روحاني يبحث عن حلول في بغداد لتخطي عزلة طهران

عين إيران على ميزانية العراق في ظل الضغوط الأميركية

وزيرا الخارجية العراقي والإيراني خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (أ.ب)
وزيرا الخارجية العراقي والإيراني خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (أ.ب)
TT

روحاني يبحث عن حلول في بغداد لتخطي عزلة طهران

وزيرا الخارجية العراقي والإيراني خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (أ.ب)
وزيرا الخارجية العراقي والإيراني خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (أ.ب)

تحطّ طائرة الرئيس الإيراني حسن روحاني لأول مرة في بغداد اليوم بينما تتعرض حكومته لأشد ضغوط داخلية وخارجية على خلفية انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي واتخاذ إجراءات غير مسبوقة لعزل إيران اقتصادياً وسياسياً بهدف تعديل سلوكها واحتواء تهديدها للاستقرار الإقليمي، وسُلطت الأضواء على زيارة الوفد الحكومي الذي يضم عدداً من الوزراء بعدما أطلقت وسائل الإعلام الحكومية حملة بشأن أهمية توقيت الزيارة.
ويحاول روحاني في جولته العراقية توجيه رسائل إلى الولايات المتحدة بالدرجة الأولى التي تصر على خنق موارد النظام الإيراني، كما يريد تبديد شكوك إيرانية بشأن موقف العراق من العقوبات الأميركية والعلاقات التجارية مع طهران التي لا تريد بدورها التنازل موقع العراق «الجيوستراتيجي»، فضلاً عن حصتها في السوق العراقية والعمل على اتفاقيات لقطع الطريق على المنافسين.
وتراهن إيران على خطط متعددة للالتفاف على العقوبات الأميركية في وقت تشير فيه التقارير الاقتصادية إلى تراجع الوضع المعيشي وانهيار الأسواق مع الاقتراب من الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأميركي في الاتفاق النووي.
وأطلقت وسائل الإعلام الإيرانية على مدى أيام حملة لحشد الرأي العام والتسويق لزيارة روحاني، وأجمعت على أهمية الاتفاقيات التي يعمل فريق روحاني على إقناع المسؤولين العراقيين بتوقيعها مع بلاده، والعودة بمعادلة جديدة من بغداد تمنح طهران متنفساً من الضغوطات الأميركية.
وقبل وصول روحاني، تقاطرت وفود إيرانية على مدى الأسبوع الماضي للتمهيد لزيارة الرئيس الإيراني إعلامياً وسياسياً، وكان آخر وفد حكومي رفيع وصل إلى العاصمة العراقية ترأسه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مساء السبت الماضي، في أول مهمة بعد التراجع عن استقالته المثيرة الجدل، والتي أظهرت عمق الخلافات بين دوائر صنع القرار وبين الحكومة وأجهزة موازية.
وهذه أول زيارة لروحاني إلى العراق، وتأتي بعد تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، و«مؤتمر وارسو» حول الشرق الأوسط منتصف الشهر الماضي الذي شكل ضغوطاً مضاعفة على الحكومة الإيرانية.
وقال روحاني الأسبوع الماضي إن بلاده تمر بأوضاع حرب، مشيراً إلى أنه طلب من المرشد الإيراني علي خامنئي قيادة إيران في الحرب النفسية والاقتصادية، وذلك في إشارة إلى ضغوط داخلية تتعرض لها الحكومة نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي.
وتشير التحليلات التي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية على مدى أيام قبل وصول طائرة روحاني إلى مطار بغداد، إلى أن الحكومة الإيرانية تعول على تشكيل جبهة إقليمية ضد العقوبات الأميركية؛ أحد أطرافها العراق.
في هذا الصدد، قالت وكالة «إرنا» الرسمية، أمس، إن محطة بغداد «تحظى بأهمية بالغة لدى روحاني لكسر عزلة إيران سياسياً واقتصادياً»، ولمحت إلى وجود شكوك إيرانية في أطراف عراقية، واتهمت الولايات المتحدة وحلفاءها الإقليميين بـ«دق إسفين الخلاف» بين طهران وبغداد وذلك بعد هزيمة تنظيم «داعش». وشملت لائحة الاتهامات الإيرانية أطرافاً عراقية لـ«قيامها بأدوار في السيناريو الأميركي وللحلفاء الإقليميين».
