خبراء: الاندماج المصرفي الخليجي بات ضرورة لا ترفاً

يمنح البنوك الحجم التنافسي المطلوب بالسوق العالمية

بنك أبوظبي الأول يعد أحد نماذج الاندماجات القوية في قطاع المصارف الخليجية
بنك أبوظبي الأول يعد أحد نماذج الاندماجات القوية في قطاع المصارف الخليجية
TT

خبراء: الاندماج المصرفي الخليجي بات ضرورة لا ترفاً

بنك أبوظبي الأول يعد أحد نماذج الاندماجات القوية في قطاع المصارف الخليجية
بنك أبوظبي الأول يعد أحد نماذج الاندماجات القوية في قطاع المصارف الخليجية

نظم المركز المالي الكويتي (المركز) ندوة بعنوان «صفقات الاندماج والاستحواذ في القطاع المصرفي الخليجي». وقدم الندوة إم آر راغو، نائب الرئيس التنفيذي في إدارة الأبحاث المنشورة في «المركز» والمدير العام لشركة «مارمور مينا إنتليجنس»، حيث تناول أهم عمليات الاندماج التي تميز القطاع المصرفي بدول مجلس التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة.
وقال راغو: «يشهد القطاع المصرفي بدول مجلس التعاون الخليجي في الفترة الحالية مجموعة كبيرة من صفقات الاندماج والاستحواذ بين كياناته، وهنا يأتي دور الأبحاث في تقديم تحليلات عميقة واستعراض مفصل لصفقات اندماج سابقة شهدها القطاع المصرفي الخليجي. وتعد صفقات الاندماج إحدى الاستراتيجيات التي تعتمدها الشركات والمؤسسات على نطاق واسع في سبيلها نحو تحقيق مزيد من النمو. إلا أنها قد لا تؤدي إلى نتائج إيجابية على الدوام. ففي بعض الأحيان، تعود الصفقة بنتائج سلبية على قيمة حصص المساهمين. ويصح ذلك بالأخص في القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث كانت صفقات الاندماج اللافتة قليلة ومتباعدة في الماضي؛ لذا فمن السهل أن ينقاد المساهمون وراء الضجة الإعلامية والزخم الذي يميز إعلانات الاندماج الأخيرة في القطاع... وهنا تكمن أهمية دراسة نتائج عمليات الاندماج السابقة بطريقة موضوعية».
وأشار راغو إلى أن ارتفاع أو انخفاض قيمة الأصول المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالناتج المحلي الإجمالي لكل دولة؛ وهو ما يرتبط بدوره بتقلبات أسعار النفط. فبعد تراجع أسعار النفط خلال عام 2014، اضطرت حكومات مجلس التعاون الخليجي إلى الاستعانة بالودائع الحكومية لتعويض آثار خسارة إيرادات النفط؛ وهو ما فرض ضغوطاً على بنوك المنطقة. إضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع تكلفة الامتثال وتطبيق ضريبة القيمة المضافة ومواكبة التطورات التكنولوجية جميعها حمل تأثيرات سلبية على البنوك من حيث التكلفة.
واستطرد راغو إلى حقيقة أن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي في مرحلة تشبّع مصرفي إلى حد كبير، وبالتالي كان الخيار العملي للبنوك الطامحة إلى الاستمرار في حلبة المنافسة هو الدخول طرفاً في صفقة اندماج أو استحواذ. ورغم أن البنوك الخليجية كبيرة نوعاً ما وفق معايير المنطقة، فإنها ما زالت صغيرة الحجم مقارنة بنظيراتها العالمية. ومن شأن اندماج البنوك في كيانات مصرفية أكبر أن يمنحها الحجم التنافسي المطلوب في السوق العالمية. وسوف يستفيد الاقتصاد والقطاع المصرفي عموماً بلا شك من تلك المتغيرات الديناميكية، فمن المتوقع أن تبرز من تلك الصفقات كيانات مصرفية أقوى وأكبر وأكثر مقدرة. ما دفع بمحللين للقول: إن الاندماج المصرفي الخليجي بات ضرورة ولم يعد ترفاً... ومع ذلك، فإن تلك العوامل الإيجابية لا تضمن بالضرورة أن تأتي تلك الاندماجات بالقيمة المأمولة للمساهمين أصحاب المصلحة.
وتم الاستناد في الندوة على تقرير «مارمور» حول «صفقات الاندماج المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي»، الذي يتناول بالدراسة والتحليل عمليات الاندماج الكبرى السابقة في المنطقة، على أساس أداء البنوك قبل الاندماج وبعده. كما يحلل التقرير البحثي الظروف التشغيلية وتجاوب المساهمين والظروف الاقتصادية التي واكبت تلك الاندماجات، ويدرس تأثيرها على نتائج الصفقات. وبناءً على تلك العوامل، يخلص التقرير إلى رأي بشأن إذا ما كانت تلك الاندماجات قد أوجدت قيمة للمساهمين أم لا.
وينتقي التقرير ثلاث صفقات اندماج تمت في آخر عقدين بالقطاع المصرفي وتحليل ما قبل الصفقة وما بعدها، وفق مقاييس الأداء الرئيسية، وهي العائد على حقوق الملكية RoE، والعائد على الأصول RoA، ونسبة التكلفة إلى الدخل، ونمو الإيرادات، ونمو ربحية السهم. وبقياس التغيرات في العائد على الأصول والعائد على حقوق الملكية قبل وبعد صفقة الاندماج، يكون بالإمكان تحديد مدى كفاءة إدارة الكيانين المصرفيين المندمجين في استغلال قاعدة الأصول وحقوق الملكية بغية تحقيق المزيد من الدخل. وعلى الجانب الآخر، فإن التغير في نسبة التكلفة إلى الدخل يساعد في الإحاطة بالتأثير الوقتي لتكاليف الاندماج على الإيرادات، ويبين ما إذا كان الاندماج قادراً على خلق التآزر المأمول من خلال خفض التكاليف التشغيلية.
ويشير تقرير «مارمور» إلى أن تحليل نمو الإيرادات يساعد في تحديد مدى قدرة الكيان الجديد بعد الاندماج على خلق التآزر المطلوب في توليد إيرادات إضافية، ويدرس معدل نمو إيرادات الكيان الجديد مقارنة بكل من الكيانين المصرفيين على حدة. ويحكم نمو ربحية السهم على ما إذا كان الاندماج قد عاد بالنفع على المساهمين أم لا. وبناءً على تلك المقاييس، يحلل تقرير «مارمور» أوجه التوافق في عمليات الاندماج، وما إذا كانت كبيرة بما يكفي لتعويض التكاليف التي تكبدها طرفا الصفقة، وبالتالي تحديد القيمة الحقيقية للاندماج بالنسبة للمساهمين.



«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.