كان خبر وفاة أحد الرجال المسافرين في كابينة الدرجة الثانية بسبب التخثر الشديد في أوعيته الدموية، هو ناقوس الخطر الذي جذب الأنظار إلى العوارض المرضية التي يشكو منها كثير من المسافرين في الرحلات الطويلة (أكثر من 8 ساعات)، والتي بدأ الأطباء في ملاحظتها منذ عام 1968، وأطلقوا عليها في ذلك الوقت اسم «أعراض كابينة الدرجة الثانية» التي سُميت لاحقاً (DVT) (Deep vein thrombosis) فهل إن أعراض تخثر الدم أثناء السفر مرتبطة حقاً بنوع المقعد والكابينة التي يختارها المسافر في داخل الطائرة؟
- اجلس حيث تشاء
أعراض تخثر الدم «DVT» لدى بعض المسافرين لا علاقة لها بنوعية المكان الذي يُخصص لهم في الطائرة، كما يؤكد الأطباء، وإنما يعود السبب الرئيسي إلى خلل جيني يعاني منه البعض ويرثونه عن الأهل، إضافة إلى أسباب ثانوية أخرى لا علاقة لها بالوراثة. وقد أثبتت الدراسات أن واحداً من كل عشرين بريطانياً يحمل هذا الخلل الجيني، وأن 5 في المائة من القوقازيين و1.2 في المائة من الأميركيين من أصل أفريقي يحملونه أيضاً، لكن كثيراً من هؤلاء يجهلون ما يعانون منه، وتكون الطائرة فرصة ملائمة لظهور الأعراض، وبخاصة مع قلة الحركة وعدم شرب الكمية الكافية من الماء وتلوث الهواء وركوده داخل الكابينة. وتشير الإحصائيات البريطانية إلى أن ما لا يقل عن خمسة عشر من المصابين بالخلل الجيني يصعدون في كل رحلة تقوم بها طائرة الجامبو العملاقة، وهذا ما يفسر ظهور أعراض مرض تخثر الدم بين بعض الركاب، علماً بأن هذه الأعراض يمكن أن تصيب المسافر في رحلات القطارات وحافلات النقل التي تقطع مسافات بعيدة، ولا يقتصر الأمر على الرحلات الجوية فقط.
- أعراض تخثر الدم DVT
من أهم أعراضه، تورم وألم واحمرار في أحد الساقين، وبخاصة في المنطقة الخلفية من تحت الركبة، وهذه الأعراض تختلف عن التورم في الركبتين بعد الرحلات الطويلة المرهقة، التي عادة ما تصيب الساقين معا في حين لا يصيب تخثر الدم إلا ساقاً واحدة. ويمكن أن يشعر المسافر بهذه الأعراض خلال الرحلة أو بعد ساعات أو أيام من الوصول إلى وجهته، وتزداد حدة الألم عند رفع الساق عالياً باتجاه الركبة، وقد يواجه المصاب ضيقاً مفاجئاً في الصدر ومشكلات في التنفس، وإن كان هذا الأمر قليل الحدوث.
- من هو المعرض للإصابة بتخثر الدم؟
إضافة إلى المصاب بالخلل الجيني، فإن المسافر فوق سن الأربعين، والمرأة الحامل، والمسافر الذي يشكو من زيادة في الوزن، وأيضاً المسافر الذي يجلس قرب النافذة (نظراً لمحدودية حركته)، معرّضين أكثر لتخثر الدم، وإن كانت احتمالية الإصابة ليست بالواردة جداً كما هو الحال مع المصاب بالخلل الجيني.
- وصايا عامة... السلامة أولاً
> لا تغفُ في الطائرة لفترة طويلة، واكتفِ بقيلولة صغيرة (يمكن أن تطلب من المُضيفة أن توقظك بعد دقائق).
> لا تتناول حبوباً منومة.
> اخلع الحذاء والبس جوارب الطائرة الخاصة (متوافرة في الصيدليات، ويمكن أن تطلبها من مضيفة الطائرة بعد أن تشرح لها الأمر).
> امشِ على طول الطائرة على قدر المستطاع، وكرر ذلك كل ساعتين.
أما إذا كنت ممن يعانون من الخلل الجيني، أو خضعت مؤخراً لعملية جراحية، أو تشكو من مرض في القلب، أو أصبت بجلطة قلبية سابقة، فإن احتمالية تعرضك لتخثر الدم الشديد DVT تزداد بنسبة أكبر من السابق بكثير، وعليك أن:
> تستشير طبيبك وتأخذ رأيه الطبي في الرحلة التي تقوم بها.
> تتناول 75 ميلغراماً من الأسبرين قبل إقلاع الطائرة، لكن عليك أن تستشير طبيبك أولاً.
> تتمشى في كل مساحة خالية في الطائرة على قدر المستطاع، وكرر ذلك كل ساعة.
> البس جوارب خاصة بالطائرة ولا تضغط على منطقة الكاحل. ويمكنك أيضاً الاستعانة بوسادة هوائية خاصة بالقدم يمكن شراؤها من الصيدلية، وهي تفيدك في تحريك ساقيك وكأنك تمشي، وبذا تغنيك عن الحركة خارج كابينتك.
وسواء كنت معرّضاً للإصابة بتخثر الدم الشديد أم لا، نقدم لك هذه النصائح العامة التي تفيد كل المسافرين في رحلات المسافات الطويلة:
> تجنب المشروبات التي تحوي على الكافيين؛ لأنها تؤدي إلى جفاف الجسم.
> تناول الماء بكثرة، واطلب المشروبات الخفيفة مثل عصير الفواكه أو الطماطم والجزر.
> امتنع عن تناول الحبوب المنومة أو المهدئة التي تقودك إلى النوم العميق.
> اجلس بطريقة مريحة في مقعدك.
> لا تصالب ساقيك، واضغط كعبَي قدميك على أرضية الطائرة (بعد أن تخلع الحذاء).
> تنفس بعمق من فترة إلى أخرى؛ كي تنشط دورتك الدموية.