وعدّت «إرنا» أن احتجاجات العراقيين ضد التدخلات الإيرانية وحرق القنصلية الإيرانية في بغداد، وفرض العقوبات على أمين عام ميليشيا «النجباء»، و«عرقلة» العلاقات البنكية والتجارية بين البلدين، من بين أسباب هزت الثقة المتبادلة بين العراق وطهران وشكلت تحدياً للتطلعات الإيرانية في العراق. وربطت الوكالة زيارة روحاني برسائل وجهها الرئيس العراقي برهم صالح لدى زيارته إلى طهران واهتمامه بـ«تعزيز التعاون السياسي والثقافي والاقتصادي».
بموازاة ذلك، تريد إيران الحفاظ على مستوى العلاقات التجارية التي جعلت العراق أهم شريك اقتصادي خلال العام الماضي. ونقلت وكالة «إرنا» عن مستشار نائب الرئيس الإيراني وسفير إيران السابق لدى العراق حسن دانايي فر، أن العراق كان المستورد الأكبر للسلع الإيرانية غير النفطية منذ بدء العقوبات الأميركية بزيادة تعادل 30 في المائة.
ونقلت وكالة «إيلنا» الإصلاحية عن دانايي فر أن «ميزانية العراق تبلغ 100 مليار دولار في 2019، وتخصص أجزاء كبيرة منها لإعادة الإعمار»، مشيرا إلى استعداد إيران للتعاون في مجالين: «الاستشاري» (العسكري)، ومرحلة إعادة الإعمار.
وبحسب المسؤول الإيراني، فقد بلغ حجم التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين نحو 8.5 مليار دولار منذ منتصف مارس (آذار) الماضي. وتأمل إيران زيادة حجم التبادل التجاري مع العراق إلى نحو 20 مليار دولار، وذلك بهدف تعويض جزء من خسائر العقوبات. ويعد هذا الأمر من بين الأهداف الأساسية التي سيبحثها الوفد التجاري الإيراني المرافق لروحاني مع العراقيين.
وكان لافتاً أن دانايي فر يصر على الربط بين المجالين وذلك بسبب ما عدّه «خطر (داعش) الداهم»، وقال في هذا الصدد: «إذا طلب العراق منا مساعدات استشارية، فنحن مستعدون... كذلك مستعدون لتقديم استشارة في المجال الاقتصادي، شركاتنا عملت في العراق، وما زالت هناك، ويمكنها أن تقوم بدور فعال في إعادة إعمار العراق».
وأعرب دانايي فر عن أمله في أن تؤدي زيارة روحاني إلى انفراجة في مفاوضات البلدين حول العلاقات البنكية.
ونقل موقع «اعتماد أونلاين» المقرب من الإصلاحيين عن خبير الشؤون الدولية جعفر قناد باشي أن علاقات إيران والعراق «استثنائية ومن دون بديل»، داعياً إلى اغتنام الفرصة ووضع استراتيجية خاصة للعلاقات بين البلدين. وأضاف: «قلما نجد علاقات مشابهة ليس في المنطقة فسحب؛ بل في كل العالم. من أجل هذا؛ ففتح صفحة جديدة من العلاقات والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية من بين أهداف زيارة روحاني إلى العراق».



إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
TT

إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الأحد)، إن التهديدات التي تواجهها إسرائيل من سوريا لا تزال قائمةً رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وذلك وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية لمواجهة مثل هذه التهديدات.

ووفقاً لبيان، قال كاتس لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ، والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدّعيها زعماء المعارضة».

وأمس (السبت)، قال القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، الذي يوصف بأنه الزعيم الفعلي لسوريا حالياً، إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، «هيئة تحرير الشام» الإسلامية، التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهيةً حكم العائلة الذي استمرّ 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغّلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أُقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفَّذت إسرائيل، التي قالت إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه «إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود»، مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» و«داعش».

وندَّدت دول عربية عدة، بينها مصر والسعودية والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع في مقابلة نُشرت على موقع «تلفزيون سوريا»، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».