«القائد» محمد صادق... من المنفى إلى توزيع زكوات الأسرة المالكة

قرأ مبكراً أهمية التحالف السعودي ـ المصري {لتوحيد كلمة الأمة}

محمد عبد الله صادق  -  القائد محمد صادق بلباسه العسكري قبل إخضاع الحجاز لحكم الملك عبد العزيز
محمد عبد الله صادق - القائد محمد صادق بلباسه العسكري قبل إخضاع الحجاز لحكم الملك عبد العزيز
TT

«القائد» محمد صادق... من المنفى إلى توزيع زكوات الأسرة المالكة

محمد عبد الله صادق  -  القائد محمد صادق بلباسه العسكري قبل إخضاع الحجاز لحكم الملك عبد العزيز
محمد عبد الله صادق - القائد محمد صادق بلباسه العسكري قبل إخضاع الحجاز لحكم الملك عبد العزيز

يعد محمد عبد الله صادق إحدى الشخصيات التي عاشت في فترات مهمة من تاريخ الجزيرة العربية في العصر الحديث، حيث جمع صفات كثيرة، فهو وطني عربي، وقائد عسكري فذ، كما كان إدارياً سياسياً، وكاتباً بارعاً، وخطيباً مفوهاً، بل إنه ضرب أروع الأمثلة في القيادة والإدارة والإخلاص والعطاء، دون انتظار شكر أو جزاء.
بزغ نجم محمد عبد الله صادق في بدايات عهد الدولة السعودية الثالثة، وعايش ثلاثة ملوك، هم: المؤسس الملك عبد العزيز، والملك سعود، والملك فيصل. وكان قبلها يعمل مع الهاشميين قائداً عاماً للجيش الهاشمي في عهد الملك علي بن الحسين، عام 1924، في الحجاز، قبل أن يتم الملك عبد العزيز بناء دولته الكبرى، ويخضع الحجاز تحت مملكته، ليغادر محمد صادق مع الشريف علي بن الحسين وأتباعه الحجاز إلى منفاه في العراق، ويعود بعد عشر سنوات إلى الحجاز ثانية، بعد أن أصدر الملك عبد العزيز عام 1936 العفو العام عن القادة والأعلام الذين غادروا البلاد، ودعاهم للعودة والمشاركة في خدمة وطنهم، وإنزال كل منهم منزلته، وفق اختصاصه وكفاءته. وقد ظل محمد عبد الله صادق قبل عودته في منفاه الاختياري عشرة أعوام تقريباً (عامان في العراق، وثلاثة في الهند، وخمسة في مصر)، وتولى أخوه أحمد عبد الله صادق رعاية أسرته وأولاده الذين ظلوا في مكة المكرمة في أثناء وجود والدهم في منفاه الاختياري.
ويوضح الدكتور محمد أبو بكر حميد، الذي أنجز دراسة عن تجربة صادق وضمنها في كتاب، أن صادق كان مجرد اسم يمر على الباحثين والدارسين عندما يُذكر أمناء العاصمة المقدسة (رؤساء بلدية مكة المكرمة) في عهد الملك عبد العزيز، وكان صادق أحدهم، لكنه لم يكن ضمن الأسماء الرنانة في تاريخ أمناء العاصمة المقدسة، مثل عباس قطان، وعبد الله عريف، حيث اكتشف الباحث أن محمد عبد الله صادق، الذي أمضى فترة قصيرة في أمانة العاصمة المقدسة، صاحب قلم ورأي، وله إسهامات كثيرة في الرأي الوطني العام، ومعظمها نشر في صحيفة «البلاد» السعودية.
ولد القائد محمد عبد الله صادق في مكة المكرمة، عام 1890، من أبوين ترجع أصولهما إلى الجزائر وكشمير، حيث إن عائلته من ناحية والده عبد الله محمد صادق تعود إلى أصول جزائرية. ومن ناحية والدته زبيدة محمد ملكان، فتعود أصولها إلى كشمير من بلاد الهند، وبالتحديد إلى مدينة «ملتان» التاريخية التي كانت تعرف تاريخياً بمدينة الذهب. وقد هاجر جده الشيخ محمد صادق، وهو من رجال الجزائر النجباء من مدينة قسنطينة الباسلة، إلى مكة المكرمة عام 1965، حاجاً ومهاجراً، ومارس خلال إقامته