بوتفليقة يؤجل الانتخابات ويعلن عدم ترشحه لولاية خامسة

صورة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية للقاء الرئيس بوتفليقة بالفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي
صورة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية للقاء الرئيس بوتفليقة بالفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي
TT

بوتفليقة يؤجل الانتخابات ويعلن عدم ترشحه لولاية خامسة

صورة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية للقاء الرئيس بوتفليقة بالفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي
صورة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية للقاء الرئيس بوتفليقة بالفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي

أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اليوم (الاثنين)، عدم ترشحه لولاية خامسة، وتأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان مقرر لها في 18 أبريل (نيسان) المقبل.
وكشف الرئيس المنتهية ولايته في رسالة وجهها لشعبه عن إجراء "تعديلات جمة" على تشكيلة الحكومة وتنظيم الاستحقاق الرئاسي بعد الندوة الوطنية المستقلة تحت إشراف حصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة.
وقال بوتفليقة في الرسالة، إن الجزائر تمُر بمرحلة حساسة من تاريخها شهِدت مسيرات شعبية حاشدة، مبيناً أنه تابَع كل ما جرى ويتفهّم ما حرّك الجُموعِ الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا الأسلوب "السلمي" للتعبير عن رأيهم.
وأضاف بوتفليقة أنه يتفهّم الرسالة التي جاء بها الشباب تعبيراً عما يخامرهم من قلق أو طموح بالنسبة لمستقبلهم ومستقبل وطنهم، كما يتفّهم أيضاً التباين الذي وَلَّدَ شيئًا من القلق، بين تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعد مناسب والتعجيل بفتح ورشة واسعة بأولوية سياسية قصوى للغاية "الـمتوخى منها تصوّر وتنفيذ إصلاحات عميقة في الـمجالات السياسية والـمؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية، بإشراك على أوسع ما يكون وأكثر تمثيلاً للـمجتمع الجزائري، بما فيه النصيب الذي يجب أن يؤول للمرأة وللشباب".
وأكد "لا محلَّ لعهدة خامسة، بل إنني لم أنْوِ قط الإقدام على طلبها حيـث أن حالتي الصحية وسِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري، ألا وهو العمل على إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد الذي نصبو إليه جميعاً"، مضيفاً: "إن هذه الجمهورية الجديدة، وهذا النظام الجديد، سيوضعان بين أيدي الأجيال الجديدة الذين سيكونون الفاعلين والـمستفيدين في الحياة العمومية وفي التنمية الـمستدامة في جزائر الغد".
وأشار الرئيس الجزائري إلى أنه لن يُجْرَ انتخاب رئاسي يوم 18 أبريل المقبل بغرض الاستجابة للطلب الـمُلِح الذي وُجّه إليه ولتغليب الغاية النبيلة "الـمتوخاة من الأحكام القانونية"، مبيناً أن تأجيل الانتخابات يأتي "لتهدئة التخوفات المعبَّر عنها، قصد فسح الـمجال أمام إشاعة الطمأنينة والسكينة والأمن العام، ولنتفرغ جميعا للنهوض بأعمال ذات أهمية تاريخية ستمكّننا من التحضير لدخول الجزائر في عهد جديد، وفي أقصر الآجال".
وتابع بالقول: "عزماً مني على بعث تعبئة أكبر للسلطات العمومية، وكذا لمضاعفة فعالية عمل الدّولة في جميع المجالات، قرَّرتُ أن أُجري تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة، في أقرب الآجال. والتعديلات هذه ستكون رداً مناسباً على الـمطالب التي جاءتني منكم وكذا برهاناً على تقبلي لزوم المحاسبة والتقويم الدقيق لـممارسة الـمسؤولية على جميع الـمستويات، وفي كل القطاعات".
