ماذا ينقص العالم العربي لمنافسة «نتفليكس»؟

ماذا ينقص العالم العربي لمنافسة «نتفليكس»؟
TT

ماذا ينقص العالم العربي لمنافسة «نتفليكس»؟

ماذا ينقص العالم العربي لمنافسة «نتفليكس»؟

بدأ الإعلام المرئي عبر السينما في 1895، حيث قدم الأخوان «لوميير» أول عرض سينمائي تجاري في العالم (Le Grand Cafe) في باريس، وكان الفيلم عبارة عن لقطة صامتة عن خروج عمال من مصنع دون تحريك الكاميرا أو عمل أي تدخل إنتاجي، بعد ذلك تم اختراع التلفاز في 1927 الذي يعد من أهم الاختراعات التي شهدها العالم، وفي 1936 تمكنت بريطانيا من إطلاق أول قناة حكومية في العالم (BBC) والقيام بالبث الحي من قصر ألكسندرا في لندن.
وفي 1995، تطور الإعلام المرئي إلى اختراع القرص (DVD) وإصدار فيلم «Twister» كأول فيلم روائي سينمائي من هوليوود بنسخة «DVD» وتم طرحه للبيع في 1997.
وسرعان ما تم الكشف عن أول نموذج لقرص «Blu ray» من قبل شركة «سوني» ليحل محل الـ«DVD»، بحيث يكون قادراً على التخزين لعدة ساعات بدقة عالية، وفي العام نفسه أطلقت الشركة اليابانية «Sharp Corporation» أول جوال مدمج بكاميرا، إلا أنها لم تسمح باستخدامه سوى على أراضيها.
وانطلقت البداية الأولى للسينما العربية في مصر، حيث عرض أول فيلم سينمائي في «محل توسون للصرافة» في الإسكندرية في 1896، بينما افتتحت أول دار عرض سينمائي في الخليج في عشرينات القرن الماضي التي كانت عبارة عن كوخ مصنوع من سعف النخيل في منطقة تعج بالمقاهي.
عربياً كانت أول قناة تلفزيونية في العالم العربي من بغداد في 1954، وتأسست أول قناة خليجية باسم «قناة الظهران» التابعة لشركة «أرامكو».
اليوم تغيرت الأدوات التي يتابعها ويتأثر بها المشاهد، فصار المشاهد يتابع حسب الوقت الذي يناسبه وحسب المكان، وذلك لإتاحتها عبر أجهزة الجوال والأجهزة اللوحية والمحمولة والتلفاز، وشهدت الثلاث سنوات الماضية تغيراً مضاعفاً في عدد المشتركين والعوائد إلى أكثر من الضعف.
وقال الدكتور خالد الحلوة أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود، في حديث مع «الشرق الأوسط» إنه انتشرت ظاهرة «نتفليكس» في السنوات الأخيرة مع توفر التقنيات الرقمية التي شملت معظم أرجاء العالم. وتدرجت «نتفليكس» في الانتشار من أميركا إلى بقية دول العالم حتى أصبحت متوفرة لكل شخص في أي مدينة في العالم يرغب في الاشتراك من خلالها.
وأضاف أن «نتفليكس» تعتمد في نجاحها على معرفة رغبات الجمهور بشكل دقيق، لأن كل ما يشاهده المشترك يتم تسجيله آلياً وتلقائياً لدى الشركة. وبمرور الزمن تستطيع «نتفليكس» التنبؤ بمدى نجاح أي مادة تعرضها من خلال الشبكة.
كما أكد الحلوة أن «نتفليكس» تعتمد على الإنفاق الضخم على إنتاجها الخاص، دون دفع حقوق بث لشركات أخرى منافسة لها مثل «ديزني» أو «ورنر» أو غيرهما.
وبهذا من الصعب منافسة «نتفليكس» نظراً لنفوذها القوي وانتشارها السريع وقدرتها على تلبية أذواق ورغبات المشاهدين في جميع أنحاء العالم. وهي الآن بالتدريج أصبحت تنتج محتويات مناسبة لمناطق جغرافية محددة من العالم مثل شرق آسيا أو المنطقة العربية أو غيرها. وقال الدكتور الحلوة إنه من آخر الأمثلة على محاولة منافسة «نتفليكس» ومنعها من السيطرة التامة على سوق المحتوى الإعلامي والترفيهي، نشأ أخيراً مشروع بريطاني باسم بريت بوكس (BritBox)، وهو عمل مشترك بين هيئة البث البريطانية (BBC) والشبكة البريطانية التجارية (ITV)، بهدف منافسة «نتفليكس» عن طريق تقديم محتوى ترفيهي بريطاني خاص للجمهور الذي يرغب في هذا المحتوى المميز. ولم يتضح بعد مدى قدرة هذا المشروع الجديد على المنافسة، نظراً لأنها تجربة جديدة، وهي محصورة في الولايات المتحدة الأميركية حالياً.
وتبلغ عوائد خدمات بث الفيديو حسب الطلب 35.4 مليار دولار في 2018، استناداً إلى سوقها في 183 دولة، بينما تشكل عوائد سوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 620 مليون دولار، وتبلغ حصة السوق السعودية منها 116 مليون دولار، مقارنة بـ50 مليون دولار في 2017. وتبلغ حصة شركة «نيتفلكس» منها 15.8 مليار دولار في 2018، ويلاحظ أن عوائدها تضاعفت أكثر من 10 مرات خلال 10 أعوام، حيث كانت في 2008 قرابة 1.36 مليار دولار، وحسب إحصائية أجرتها «فوربس»، فإن المبالغ المصروفة على الإعلانات الخاصة بالشركة الأميركية «نيتفلكس» تضاعفت من عام 2014، حيث كانت نصف مليار دولار إلى مليار دولار في 2017. ووصل عدد مشتركي خدمات عرض الفيديو حسب الطلب في العالم إلى 474 مليون مشترك في 2018، ويبلغ 11.31 مليون مشترك من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويشكل عدد مشتركي الدول العربية منها 4.13 مليون مشترك، و2.11 مليون مشترك تشكل العدد التقديري لمشتركي السوق السعودية.
وفي دراسة أجريت في مصر والسعودية والإمارات حول أكثر الأجهزة استخداماً من قبل المشاهدين لخدمات عرض الفيديو بلغ 71 في المائة نسبة الذين لديهم خدمة عرض الفيديو عبر الطلب بالجوال، بينما بلغت نسبة 57 في المائة نسبة المشاهدين الذين لديهم الخدمة على الأجهزة الجوالة، و23 في المائة نسبة الذين لديهم الخدمة على الأجهزة اللوحية، و13 في المائة نسبة الذين تصل إليهم خدمة بث الفيديو على أجهزة التلفاز الذكي.
وبحسب دراسة تم الحصول عليها من تقرير لـ«أوشن إكس»، فإن الوقت الذي يستغرقه المشاهد في «نتفليكس» على مستوى العالم في عام 2017 وفقاً لنوع الجهاز، كان 70 في المائة على التلفاز، و15 في المائة على الأجهزة الجوالة، و10 في المائة على الهواتف الذكية، و5 في المائة على الأجهزة اللوحية.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».