيليا كامينغز، أن عزل الرئيس «عملية سياسية لا تحظى حتى الآن بموافقة الحزبين، في ظل تأييد نحو 40 في المائة من الأميركيين للرئيس. لذلك؛ فمن السابق لأوانه المضي في هذه العملية الآن».
في المقابل، أعلن عدد من النواب المحسوبين على ما يوصف بالتيار التقدمي في الحزب الديمقراطي، تأييدهم البدء في إجراءات عزل الرئيس، من بينهم النائبتان إلهان عمر ورشيدة طليب. وقالت عمر: إنه إذا كانت التقارير تشير إلى أن ذلك أصبح أمراً ضرورياً، فعلينا أن نحافظ على قَسَمِنا والمضي في المساءلة.
ووافقتها طليب قائلة، إنها تعبر عن رأي ناخبيها الذين يؤيدون العزل، علماً بأن أول تصريح أدلت به طليب بعد تسلمها منصبها النيابي دعت فيه إلى المباشرة بعزل ترمب. لكنها شددت، على أنها لا تعارض ما أدلت به بيلوسي من تصريحات، وأنها ليست غاضبة منها.
النائبة براميلا جايابال قالت: إن الناخبين غاضبون مما يحدث في البيت الأبيض، وإن الكونغرس قطع «التزاماً لمعرفة ما إذا كان هناك نمط ثابت لإساءة استخدام السلطة وعرقلة العدالة» من طرف الرئيس.
وفي حين تخشى بيلوسي أن تؤدّي الدعوة لعزل الرئيس والمضي في إجراءاتها إلى تعريض الحزب الديمقراطي لخسائر سياسية خلال حملة 2020، ما لم تكن الأدلة كافية وتتمتع بحد أدنى من التوافق مع أعضاء آخرين من الجمهوريين، إلا أنها لا تعارض التحقيقات التي بدأتها لجان نيابية عدة ضد مؤسسات ترمب وأنشطتها، فضلاً عن التحقيقات المرتبطة بوضعه المالي وقضية ضرائبه، وحتى أدوار عدد من مساعديه.
وتعتقد أوساط واسعة في الحزب الديمقراطي ممن يعارضون تعريض البلاد إلى انقسام سياسي شديد على خلفية عملية العزل، بأن هزيمة ترمب في الانتخابات المقبلة ممكنة بدلاً من عزله، وأن الأجواء مناسبة للفوز في هذا السباق.
وتضيف تلك الأوساط بأن التحقيقات التي يجريها المحقق روبرت مولر في قضية ملف التدخل الروسي المفترض في انتخابات عام 2016، يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في تحسين فرصهم للفوز عام 2020. وإضافة إلى الملف الروسي، يحقق مولر فيما إذا كان ترمب حاول عرقلة التحقيق، الأمر الذي ينفيه ترمب، ووصف التحقيق بأنه حملة اضطهاد. ومن المنتظر أن يرسل مولر في وقت قريب تقريراً يشمل النتائج التي توصل لها إلى وزير العدل ويليام بار. وقد يسعى الكونغرس للتحرك ضد الرئيس إذا ثبت ارتكابه مخالفات.