قبائل حجور معزولة... ومصير مجهول لقادة المقاومة فيها

تنديد بجرائم الحوثيين في المنطقة ودعوات للمجتمع الدولي إلى التدخل

يمنيات ينتظرن رفقة أزواجهن لإجراء فحص حول سرطان الثدي في مستشفى بتعز أمس (ا.ف.ب)
يمنيات ينتظرن رفقة أزواجهن لإجراء فحص حول سرطان الثدي في مستشفى بتعز أمس (ا.ف.ب)
TT

قبائل حجور معزولة... ومصير مجهول لقادة المقاومة فيها

يمنيات ينتظرن رفقة أزواجهن لإجراء فحص حول سرطان الثدي في مستشفى بتعز أمس (ا.ف.ب)
يمنيات ينتظرن رفقة أزواجهن لإجراء فحص حول سرطان الثدي في مستشفى بتعز أمس (ا.ف.ب)

بينما باتت مديرية كشر التابعة لمحافظة حجة في شمال اليمن معزولة بعد قمع الميليشيات الحوثية لمقاومة قبائل حجور فيها، بات رموز هذه المقاومة يواجهون وضعاً مجهولاً. وتؤكد مصادر محلية أنه في ظل انقطاع الاتصالات عن المديرية، فإن هناك غموضاً بشأن مصير عدد من قادة المقاومة القبلية التي صمدت نحو 50 يوماً في مواجهة الآلة القتالية الحوثية.
ونفت مصادر مقربة من القيادي القبلي أبو مسلم الحجوري، ما تردد عن مقتله، مؤكدة أنه سلّم نفسه للميليشيات الحوثية مقابل عدم الاعتداء على مرافقيه وأبنائه وسكان قريته الزعاكرة لكن الجماعة غدرت به بعد تسليم نفسه وفجّرت منازل القرية واعتقلت أقاربه مرافقيه دون أن تستبعد المصادر قيام الجماعة بتصفيته لاحقاً.
كذلك، نفت مصادر ما أُشيع عن مقتل الشيخ القبلي محمد العمري، وأكدت أن الرجل مصاب لكن دون معرفة مكانه. وذكرت المصادر أن القيادي الآخر في المقاومة علي فلات الحجوري أُصيب هو الآخر ولا أنباء عن مكان وجوده. وأفادت المصادر بأن الميليشيات الحوثية قامت بتفجير منزل الشيخ القبلي عبده السعيدي في ظل عدم توافر أي أنباء عن مصيره هو الآخر، في ظل أعمال التصفية والقتل الجماعي التي تقوم بها الجماعة الحوثية في حجور.
وبعد الجرائم والانتهاكات التي يمارسها الحوثيون في المنطقة وتمكّنهم من قمع مقاومة قبائل حجور والتنكيل بالسكان، أصدرت السلطة المحلية في محافظة حجة بياناً رسمياً أعلنت فيه مديرية كشر، منكوبة، جراء الجرائم الوحشية التي تمارسها ميليشيات الحوثي الانقلابية الموالية لإيران بحق أبناء المديرية. وأوضحت السلطات المحلية التابعة للحكومة الشرعية «أنها تتابع الأحداث المتلاحقة التي تشهدها مديرية كشر والجرائم الوحشية التي تمارسها ميليشيات الحوثي بحق أبناء المديرية والتي تتمثل في اجتياح القرى والأسواق عسكرياً، وإحراق منازل المواطنين وهدمها فوق رؤوس ساكنيها، وقتل الأبرياء، وتفجير منازل عدد كبير من قيادات المديرية، وتشريد الآلاف، واختطاف العشرات من المواطنين، وفرض حصار جائر ظالم يمنع الغذاء والدواء عنهم». ودعا البيان المنظمات الدولية الإنسانية كافة للقيام بمسؤولياتها الإنسانية، والمجتمع الدولي للتدخل فوراً لإيقاف المجازر الوحشية التي تمارسها الميليشيات الحوثية المتمردة في حق أبناء مديرية كشر، مطالباً القيادة السياسية والحكومة بالقيام بمسؤولياتها تجاه الوضع الكارثي الذي فرضته الميليشيات على أبناء هذه المديرية الذين باتوا مهددين بالموت والإبادة. كما دعا البيان جميع أبناء المحافظة إلى رص الصفوف ووحدة الكلمة وتناسي الخلافات وحشد كل الطاقات والإمكانات لمواجهة العدو الواحد الذي يستهدف الجميع المتمثل في ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، مؤكداً أن السلطة المحلية على تواصل دائم بالأبطال في الميدان وبجميع الجهات المعنية في الدولة والأشقاء في قيادة القوات المشتركة.