وأوضح أن "الندوة الوطنية الجامعة المستقلة ستكون هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس وإعداد واعتماد كل أنواع الاصلاحات التي ستشكل أسيسة النظام الجديد الذي سيتمخض عنه إطلاق مسار تحويل دولتنا الوطنية"، لافتاً إلى أن "هذه النّدوة ستكون عادلة من حيث تمثيل المجتمعِ الجزائري ومختلف ما فيه من الـمشارب والـمذاهب" و"ستتولى النّدوة تنظيم أعمالها بحريّة تامة بقيادة هيئة رئيسة تعددية، على رأسها شخصية وطنية مستقلة، تَحظى بالقبول والخبرة، على أن تحرص هذه النّدوة على الفراغ من عُهدَتها قبل نهاية عام 2019".
ونوّه بوتفليقة أن "مشروع الدستور الذي تعدُّه النّدوة الوطنية سيُعرض على الاستفتاء الشعبي"، كما "ستتولى الندوة الوطنية الـمُستقلة بكل سيادة تحديد موعد تاريخ إجراء الانتخاب الرئاسي الذي لن أترشح له بأي حال من الأحوال".
وأفاد بأن "الانتخاب الرئاسي سيُنظَّم عقب الندوة الوطنية الجامعة الـمستقلة تحت الإشراف الحصري للجنةٍ انتخابية وطنيةٍ مستقلة ستُحدد عهدتها وتشكيلتها وطريقة سيرها بمقتضى نصّ تشريعي خاص، سيستوحى من أنجع وأجود التجارب والـممارسات الـمعتمدة على الـمستوى الدَّوْلي".
وأبان أنه "بغرض الإسهام على النحو الأمثل في تنظيم الانتخاب الرئاسي في ظروف تكفل الحرية والنزاهة والشفافية لا تشوبها شائبة، سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية، تتمتع بدعم مكونات النّدوة الوطنية"، منوّها أن هذه الحكومة "ستتولى الإشراف على مهام الادارة العمومية ومصالح الأمن، وتقدم العون للجنة الانتخابية الوطنية الـمستقلة. وسيتولى الـمجلس الدستوري بكل استقلالية، الإضطلاع بالمهام التي يخولها له الدستور والقانون، فيما يتعلَّق بالانتخاب الرئاسي".
وشدد على أنه لن يدّخِر أيَّ جهدٍ "في سبيل تعبئة مؤسسات الدّولة وهياكلها ومختلفِ مفاصلها وكذا الجماعات الـمحليّة، من أجل الإسهام في النجاح التام لخطة العمل هذه". كما تعهد بأن يسهر "على ضمان مواظبة كافة المؤسسات الدّستورية للجمهورية، بكل انضباط، على أداء المهام المنوطة بكل منها، وممارسة سُلطتها في خدمة الشعب الجزائري والجمهورية لا غير".
واختتم حديثه قائلاً: "أتعهّدُ، إن أمدني الله بالبقاء والعون أن أسلم مهام رئيس الجمهورية و صلاحياته للرئيس الجديد الذي سيختاره الشعب الجزائري بكل حرية"، داعياً الشعب إلى تجنب الجزائر الـمحن والصراعات وهدرِ الطاقات، ومطالباً "بوثبة جماعية سلمية تمكّن الجزائر من تحقيق كل ما هي مجبولة على تحقيقه، في كنف ديمقراطيةٍ مُزدهرة". 
من جانب آخر، استقبل الرئيس بوتفليقة، الدبلوماسي ووزير الشؤون الخارجية الأسبق الأخضر إبراهيمي.
وقال إبراهيمي عقب الاستقبال أن "نظراً للوضع الذي تمر به البلاد أخبرني (بوتفليقة) ببعض القرارات الهامة الذي هو بصدد اتخاذها"، مُعبّراً عن تفاؤله من هذا الحديث، مؤكداً أن "صوت الجماهير وخاصة منها الشباب مسموع"، لافتاً أن "مرحلة جديدة بناءة ستبدأ في مستقبل قريب ستعالج الكثير من مشاكلنا".
وأضاف أن "الشباب الذين خرجوا في شوارع بلدنا تصرفوا بمسؤولية أثارت إعجاب الجميع في الداخل والخارج"، داعياً إلى "الاستمرار في التعامل مع بعضنا البعض بهذه المسؤولية والاحترام المتبادل وأن نحول هذه الأزمة إلى مناسبة بناء وتشييد".
شاهد فيديو استقبال بوتفليقة للأخضر الإبراهيمي وتصريحات الأخير بعد اللقاء


 



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».