«رابطة العالم الإسلامي»: المشتركات الإنسانية متفقة على حتمية الاختلاف وحفظ الحقوق

العيسى خلال مشاركته في ملتقى «ويلتون بارك» حول قضايا تعزيز المواطنة الشاملة (واس)
العيسى خلال مشاركته في ملتقى «ويلتون بارك» حول قضايا تعزيز المواطنة الشاملة (واس)
TT

«رابطة العالم الإسلامي»: المشتركات الإنسانية متفقة على حتمية الاختلاف وحفظ الحقوق

العيسى خلال مشاركته في ملتقى «ويلتون بارك» حول قضايا تعزيز المواطنة الشاملة (واس)
العيسى خلال مشاركته في ملتقى «ويلتون بارك» حول قضايا تعزيز المواطنة الشاملة (واس)

أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الشيخ الدكتور محمد العيسى، أن عالم اليوم يحتاج إلى أجيال تنشأ على أسلوب تربوي يعلمهم كيف يفكرون، ويعزز لديهم احترام الآخرين وتقبلهم، ويرسخ لديهم الإيمان الحقيقي بأن الاختلاف والتنوع من طبيعة البشر.
وجدّد الدكتور العيسى في كلمة له، بحضور عدد من الشخصيات الدينية والسياسية والفكرية الذين ناقشوا في المملكة المتحدة على مدى 3 أيام قضايا «تعزيز المواطنة الشاملة»، ضمن حوار موسع في ملتقى «ويلتون بارك»، بدعم من الحكومة البريطانية، التأكيد على أن المشتركات الإنسانية جميعها متفقة على حفظ كرامة الإنسان، ومن ذلك حقوقه وحرياته المشروعة، في ضوء أحكام الدستور والقوانين المؤطرة، كما تتفق على أهمية تفهم طبيعة الاختلاف والتنوع كسنة إلهية، طبع الله البشر عليها، ثم أرشدهم إلى منطق الحوار للتعارف والتفاهم والتقارب والتعاون.
وأضاف: «إن الله خلق الناس متنوعين مختلفين، ولو أراد سبحانه لجعلهم أمة واحدة، ومعنى هذا أنه سيكون بينهم خلاف سلبي، ولن تتجاوزه إلا فئة منهم، قد رحمها الله بالوعي، فأدركت حكمة الخالق في التنوع والتعدد».
وتناول الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي موضوع التحديات التي تواجه المواطنة الشاملة، وفي مقدمتها ضعف الوعي، الذي ينشأ غالباً عن سلبية البيئة الأسرية والتعليمية وسلبية الثقافة العامة التي يؤسس لها الخطاب الديني، والسياسي، والتشريعات، ومؤسسات المجتمع المدني، ومستوى توافر القيم العادلة، في رؤية ورسالة وأهداف كل دولة، إضافة إلى الجانب الأسري والتعليمي.
وأوضح الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن عدم تحقق المواطنة في عالم اليوم بالقدر الذي يوازي الطموحات يتلخص في 3 أمور؛ أولها: «هيمنة المصالح الذاتية السريعة، سواء أكانت فردية أم جماعية، على حساب مبدأ العدالة والقيم، وهي بلا شك نظرة قاصرة، لأنها ستتكبد الخسائر في نهاية مطافها»، مضيفاً: «أما الأمر الثاني فيتمثل في قناعة البعض أن (البراغماتية - النفعية) - مهما تمت تخطئتها - تمثل قيمة مهمة إذا تحققت على إثرها هيمنة الأمة أو الدين أو الفكر أو المذهب، فيما البعض يرى أن تعاليم الخالق تفرض تلك الممارسة، ومن ثم تتولد لديه القناعة بفرض الآراء والعقائد والثقافة على الآخر، وجراء ذلك عانى التاريخ الإنساني من بعض الحروب القاسية نتيجة تلك القناعات الفادحة الخطأ والخطورة».
واستطرد الدكتور العيسى: «أما الأمر الثالث فهو التخلف والفساد بمحاوره المتعددة والترويج له عبر (البروباغاندا) والإيحاءات، خاصة الدينية، التي توجه رسائلها للعواطف لا للمنطق، لأنها باختصار تخلو من الحقيقة، وما يُعقد من هذه الإشكالية أن تلك الرسائل تُوصِل المتلقي إلى القناعة بأنها تتحدث باسم الرب، لتنشأ عن ذلك مع مرور الوقت ثقافة عامة ومسلمات مجتمعية سائدة نتيجة غزو الأفكار واحتلال اللاوعي نتيجة ذلك التوظيف».
وأكد أن إشكالية المواطنة الشاملة في كثير من عالمنا تكمن في أسباب، منها اليسير، ومنها المعقد. الأمر الذي يُحتم تشخيصها ومعالجتها من جذورها، والبحث عن كيفية هذه المعالجة، إضافة إلى استحضار النماذج العالمية المثالية في هذا الشأن، والوقوف على سر نجاحها وتفوقها في تجربة المواطنة الشاملة والاندماج الإيجابي بين تنوعها الديني والإثني.
ورأى الدكتور العيسى أن أهم إشكاليات المواطنة الشاملة ما يتعلق بالأسس التي تُشَكِّل الثقافة العامة المشار إليها، وهو ما يتطلب برامج عملية فعالة تناسب ظروف كل مجتمع، مؤكداً حاجة عالم اليوم إلى أجيال تنشأ على أسلوب تربوي يعلمهم كيف يفكرون ويعزز لديهم احترام الآخرين وتقبلهم، ويرسخ لديهم الإيمان الحقيقي بأن الاختلاف والتنوع من طبيعة البشر، يتلو ذلك أسلوب التعامل مع الآخرين بما يحفظ كرامتهم ويضمن الوصول إلى الطريقة المثلى للتعايش والتعاون معهم.
وأضاف: «ما أحسن أن يكون الجميع في المناسبات الوطنية في قمة تقاربهم، وهم يلتفون تحت راية الوطن الواحد، مؤكدين عملياً أن الاختلاف لا يعني الكراهية والإقصاء، كما أنه من المهم في مشروع المواطنة أن تُبنى على أساسها منشآت أخلاقية شمولية».
وقال: «من هنا نرحب بالوئام الإنساني أو الأسرة الإنسانية التي تتجاوز معنى الأخوة المجرد المفروض علينا قدراً إلهياً، إذ الإنسان أخو الإنسان شاء أم أبى، وما أحسن أن يشمل ذلك الوئام الجميع، بينما يمكن للمجموعات الخاصة التعاون فيما بينها على أي عمل مثمر ونافع لها وللإنسانية جمعاء، من دون أن يحمل ذلك أي رسالة أو دلالة إقصائية للآخرين في موضوع يتعلق بالتعايش والسلام الإنساني عموماً».
وجدد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي التذكير بأهمية التأسيس الأخلاقي في موضوع احترام الآخرين والتأكيد العملي على حقهم في الوجود والكرامة بجميع ضماناتها ومتطلباتها، متمنياً مزيداً من المحاور المهمة في محطة الملتقى التالية، في سبيل تفعيل ميثاقه التنظيري، عبر برامج عملية بصفة المواطنة الشاملة أساساً في سلام ووئام المجتمعات، الملقي بظلاله على سلام ووئام العالم أجمع.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.