التعلّم من التاريخ لتحسين فرص البقاء

البيئة في جديد المجلات العلمية لهذا الشهر

التعلّم من التاريخ لتحسين فرص البقاء
TT

التعلّم من التاريخ لتحسين فرص البقاء

التعلّم من التاريخ لتحسين فرص البقاء

- تنوّعت المواضيع التي تناولتها المجلات العلمية الصادرة في مارس (آذار) 2019، وكان من بينها مجموعة من المقالات عن الأبحاث التي تعتمد على النماذج التاريخية وتقييم الحوادث الكبرى التي عرفتها الأرض من أجل تعزيز فرص البقاء.

«ناشيونال جيوغرافيك»
بمناسبة يوم المياه العالمي الذي يُصادف 22 مارس، تناولت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» (National Geographic) في مقال خاص مشكلة تلوث ماء الشرب. ووفقاً للأمم المتحدة، تصل مياه الشرب المأمونة إلى أكثر من ملياري إنسان حول العالم. ولا يقتصر ذلك على البلدان النامية، ففي الولايات المتحدة يشرب نحو ربع الأميركيين من شبكات مياه لا تحقق متطلبات الصحة العامة، وتشمل الانتهاكات الفشل في اختبارات مواصفات المياه السليمة، بما فيها وجود تركيزات خطيرة من الرصاص أو الزرنيخ.

«نيو ساينتست»
ضمّت الإصدارات الأسبوعية الأخيرة لمجلة «نيو ساينتست» (New Scientist) مجموعة من المقالات العلمية المتنوعة. ففي العدد الأول، كان هناك مقال عن الثروات التي يكشف عنها ذوبان الجليد في القارة القطبية الشمالية تحت تأثير التغير المناخي، حيث أدى الاحترار العالمي إلى تقلص الغطاء الجليدي بمقدار 900 ألف كيلومتر مربع خلال السنوات الـ40 الماضية. وتضمن العدد الثاني مقالاً عن نجاح العلماء في وضع نموذج حاسوبي يظهر لأول مرة تغير المناخ خلال 800 ألف سنة مضت، وهو يكشف عن الحساسية العالية للنظم البيئية والغطاء النباتي تجاه تغيرات درجات الحرارة.
وفي العدد الثالث مقال عن الأثر البيئي لإنتاج الأجبان واستهلاكها، حيث يتسبب هذا المنتج الحيواني في انبعاثات كربونية تفوق بكميتها البصمة الكربونية لإنتاج بعض أنواع اللحوم. واحتوى العدد الأخير على 18 نصيحة للحد من التغير المناخي بأقل التكاليف، مثل تأمين العزل الحراري لأماكن العمل والسكن، والاستفادة من اللواقط الشمسية للحصول على المياه الساخنة، وزراعة الأشجار، وتحسين الكفاءة في استهلاك الطاقة.
«بوبيولار ساينس»
كان «النقل» السمة الأساسية لمقالات عدد فصل الربيع من مجلة «بوبيولار ساينس» (Popular Science). يواجه تطور وسائل النقل مجموعة من التحديات تتعلق بالأمان والموثوقية والكلفة، فالنماذج الأولية للسيارات الطائرة مثلاً ظهرت سنة 1949 لكنها لم تدخل حيّز الإنتاج للأسباب السابقة. على أن المستقبل يبدو واعداً، لا سيما مع التطورات المتسارعة في تقنيات تخزين الطاقة (البطاريات)، وابتكار هياكل فائقة من ألياف الكربون أقوى بـ10 مرات من الفولاذ وأخف منه بمقدار الخُمس.

«إيرث»
تضمن العدد الجديد من مجلة «إيرث» (Earth)، التي تصدر عن المؤسسة الأميركية لعلوم الأرض، مقالاً عن المشروع العلمي «تحدي المائة جزيرة». والمشروع برنامج ميداني أطلقه معهد جغرافيا المحيطات في كاليفورنيا سنة 2016 لتقييم وضع الشعب المرجانية حول العالم، من خلال زيارة 100 جزيرة في الكاريبي والمحيط الهندي والمحيط الهادي بمعدل مرتين كل 5 سنوات. وتواجه الشعب المرجانية مشكلات متعددة، أهمها ظاهرة الابيضاض التي تتأثر بتغير المناخ وارتفاع حموضة البحار، إلى جانب الصيد المفرط وتدمير الموائل.

