السيسي يحذّر من محاولات إعادة إنتاج «ما جرى في 2011»

عدّد المشكلات التي أنهاها... وقال إن «الإصلاح الاقتصادي» كان ضرورة

TT

السيسي يحذّر من محاولات إعادة إنتاج «ما جرى في 2011»

جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تمسكه بصحة توجهاته وسياساته في إدارة البلاد وحلّ مشكلاتها المختلفة، مثل توفير الكهرباء والغاز، وأنه لم يكن هناك بدّ من إجراءات «الإصلاح الاقتصادي وتحمل تبعاته»، وقال، مخاطباً مواطنيه، أمس: «تزعلوا من السيسي... تكرهوه ما يجراش (لا يهم) لكن البلد تعيش».
وكان السيسي، يتحدث عبر مداخلة ضمن احتفالية مصر بـ«يوم الشهيد»، التي تقيمها القوات المسلحة المصرية، والتي استهلتها باستدعاء ذكرى أحداث «محمد محمود» التي وقعت في مصر في عام 2011 وفي أجواء ما بعد إزاحة الرئيس الأسبق حسني مبارك من سدة الحكم بعد «ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، التي تخللتها أحداث دامية قرب ميدان التحرير بوسط القاهرة، وأثناء مظاهرات تندد بحكم المجلس العسكري، الذي كان يتولى زمام السلطة حينها.
وأشار السيسي إلى أن هناك «أحداً في وسطنا يشككنا دائماً في كل شيء»، وقال إنه خلال تلك الأحداث كان مسؤولاً عن المخابرات الحربية والأجهزة الأمنية، وأضاف: «بثقة وأمانة وبشرف لم نمسّ مصرياً واحداً، بينما كان يسقط قتلى يومياً».
وانتقل الرئيس من الحديث عن أحداث تلك الفترة المضطربة من تاريخ مصر، إلى القول مُقسماً بالله 3 مرات إنه لا يخشى على المصريين من الخارج، بل «من الداخل فقط... من أنفسنا (...) فلتتعلموا كيف يجري التخطيط لإسقاط الدولة».
وقال السيسي إنه حذّر «الإسلاميين» (لم يحدد تياراً بعينه)، بصفته مديراً للمخابرات ومسؤولاً عن الاتصال بهم، من التحديات التي تواجهها مصر آنذاك (في أعقاب 25 يناير 2011)، وإنه «ستخرب منكم»، وكشف عن أنهم سألوه إذا ما كانوا يمكنهم الدفع برئيس للبلاد، فأجابهم بالرفض، لأن «التحديات أكبر من أي جماعة».
وزاد السيسي أن حجم الوعي الموجود لدى المصريين الذين عاصروا الفترة التي يتحدث عنها أصبح «كبيراً»، لكنه استدرك: «هناك أجيال جديدة ظهرت، لا يعرفون آثار ما جرى، وهذه مسؤوليتنا ومسؤولية كل أب وأم، ليقول لأبنائهم: (لا تعبثوا بأمن البلد ونخربها مرة أخرى)».
واستطرد متسائلاً: «لماذا أقول هذا الآن؟ ... حتى تنتبه كل أسرة لأبنائها الصغار، وهم (لم يحدد من) سيستهدفونهم، لأننا إذا أضعنا الوعي الحالي، فسيتم إعادة إنتاج للحالة الخاصة بـ2011 خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة».
وخصص الرئيس جانباً من مداخلاته، التي تنوعت بين موضوعات شتى، للحديث عن الإشاعات التي تم تداولها في مصر، وأشار إلى أنه لم «يَعد المصريين ويخلف، ولم يَعد بالسمن والعسل». وأشار السيسي إلى أن «100 مليون مصري بحاجة إلى 8.5 مليار رغيف خبز شهرياً»، لافتاً إلى الإجراءات التي تتم لتوفير رغيف الخبز للمواطن، بداية من شراء القمح، سواء من المزارع أم من الخارج، إلى أن يصل رغيف الخبز إلى المواطن.
كما ردّ السيسي على الانتقادات الموجهة لتكاليف بناء العاصمة الإدارية الجديدة، وأكد أن «جميع المدن الجديدة ليست من موازنة الدولة، ومنها العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة أسيوط الجديدة، وغيرها»، وموضحاً أنه يتم «استغلال الأراضي ذات القيمة المحدودة من خلال عمل بنية تحتية أساسية لترتفع قيمتها».
حادث محطة قطار مصر، الذي وقع قبل أسبوعين، وأسفر عن مقتل 22 شخصاً، واستقال بعده وزير النقل هشام عرفات من منصبه، كان حاضراً ضمن كلمة السيسي، أمس، وقال إن «إشاعات أثيرت بشأن تولي مهندس جديد لمرفق النقل، ثم فوجئنا بأن هذا الشخص متوفى».
وأوضح أنه تم تكليف اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بتولي منصب وزير النقل، وتعهد الأخير بالانتهاء من عمليات تطوير مرفق السكة الحديد «كالجديد»، على حدّ وصف الرئيس، بحلول يونيو (حزيران) 2020.
وعرج السيسي إلى ملف الإرهاب، وقال إنه «يتم قتال العناصر الإرهابية في سيناء منذ 6 سنوات؛ حيث تم تدمير أسلحة كثيرة وملاجئ وذخائر كثيرة»، وأوضح أنه «رغم صعوبة الحروب غير النظامية، إلا أنها لم ترهب أبناء المصريين في القوات المسلحة والشرطة».
وشدد الرئيس السيسي على أن «الدولة لن تقبل، في ظل استمرارها في مواجهة الإرهاب، أن يحصد الإهمال أرواح مواطنين أبرياء، وأن تتسبب أخطاء فردية في مقتل العشرات من المواطنين كما حدث في محطة مصر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».