تهديد حوثي بتصعيد ميداني في الحديدة وتلويح بمنظومة أسلحة جديدة

الشرعية تطلب تدخلاً أممياً لوقف انتهاك الهدنة وتحذر من نفاد صبرها

دورية للجيش اليمني في الحديدة (إ.ب.أ)
دورية للجيش اليمني في الحديدة (إ.ب.أ)
TT

تهديد حوثي بتصعيد ميداني في الحديدة وتلويح بمنظومة أسلحة جديدة

دورية للجيش اليمني في الحديدة (إ.ب.أ)
دورية للجيش اليمني في الحديدة (إ.ب.أ)

هددت الميليشيات الحوثية بتصعيد ميداني أوسع في مختلف جبهات القتال أمس، على لسان وزير دفاعها، بالتزامن مع اندفاع الجماعة لتفجير الأوضاع في محافظة الحديدة، عبر تكثيف هجماتها وقصف المواقع الحيوية وأماكن تمركز القوات الحكومية شرق المدينة وجنوبها.
وعلى وقع التصعيد القتالي للميليشيات الموالية لإيران، حذرت الحكومة الشرعية من نفاد صبرها، ودعت الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن وكبير المراقبين الدوليين مايكل لوليسغارد لاتخاذ موقف واضح من تعمد الميليشيات تأجيج الأوضاع وخرق الهدنة. وبث وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، على صفحته في «تويتر»، تسجيلاً مصوراً يوثق حريقاً كبيراً في مجمع «إخوان ثابت» الصناعي، شرق مدينة الحديدة، الذي يقع في نطاق سيطرة القوات الحكومية، بسبب القذائف الحوثية على المجمع.
وتسبب القصف الحوثي في احتراق مستودعين على الأقل، وتدمير قسم كبير من معدات المصنع، بحسب ما أكده وزير الإعلام اليمني، ومصادر ميدانية. ودعا الإرياني المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث وفريق الرقابة الأممية إلى اتخاذ «موقف واضح من هذه الاختراقات المستمرة من قبل الميليشيات الحوثية لوقف إطلاق النار».
ووصف الوزير اليمني ما تقوم به الجماعة الحوثية بأنه «تدمير ممنهج للبنية التحتية في مدينة الحديدة، من مستشفيات ومصانع»، قال إنه «يتكرر كل يوم، في ظل صمت مطبق ومستغرب». وحذر الوزير الإرياني من أن «صبر الحكومة يوشك على النفاد» جراء الخروق الحوثية التي تحولت، بحسب مصادر ميدانية، في الآونة الأخيرة، إلى هجمات مكثفة مدروسة بعناية، وليست مجرد تصرفات فردية من قبل عناصر الميليشيات، كما تدعي الجماعة الحوثية.
وكان المجمع الصناعي المعروف بمجمع «إخوان ثابت» قد احتضن عدداً من اجتماعات لجنة التنسيق المشتركة لإعادة الانتشار، غير أن قذائف الميليشيات المتواصلة أدت إلى تدمير أجزاء كبيرة، إلى جانب عشرات المباني والمواقع، بما فيها مستشفى «22 مايو».
وفي سياق سعي الجماعة الحوثية إلى التنصل من التزاماتها القائمة بموجب اتفاق السويد، والعودة إلى تفجير الأوضاع مجدداً، هدد وزير دفاعها محمد العاطفي أمس، في تصريحات بثتها المصادر الرسمية للجماعة، بتصعيد القتال في مختلف الجبهات، وقال إن لدى جماعته منظومة أسلحة جديدة لم تستخدمها بعد، زاعماً أنها ستكون مفاجئة، وسيتم استعمالها في الأيام المقبلة، وفي الوقت المناسب.
ويرجح مراقبون أن الجماعة الحوثية قد تكون حصلت في الفترة الأخيرة على أنواع جديدة من الصواريخ الإيرانية التي يتم تهريبها إلى الحديدة والسواحل الغربية اليمنية، حيث لا تزال الجماعة تسيطر على جزء واسع من الشواطئ المطلة على البحر الأحمر، بما في ذلك موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.
وجاء تهديد الجماعة الحوثية بعد أيام من إبلاغها مسؤولين أمميين في صنعاء تمسكها بوجودها الأمني والإداري وأجهزتها الانقلابية في الحديدة وموانئها، وعدم تسليمها للقوات الأمنية التابعة للحكومة الشرعية، أو للسلطات المحلية التي كانت قائمة في المدينة وموانئها قبل الانقلاب.
ورفضت الميليشيات الانسحاب المقرر، وفق الخطة التي أعدها الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد قبل نحو أسبوعين، في المرحلة الأولى من الخطة، كما رفضت الإشراف الأممي على نزع الألغام وتسليم الخرائط أو إحلال قوات الأمن المحلية التابعة للحكومة الشرعية محل الميليشيات.
وفي السياق التصعيدي ذاته، شنت الجماعة الحوثية هجوماً عنيفاً استخدمت فيه المدفعية والهاون، بالتزامن مع محاولة عناصرها اقتحام مواقع القوات الحكومية في شرق المدينة وجنوبها.
وذكرت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن المعارك التي اندلعت فجراً، واستمرت ساعات، تمكنت خلالها القوات الحكومية من صد الهجوم الحوثي، وإفشال محاولة التقدم باتجاه شارع الخمسين والمدخل الشرقي للمدينة.
وأفادت المصادر بأن الميليشيات الحوثية خسرت عدداً من عناصرها الذين سقطوا خلف معسكر الدفاع الساحلي، بعد أن أجبرتهم القوات الحكومية على التراجع.
وتقول الحكومة الشرعية إن الجماعة الحوثية خرقت اتفاق وقف إطلاق النار منذ سريانه في 18 ديسمبر (كانون الأول) أكثر من 1500 مرة، وهو ما أدى إلى قتل وجرح أكثر من 600 شخص، من سكان المناطق والقرى الخاضعة لها، بسبب القذائف والصواريخ الحوثية.
ولم تنجح حتى الآن المساعي التي يبذلها الجنرال الدنماركي في الحديدة في إقناع الجماعة بتنفيذ اتفاق الحديدة، والبدء في عملية إعادة الانتشار من الموانئ، لجهة أن الجماعة تحاول تفسير الاتفاق كما يروق لها، عبر زعمها أنه لم يشر إلى الانتشار الأمني، وإنما اقتصر على الانتشار العسكري، وهذا في نظرها يبقي على وجودها الأمني والإداري في الحديدة وموانئها.
وفي حين اعتبر وزير خارجية بريطانيا جيرمي هنت، خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، أن مساعيه خلال الزيارة التي شملت لقاء ممثلين عن الجماعة الحوثية، في مسقط، قد تكون بمثابة الفرصة الأخيرة لتنفيذ اتفاق السويد، في الوقت الذي حذر فيه من عودة المعارك بشكل شامل.
وجددت الميليشيات الحوثية، في بيان لخارجيتها الانقلابية، بثته مصادرها الرسمية أمس، اتهام بريطانيا بأنها هي العائق أمام تنفيذ اتفاق السويد.
وزعمت الجماعة الموالية لإيران أن الحكومة الشرعية «تطرح مطالب خارج الاتفاق، بإيعاز من بريطانيا» التي وصفها البيان بأنها «ما تزال تمارس التضليل على شعبها لمواصلة صفقاتها المشبوهة».
كما زعمت الجماعة، في بيانها، أن «سياسة الحكومة البريطانية لا تخدم السلم والأمن الدوليين ومصالح الشعب البريطانية»، ووصفتها بأنها «منحازة في مواقفها» ضد الجماعة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.