«ديسكوفر»
تحت عنوان «المدينة التي ستطعم العالم»، تناولت مجلة «ديسكوفر» (Discover) أبحاث جامعة مدينة واخينينغن الهولندية. وتعد هذه الجامعة بين أكبر مراكز للأبحاث الزراعية في العالم، التي تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي وتوفير الطعام لنحو 10 مليارات إنسان سنة 2050. ويسعى العلماء في أماكن مثل واخينينغن لإيجاد بدائل للمنتجات الحيوانية بخلاف فول الصويا، مثل شرائح اللحم نباتية المنشأ، والنباتات المعروفة باسم عدسيات الماء، والطحالب المجهرية، والأعشاب البحرية، والحشرات الصالحة للأكل. ويعد إنتاج اللحوم، لا سيما الحمراء منها، مستهلكاً كبيراً للموارد، إذ يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من البروتين الحيواني 7.5 كيلوغرام من البروتين النباتي.

«هاو إت ووركس»
تناول مقال الغلاف لمجلة «هاو إت ووركس» (How It Works) النماذج التاريخية لحوادث اصطدام المذنبات والنيازك بكوكب الأرض، وما نتج عنها من اندثار لمجمل الأنواع الحية وتمهيد السبيل لهيمنة أنواع أخرى. وتتعرض الأرض منذ نشأتها المفترضة قبل أكثر من 4.54 مليار سنة لحالات اصطدام كثيرة ومتواصلة، تسببت إحداها بانفصال كتلة شكلت القمر لاحقاً، وقضت أخرى على 75 في المائة من الأنواع الحية بما فيها الديناصورات. وفيما يبدو تعرض الأرض لحادث اصطدام مدمر مخيفاً، فإن دراسة تاريخ كوكبنا واستكشاف فوهات التصادم عليه تساعد في تحسين فرص بقائنا.

«ساينتيفيك أميركان»
هل من المصادفة أن عدداً كبيراً من أحوال الطقس الصيفي المدمرة حصلت خلال العقود القليلة الماضية؟ إجابة «ساينتيفيك أميركان» (Scientific American) عن هذا السؤال كان من خلال مقال للدكتور مايكل مان، مدير مركز نظام علوم الأرض في جامعة بنسلفانيا. وشهدت السنوات السابقة عدداً من الحوادث الكارثية المرتبطة بالظروف الجوية كموجة الحر في أوروبا سنة 2003 التي أودت بحياة 30 ألف شخص، وحرائق الغابات المدمرة في نصف الكرة الشمالية خلال 2010 و2011 و2016 و2018.
ويُشير الدكتور مان إلى أن هذه الأحداث اقترنت بسمة لافتة هي وجود نمط غير اعتيادي في التيار النفاث. هذا التيار عبارة عن شريط ضيق من الرياح القوية التي تهب من الغرب إلى الشرق حول نصف الكرة الشمالية، وهو يجلب الهواء الدافئ شمالاً والبارد جنوباً، ويوفر الظروف لهطولات المطر والثلج. وفي السنوات القاسية، كان التيار أقل استقامة وتماوجاً باتجاه الجنوب والشمال، لكنه توقف ولم يتقدم شرقاً، علماً أن شكل التيار يتأثر بتغير المناخ العالمي.

«أوستراليان جيوغرافيك»
تضمن عدد «أوستراليان جيوغرافيك» (Australian Geographic) مقالاً عما يعتبره العلماء أول أشكال الأنواع الحيوانية المعقدة التي ظهرت على وجه الأرض قبل 575 مليون سنة، وهي الكائنات «الإدياكارية». وتشبه هذه الكائنات في شكلها الورقة، وتمتد بطول يصل إلى 12 سنتمتراً. ولا تُعرف على وجه اليقين أسباب اختفاء الحيوانات الإدياكارية قبل 500 مليون سنة، حيث يرجح العلماء أن ذلك ناتج عن التغير البيئي والافتراس والصراع على البقاء. فيما يرى آخرون أن هذه الحيوانات استمرت بأشكال أخرى تضم الإسفنجيات والديدان والمرجان.



ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».