مكتب الأحلام «هاوس زيرو»... خالٍ من أنظمة التبريد والتدفئة

باحثو جامعة هارفارد طوّروا تصميماً صديقاً للبيئة

مكتب بيئي تام النقاوة
مكتب بيئي تام النقاوة
TT

مكتب الأحلام «هاوس زيرو»... خالٍ من أنظمة التبريد والتدفئة

مكتب بيئي تام النقاوة
مكتب بيئي تام النقاوة

من الخارج، سترون منزلاً خشبي الإطار بتصميم من الثلاثينيات، ولكنّه في الحقيقة مقرّ هندسي عالي التقنية في جامعة هارفارد. خرج هذا المنزل الذي يحمل اسم «هاوس زيرو» House Zero إلى الضوء للمرّة الأولى قبل أكثر من شهرين، وهو المقرّ الجديد لمركز المباني والمدن الخضراء التابع للجامعة.

«تلوث صفر»
تعبّر كلمة «زيرو» (صفر) في اسم المبنى عن الوضع السائد في داخله: «صفر بصمة كربون، صفر كهرباء من الشبكة، صفر أنظمة تدفئة وتبريد تعتمد على الوقود الأحفوري، وصفر مواد سامة».
وفي إطار الهدف الطامح إلى تحويل قطاع البناء الذي يتسبب في 40 في المائة من انبعاثات الكربون السنوية في الولايات المتحدة، يعمل هذا المبنى كمنشأة بحثية لهندسة مستدامة عمادها البيانات، وكمنصة لاستعراض احتمالات تجديد المباني القديمة مع إضافة عناصر فعالة على صعيد الطاقة.
صممت هذا المبنى شركة «سنوهيتا» في أوسلو بالتعاون مع خبراء مناخيين من مؤسسة «سكانسكا تكنيك» النرويجية. وسيعمل «هاوس زيرو» على إنتاج طاقة أكبر من تلك التي يستخدمها طوال سنين خدمته الستين المتوقعة. ويستمدّ هذا النظام طاقته الكاملة من التهوية الطبيعية ولا يتضمّن أي أنظمة للتبريد والتهوية والتدفئة، في خطوة جريئة نوعاً ما نظراً لشتاء مدينة بوسطن القاسي. يؤكّد علي مالكاوي، الذي أسس المركز عام 2014 أنّهم يشعرون براحة مطلقة في داخله.
وقال مالكاوي في حديث له مع موقع «كوارتز» إنّ استكمال «هاوس زيرو» تطلّب نحو أربع سنوات من البحث وحتى مرحلة البناء، لافتاً إلى أنّ المهندسين المعماريين أبدوا اهتماماً خاصاً باختيار مواد غير سامة تحتبس الحرارة بشكل فعّال. هذا يعني أن المركز لا يتضمن أي أنابيب مصنوعة من متعدد كلوريد الفينيل، أو الرصاص، أو الإيثر، وغيرها من المواد الشائعة التي تعرف بوقوفها خلف الكثير من المشكلات الصحية.

نوافذ بيئية
ومن المقرر أن يستضيف «هاوس زيرو» أعضاء المركز الـ25، ويقول مالكاوي إن «الأشياء الوحيدة السيئة التي أحضرناها معنا إلى المركز هي ملابسنا على ظهرنا» في إشارة منه إلى أنواع الأصباغ والفثالات والمركبات التي تدخل في صناعة غالبية الأقمشة.
لم تفصح هارفارد عن تكلفة بناء «هاوس زيرو»، ولكنّها اعترفت بأنّ المطوّر صاحب المساهمة الأكبر في المشروع كان شركة «إيفرغراند» الصينية للعقارات.
يعتبر نظام النوافذ الجديد في المركز عنصراً هندسياً أساسياً فيه؛ إذ تعمل النوافذ والظلال، بالاعتماد على برنامج إلكتروني خاص وأجهزة استشعار، على تعديل نفسها بنفسها، وأكثر من مرة في الدقيقة الواحدة أحياناً، لتنظيم مستويات التهوية وثاني أكسيد الكربون في كلّ بقعة. كما يستجيب المركز أيضاً لأحوال الطقس الخارجية ويجمع البيانات الجويّة من خلال محطته المناخية الخاصة. ويقول مالكاوي إنّ الأولوية في هذا «هاوس زيرو» أعطيت لضمان الحرارة المثالية لاستمرار إنتاجية الموظفين.
ومراعاة منهم للتفضيلات الشخصية (أي الحروب المكتبية حول درجات الحرارة)، والقلق الذي قد تسببه فكرة أتمتة المبنى بالكامل، عمل المهندسون المعماريون على تصميم أقسام تعمل يدوياً أيضاً. ويضيف مالكاوي: «سيعمل المبنى من تلقاء نفسه على ضمان الراحة المطلقة، ولكنّه سيتيح للموظفين أيضاً فرصة لفتح النوافذ يدوياً لضمان راحة الفرد والحفاظ على ارتباطه الوثيق بالفطرة الإنسانية».
مكيّف هوائي طبيعي
وجاء في شرح مجلّة هارفارد أنّ المهندسين المعماريين عملوا على تعزيز أرضية المنزل الخشبية، فصبّوا أطنانا من الخرسانة بين الطوابق لاحتباس أفضل للحرارة، وضمان استقرار درجاتها في مختلف الفصول.
ولا تعد فكرة المنازل الخالية من الشبكات الكهربائية بجديدة، وفي الواقع إن التصميمات التي يشار إليها بـ«صفر طاقة» موجودة فعلاً، ولكنّ فرادة وتميز مختبر هارفارد البحثي يكمنان في التركيز على تجديد الأبنية غير الفعالة والتي تعتمد على الطاقة في الولايات المتحدة وجمع البيانات المتعلّقة بما يقارب 17 نقطة بيانات يومياً خلال عملها. ويقول مالكاوي: «نظنّ أننا نعرف الكثير عن المباني ولكنني اليوم تأكدت أن ما نعرفه ما هو إلّا القليل». ويؤكّد على أنّ «هاوس زيرو» هو إثبات على أنّ البناة يمكنهم تصميم وتجديد مبان تعمل بحسب مناخها الطبيعي. ويضيف: «فكرة فصل نفسك عن محيطك في مبانٍ محكمة الإغلاق ليس الطريقة الصحيحة للحياة».
وتحدّث مالكاوي، الذي يحاضر في تخصص تقنية الهندسة المعمارية في جامعة هارفارد، عن فائدة أخرى لعدم الاعتماد على الآلات الثقيلة لتنظيم أبنيتنا، وقال: «المبنى شديد الهدوء لأنّه خالٍ من الأجهزة الطنانة. إنه خالٍ من كلّ شيء وحتى من المراوح. عندما تكونون في الداخل، ستشعرون بالصفاء».



الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.