تركيا تسيّر دوريات في إدلب تزامناً مع دوريات روسية خارجها

حذرت من موجة مهاجرين قد تصل إلى أميركا ما لم تتوقف انتهاكات النظام

دورية تركية في ريف إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
دورية تركية في ريف إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

تركيا تسيّر دوريات في إدلب تزامناً مع دوريات روسية خارجها

دورية تركية في ريف إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
دورية تركية في ريف إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

بدأت القوات التركية أمس تسيير دوريات عسكرية في المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب السورية بموجب اتفاق سوتشي الموقع مع روسيا في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي لإنشاء المنطقة التي تفصل بين قوات النظام والمعارضة تزامنا مع انطلاق دوريات روسية في محيط المحافظة الخارجي. وفي الوقت ذاته حذرت أنقرة من استمرار الانتهاكات في إدلب، قائلة إنها قد تخلف موجة جديدة من اللاجئين ربما تصل إلى الولايات المتحدة.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، أمس، إن دوريات روسية بدأت تسير في المنطقة الحدودية خارج إدلب وأخرى للقوات المسلحة التركية في المنطقة منزوعة السلاح، واصفا الدوريات التركية والروسية بأنها خطوة مهمة لحفظ الاستقرار وتثبيت وقف إطلاق النار.
ويأتي تسيير الدوريات التركية والروسية بعد تصعيد القصف الصاروخي والجوي من جانب قوات النظام على محافظة إدلب وأرياف حماة، ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين.
وقال أكار إننا ننسق مع روسيا وإيران بشأن إدلب وتفاهم سوتشي ساهم في منع وقوع كارثة إنسانية كبيرة، واعتبارا من اليوم (أمس) زالت بعض التهديدات المتعلقة بالمجال الجوي لإدلب وعفرين.
وقالت مصادر عسكرية إن الدوريات التركية بدأت من منطقة العيس في ريف حلب الجنوبي، الدوريات وسيتم تسييرها كمرحلة أولى بين نقطتي المراقبة التركيتين: النقطة السابعة قرب تل الطوقان شرق سراقب، والنقطة الثامنة قرب الصرمان شرق معرة النعمان.
وستنتشر الدوريات في المناطق القريبة من نقاط التماسّ بين فصائل المعارضة وقوات النظام في أرياف حلب وإدلب وحماة شمال سوريا على مراحل.
وكانت تركيا توصلت إلى اتفاق مع روسيا، في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، يتضمن إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين مناطق المعارضة ومناطق سيطرة النظام بعمق 15 كيلومتراً في إدلب و20 كيلومتراً في سهل الغاب بريف حماة الغربي، ويتم نزع الأسلحة الثقيلة، بما فيها الأسلحة المدفعية والدبابات، وإخراج المجموعات المتشددة من إدلب.
وحذر أكار من وصول اللاجئين السوريين إلى الولايات المتحدة، حال الهجوم على محافظة إدلب من قبل جيش النظام، قائلا: «إذا استمرت الهجمات في إدلب، وبدأت الهجرة فإن لجوء 3.5 مليون شخص لن يكون فقط إلى تركيا وأوروبا وإنما إلى الولايات المتحدة أيضاً».
وأضاف أن أكبر شكوى لدينا من النظام السوري هي خرقه لوقف إطلاق النار، ننتظر منه الالتزام به، ونطلب من روسيا وقف النظام عن شن الهجمات في إدلب.
ويبرر النظام السوري القصف بأنه يأتي ردا على خروقات فصائل المعارضة وما يصفها بـ«المجموعات الإرهابية»، لكن الاستهدافات تتركز على المناطق المأهولة بالسكان، وخاصة في مدينتي خان شيخون ومعرة النعمان.
ويعد تحذير أكار من وصول اللاجئين السوريين إلى أميركا هو الأول من نوعه، إذ ركزت تركيا في السنوات الماضية في تحذيراتها على وصول اللاجئين إلى دول أوروبا.
كما أعلن أكار أنه سيتم نشر منصات منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400» على الأراضي التركية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لافتا إلى أن القوات الجوية تعكف حاليا على إعداد خرائط نشر المنظومة الصاروخية. على صعيد آخر، قال نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكطاي، إن بلاده أنهت استعداداتها لتنفيذ عملية عسكرية في منطقة شرق الفرات، وإن القوات التركية قادرة على الدخول لسوريا الآن.
وأضاف أوكطاي، في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الأناضول، أن أنقرة ستفعل كل ما يمكن من أجل القضاء على من سماهم «الإرهابيين» (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية)، في المناطق السورية شرق الفرات وإحباط الخطر الذي يهددها.
وتابع: «لن نسمح بأي عمل من شأنه أن يشكل خطرا أمنيا ضد تركيا.. الولايات المتحدة أرسلت مجانا 23 ألف شاحنة محملة بالأسلحة الثقيلة»، متسائلاً: «إلى أين تذهب هذه الشاحنات؟ ألا تشكل محتوياتها تهديدا على تركيا»؟
ولفت أوكطاي إلى أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الأميركي، دونالد ترمب، اتفقا على تنسيق انسحاب الولايات المتحدة من الأراضي السورية، قائلا إن ترمب تفهم خاوف تركيا الأمنية في الشمال السوري.
وذكر أن تركيا تنظر إلى المنطقة الآمنة، التي اقترح ترمب إقامتها في شمال سوريا، على أنها ستكون حائلا أمام تهديد أي قوة أو منظمة إرهابية أمن تركيا وسلامتها. وأضاف: «كنا نشعر بخطر حقيقي في المناطق التي تحررت بفضل عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، لذلك قمنا بهاتين العمليتين، وحولنا تلك المساحات إلى مناطق آمنة استفاد منها السوريون».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.