استقالة وزير الصحة التونسي بعد وفاة 11 رضيعاً في مستشفى

TT

استقالة وزير الصحة التونسي بعد وفاة 11 رضيعاً في مستشفى

قبل رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد استقالة وزير الصحة عبد الرؤوف الشريف إثر حادثة وفاة 11 رضيعاً في مستشفى الرابطة (في العاصمة التونسية) خلال يومي 7 و8 مارس (آذار) الحالي. وصرح الشاهد أن «التحقيقات متواصلة ولن يكون هناك تسامح مع من ارتكب هفوة في مجال حساس مثل قطاع الصحة، والقصاص هو الأهم بالنسبة لعائلات الضحايا ومحاسبة المذنبين» على حد تعبيره.
وعلى الفور، أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق قضائي في الحادثة في حين تعهدت المحكمة الابتدائية في تونس بالملف وتحول قاضي التحقيق إلى المكان بصحبة ممثل النيابة لتحديد ظروف وملابسات الوفاة الجماعية.
ومن ناحيتها، أكدت رئاسة الجمهورية استدعاء وزير الصحة المستقيل للحضور في اجتماع مجلس الأمن القومي الذي يضم قيادات عسكرية وأمنية إلى جانب الرئاسات الثلاث ووزراء الداخلية والدفاع والعدل والخارجية. ومن المنتظر أن يشرف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على هذا الاجتماع، وسيطلب مجلس الأمن القومي من وزير الصحة تقديم تقرير مفصل مع تحديد مسؤوليات كافة الأطراف المتدخلة التي تقف وراء الوفاة الجماعية التي تدعو إلى الريبة.
ووصف وزير الصحة المستقيل وفاة 11 رضيعا خلال يومين بـ«الكارثة الوطنية»، وشدد في المقابل على ضرورة المحاسبة بعد التأكد من أسباب الوفاة، إذا كانت نتيجة إصابة جرثومية أو نتيجة تسمم غذائي أو دوائي. ووجه الشريف اتهامات إلى كوادر بارزة بوزارة الصحة، وكذلك لوزير سابق للصحة، بإدخال أدوية فاسدة إلى تونس منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، وطالب بإجراء تحقيق في الغرض من أجل كشف كل الملابسات وأسباب وفاة الرضع.
يذكر أن عبد الرؤوف الشريف قد انضم إلى التشكيلة الحكومية إثر التعديل الوزاري الذي أعلن عنه الشاهد خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة الماضية، وعين بموجبه وزير الصحة خلفا لعماد الحمامي القيادي في حركة «النهضة».
والشريف طبيب مختص في الجراحة العامة، انتخب خلال سنة 2014 نائبا عن قائمة حزب «النداء» بدائرة توزر (جنوب تونس)، ليلتحق بعد ذلك بكتلة «الحرة» لحركة مشروع تونس التي يتزعمها محسن مرزوق، وحصل على هذه الحقيبة الوزارية في إطار اتفاق بين أحزاب الائتلاف الحاكم الحالي.
وبينت النتائج الأولية للأبحاث، التي باشرتها خلية أزمة تشكلت في وزارة الصحة، أن الوفيات يرجح أن تكون ناتجة عن التهابات بالدم تسببت سريعا في هبوط في الدورة الدموية لدى الرضع، وتم رفع العينات من الضحايا ومن الوسط الصحي لتحديد نوعية تلك الالتهابات ومصدرها.
في غضون ذلك، تحركت عائلات الضحايا بمساعدة مجموعة من المحامين المتطوعين من أجل تقديم قضايا عاجلة أمام المحاكم التونسية والتصعيد ضد كل المتورطين والمتواطئين في هذه «الجريمة». وأكد التونسي أحمد المروكي والد أحد الرضع الضحايا في تصريح إذاعي، أن عائلته لم تعلم بالوفاة إلا صدفة وأشار إلى أن والدة الضحية ذهبت للزيارة فأعلموها بالوفاة دون ذكر الأسباب ودون الاتصال بالعائلات لإعلامها. وأكد أنهم تسلموا جثة ابنتهم في علبة كرتونية وهو ما أثر على نفسية أفراد العائلة ككل، على حد قوله.
ووفق مصادر حقوقية تونسية، فإن عدد المتورطين الذين سيحالون على القضاء سيتجاوز 30 متهما من إداريين وكوادر طبية ومسؤولين إلى جانب وزير صحة سابق وقع كثيراً من الاتفاقيات لتوفير الأدوية من بينها كميات من الأدوية هي عبارة عن جرعات «سيروم» وصلت إلى تونس في شهر يوليو المنقضي ويشتبه في كونها منتهية الصلاحية.
ونددت جل الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والاجتماعية ومن بينها حركة «النهضة» وحزب النداء والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) بما اعتبرته «جريمة في حق التونسيين»، وطالبت بفتح تحقيق عاجل وتسليط أقصى العقوبات ضد المتورطين ومحاسبة المذنبين مهما كانت مناصبهم السياسية.
وفي هذا الشأن، انتقد المنجي الحرباوي المتحدث باسم حزب «النداء» الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي، الترويكا الحاكمة الجديدة بزعامة حركة «النهضة» وقال إنها تتحمل المسؤولية كاملة.
ووصف استقالة وزير الصحة بالطبيعية وبمثابة ذر الرماد في العيون، واعتبر أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس وصل إلى حد خطير بات يتطلب تغييرا جذريا وعميقا على المستوى الحكومي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.