وأعربت السلطة المحلية في بيانها عن فخرها واعتزازها بالملاحم البطولية التي يسطرها أبطال قبائل حجور (بمديرية كشر) وثباتهم وتضحياتهم منقطعة النظير. وقالت: «إن أبناء حجور سطروا ملحمة تاريخية ستدرَّس للأجيال وستسجَّل بحروف من نور في أنصع صفحات التاريخ». ونددت السلطة المحلية في محافظة حجة بالصمت المطبق من المنظمات الإنسانية الدولية كافة وعلى رأسها الأمم المتحدة وممثليها في اليمن والمبعوث الأممي إلى اليمن والذي لم يتحرك لوقف جرائم الحرب التي تمارَس كل يوم في ظل تعتيم إعلامي وقطع نهائي للاتصالات عن المديرية.
إلى ذلك، ناشد مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي بضرورة تحمله المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه ما تتعرض له مناطق كشر جراء الاستهداف المسلح من قبل ميليشيات الحوثي.
وطالب «مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإرسال بعثة تقصي خاصة وبشكل سريع لإنقاذ آلاف الأسر المهددة بالموت والاطلاع عن كثب على حجم المأساة التي تعيشها المنطقة التي أُعلنت رسمياً أنها منطقة منكوبة». وقال المركز الحقوقي، الذي يعد مؤسسة إقليمية حقوقية حاصل على الصفة الاستشارية في الأمم المتحدة ومقره الرئيسي في تعز، في بيان له، أن «منطقة حجور الواقعة في محافظة حجة شمال غربي اليمن تعاني من حصار خانق منذ نحو شهرين، كما تعاني ضربات وهجوماً من قبل الحوثيين منذ عامين، ولكن الهجوم، الذي وصفه المركز بالكاسح كان خلال الأسابيع الماضية. وتزايدت الأسبوع الماضي -حسب البيان- شدة الهجمات التي استخدم فيها مختلف الأسلحة الثقيلة بما في ذلك صواريخ باليستية بهدف إبادة كل ما يقع أمامها من منازل ومدنيين وملامح لأي حياة تُذكر».
واعتبر المركز الحقوقي «الصمت المخزي والخذلان الدولي لمعاناة كشر في حجة جريمة بحق التاريخ والإنسانية». وقال إنه «استطاع جمع شهادات حية تؤكد أن الحوثي ارتكب جرائم حرب ومنها إعدامات لأسرى وإبادة أسر كاملة وتفجير نحو 27 منزلاً تأكد فريق المركز منها بينها ستة منازل دُمِّرت بشكل كامل عبر تفخيخها». وأفاد بأن «قرى بني سعيد وبني عمر، تعرضت للتلغيم بعد قصف مكثف طال المدنيين ومنع سكان القرى من النزوح، كما جرى إعدام العديد من الشباب بل والنساء حيث أعدم الحوثيون هناء حسين النمشة بعد مقاومتها للقوى الحوثية التي أعدمت شقيقها».
وناشد مركز المعلومات والتأهيل، الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان المنعقد حالياً في جنيف، العمل بـجدية على وقف ما سماها «مجزرة العصر» و«الخشية من إبادة جماعية لمنطقة كشر التي تعاني من عزلة كاملة وانقطاع السبل إليها». وأكد أن «الأرقام التي تم جمعها عن الضحايا في حصيلتها الأولية أشارت إلى مقتل نحو 62 مدنياُ، وإصابة 217 آخرين بينهم نساء وأطفال، نتيجة اعتداءات الميليشيات الحوثية على قبائل حجور في منطقة كشر وحدها». وأوضح أن «القصف الهمجي الذي تم بمختلف الأسلحة والصواريخ الباليستية تسبب في تشريد 4268 أسرة، حتى الآن، بينما يموت عشرات الجرحى بسبب انعدام أي إمكانية لإسعافهم في ظل الحصار المطبق على المنطقة من الجهات كافة». كما ناشد «بعثة الصليب الأحمر الدولي سرعة تقديم الغوث وإنقاذ الجرحى عملاً بمبادئ القانون الدولي الإنساني».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.