في مكة التجارة، ورزق فيها بولد ذكر سماه عبد الله (والد محمد الذي تتناوله الدراسة)، وذلك عام 1867. وعندما كبر الابن عبد الله عمل في تجارة الحبوب والسمن والزيوت، في محل صغير على مقربة من المسجد الحرام. وتزوج عبد الله من زبيدة بنت محمد ملتان، وهي أرملة ولدت في مكة، وتنتمي عائلتها إلى إقليم كشمير الهندية، وهي عائلة عريقة أنجبت عدداً من الشخصيات المرموقة، ووصلت إحدى نسائها إلى مكانة سياسية كبيرة، وهي «نجمة ملتان» إحدى قريبات «زبيدة»، زوجة عبد الله والد الشخصية التي تتناولها الدراسة، حيث كانت نجمة عضواً بارزاً في حزب المؤتمر الهندي، الذي كان الحزب الرائد في حركة استقلال الهند. وقد رزق عبد الله عام 1890 مولوداً سماه محمداً، الذي مارس التجارة، وتزوج عام 1918 من جميلة بنت محمد مكي نقشبندي التي أنجبت له بنتاً وولداً.
التحق القائد محمد عبد الله صادق، عام 1901، بالمدرسة الصولتية في مكة، ثم بالمدرسة العسكرية الهاشمية. وفي عام 1914، ذهب في دورة عسكرية في مدرسة الأبراج العسكرية في تركيا، ليعود عام 1914 إلى الحجاز، ويعين ضابطاً في الجيش الهاشمي، لتتم بعد ثلاث سنوات ترقيته إلى رتبة قائمقام في الجيش الهاشمي. وفي عام 1924، صدر أمر الملك علي بن الحسين بتعيينه قائداً عاماً للجيش الهاشمي، ليغادر بعد عام الحجاز إلى العراق، مع حاشية الملك علي بن الحسين، ويعود بعدها إلى بلاده السعودية إثر صدور عفو الملك عبد العزيز عن القادة والأعلام الذين غادروا البلاد، ويبدأ حياته العملية في عهد الملك المؤسس عبد العزيز، الذي قرَّبه وعينه عام 1952 مديراً لمديرية إحصاء النفوس (الهويات)، التي أسسها وبناها من الصفر، ثم صدر أمر الملك عبد العزيز عام 1953 بتعيينه أميناً للعاصمة المقدسة (بلدية مكة المكرمة)، وقبلها عينه الملك (الأمير فيصل بن عبد العزيز، نائب الملك في الحجاز آنذاك) رئيساً للجنة العقارية الخاصة بتعويضات توسعة الحرم المكي، كما عينه الملك سعود عام 1955 مشرفاً على مبرة الأسرة المالكة، وهي المبرة المختصة بتنظيم إنفاق الزكوات والصدقات الخاصة بالأسرة المالكة على الفقراء في مكة المكرمة.
وسُجّل عن الراحل محمد عبد الله صادق، الذي توفي عام 1972، بعد أن عاش نحو 82 عاماً، قراءته لمستقبل الأمة العربية، وتشديده على أن تحالف بلاده (السعودية) مع مصر أساس لأي تحرك عربي لتوحيد الأمة العربية، وكان يرى أن أي محاولة لإفساد العلاقة بين الدولتين الكبيرتين دسيسة من أعداء الأمة. وقد أُعجب صادق بفكر الملك سعود، خصوصاً فكرة القومية العربية، وعلق آمالاً كبيرة على التحالف العروبي بين الملك سعود والرئيس جمال عبد الناصر منذ عام 1953 إلى عام 1985، وتفاءل بإعادة التحالف السعودي - المصري بين الرئيس عبد الناصر والملك فيصل، بعد الحزن الذي أصاب العرب بسبب ما حدث في مصر وسوريا وفلسطين، بالهزيمة في حرب 1967، وإعادة كرامة العرب ثانية، وهو الأمر الذي تحقق بعد وفاة عبد الناصر، من خلال تحالف الرئيس السادات والملك فيصل في حرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973. كما نالت شخصية الزعيم الهندي جواهر لال نهرو إعجاب القائد محمد عبد الله صادق.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.