زلزال في بوليفيا يكشف سراً على عمق 660 كيلومتراً

يتعلم معظم تلاميذ المدارس أن الأرض تحتوي على طبقات هي (القشرة، الوشاح العلوي والسفلي، اللب الداخلي والخارجي)، لكن تضاريس تلك الطبقات لا تزال مجهولة، غير أن دراسة جديدة قدمت معلومات مهمة بشأنها.
خلال الدراسة، التي نُشرت في دورية ساينس «Science» منتصف فبراير (شباط) الماضي، استخدم علماء الفيزياء الجيولوجية في جامعة برينستون الأميركية ومعهد الجيوفيزياء بالصين، ومدرسة علوم الأرض والفضاء بجامعة العلوم والتكنولوجيا بالصين، بيانات من زلزال هائل في بوليفيا ليتوصلوا لأدلة تشير لوجود جبال وتضاريس تقع عند طبقة موجودة على مسافة 660 كيلومترا أسفل الأرض، تفصل بين الوشاح العلوي والسفلي، ولا يوجد اسم رسمي لها، ويطلق عليها اسم «حدود 660 كلم».
وتساعد الزلازل القوية (7 درجات فما فوق) على الحصول على بيانات مهمة، حيث إن الموجات التي ترسلها في جميع الاتجاهات يمكن أن تنتقل عبر الطبقات الأرضية كاشفة عن بعض الأسرار. وجاءت البيانات التي اعتمدت عليها هذه الدراسة من موجات التقطت بعد زلزال بقوة 8.2 درجة، وهو ثاني أكبر زلزال عميق تم تسجيله على الإطلاق، والذي هز بوليفيا عام 1994.
يقول سيداو ني، من مدرسة علوم الأرض والفضاء بجامعة العلوم والتكنولوجيا بالصين، والباحث الرئيسي بالدراسة لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الزلازل الكبيرة لا تأتي في كثير من الأحيان، ومكنتنا أجهزة قياس الزلازل التي لم تكن موجودة قبل 20 عاما في جمع معلومات ذات أهمية».
وتعتمد التكنولوجيا الحالية على خاصية أساسية في الأمواج، وهي قدرتها على الانحناء والارتداد... وكما تستطيع الموجات الضوئية أن ترتد (تعكس) أو الانحناء (الانكسار) عند المرور عبر وسيط، فإن موجات الزلزال تنتقل مباشرة عبر صخور متجانسة، لكنها تعكس أو تنكسر عندما تواجه أي حدود أو خشونة.
ويقول سيداو ني «نعرف أن جميع الأجسام تقريباً لديها خشونة سطحية كالمتعارف عليها على وجه الأرض، لكن الموجات هذه المرة كشفت عن خشونة أكثر من الطبقة السطحية عند حدود 660 كلم، كما فحص الباحثون أيضا طبقة بطول 410 كيلومترات (255 ميلا) لأسفل، ولم يجدوا خشونة مماثلة».
وعن أهمية هذا الاكتشاف، يوضح أن له آثارا هامة لفهم كيفية تشكيل كوكبنا، حيث تقسم تلك الطبقة الوشاح، الذي يشكل نحو 84 في المائة من حجم الأرض، إلى قسمين علوي وسفلي. وعلى مدى سنوات يبحث علماء الجيولوجيا مدى أهمية هذه الطبقة على وجه الخصوص، وكيفية انتقال الحرارة عبر الوشاح، وتساعد هذه الدراسة في هذا الإطار.
ويضيف: «في الوقت الحالي، يقوم علماء الزلازل بنشر مصفوفات زلزالية كثيفة أكثر فأكثر، حيث ستوفر هذه المصفوفات الكثيفة بيانات زلزالية قيّمة للغاية للدراسة وسنقوم نحن أنفسنا بتركيب بعض المصفوفات الكثيفة، وسنحاول التعاون مع علماء زلازل آخرين لجمع المزيد من بيانات الموجات الزلزالية، لكشف المزيد من المعلومات».