البرلمان العراقي يبدأ دورته التشريعية الجديدة في ظل تضارب الأولويات

«استكمال الحكومة» و«الوجود الأجنبي» و«مكافحة الفساد» تتصدر اهتمامات الكتل السياسية

TT

البرلمان العراقي يبدأ دورته التشريعية الجديدة في ظل تضارب الأولويات

متأخراً عن موعده لثلاثة أيام، يبدأ الفصل التشريعي الجديد للبرلمان العراقي اليوم. وفيما خلال جدول أعماله سواء من إقرار القوانين المؤجلة من الفصل الأول أو إكمال حكومة عادل عبد المهدي فقد تضارب الأولويات لدى مختلف أطراف العملية السياسية. ففي الوقت الذي تريد أطراف سياسية بحث مسألة الوجود الأجنبي في العراق، وبالذات الأميركي منه، من خلال إقرار قانون يلزم الحكومة بإخراجهم، فإن أطرافاً أخرى ترى أن الأولوية يجب أن تكون لإكمال الكابينة الحكومية لكي تتمكن من تنفيذ برنامجها الذي وعدت به الناس والبرلمان.
أطراف أخرى ترى أن الأولوية يجب أن تكون لمكافحة الفساد، وحسم مصير بعض الوزراء الذين تدور حولهم الشبهات، سواء بالفساد أو الإرهاب أو المساءلة والعدالة.
وحسم جدول أعمال البرلمان الذي نشرته الدائرة الإعلامية في المجلس الجدل بشأن الأولويات. ففيما يبدأ الفصل التشريعي بكلمة لرئيس الجمهورية برهم صالح، فإن المنهاج يتضمن فقرة واحدة، وهي مناقشة توحيد جهود السلطات لمكافحة الفساد الإداري والمالي بحضور كل من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ورئيس ديوان الرقابة المالية ورئيس هيئة النزاهة.
وقال رئيس «كتلة الحل» في البرلمان، النائب محمد الكربولي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأولوية سوف تكون لمكافحة الفساد، لا سيما أن الفساد لم يعد مجرد حالة بالإمكان القضاء عليها طبقاً لإجراءات روتينية، بل استفحل إلى الحد الذي تحول فيه إلى ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع بكامله». وأضاف الكربولي: «البرلمان قرر مع بدء فصله التشريعي الثاني أن تكون خطوات عمله محسوبة بدقة، وطبقاً للأولويات الضاغطة، وبالتالي جاء القرار أن تتم استضافة رئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيسي ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، لكي تتضح الصورة تماماً للجميع، ولكي تكون المعالجات حقيقية، وبتضافر جهود الجميع».
من جهته، فإن النائب عن محافظة كركوك حسن توران، وهو نائب رئيس «الجبهة التركمانية»، يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «تأخر بدء الفصل التشريعي عن موعده المقرر هو أمر مقلق، خصوصاً أن هناك أموراً أساسية ضاغطة تتطلب سرعة العمل والبت». وأضاف توران: «البرلمان يحتاج أن يعطي الأولوية لتشريع القوانين التي أرسلت من الحكومة»، مبيناً أن «هناك مشروعات قوانين تعود إلى ثلاث دورات سابقة، وهو أمر خطير، ولا مبرر له». وأكد توران أن «من بين الأمور المهمة حسم ما تبقى من الكابينة الحكومية، وكذلك رؤساء اللجان البرلمانية، بالإضافة إلى متابعة ملف الخدمات في المحافظات، خصوصاً ونحن على أعتاب فصل الصيف».
إلى ذلك، أكدت مقررة البرلمان أن السبب في عدم إكمال الكابينة الحكومية يعود إلى عدم وصول السير الذاتية إلى هيئة رئاسة البرلمان. وقالت خديجة علي إن «أعضاء البرلمان يرفضون التصويت على أي وزير قبل قراءة السيرة الذاتية للمرشح، ومعرفة التفاصيل الكاملة عن المرشح». وأشارت إلى أن «من المقرر أن يتم التصويت على مرشحي الحقائب الوزارية ورؤساء اللجان عبر جلسة واحدة».
على صعيد الكابينة الحكومية، فإنه في الوقت الذي عادت فيه حقيبة الدفاع إلى المربع الأول بعد رد المحكمة الاتحادية دعوى الطعن التي قدمها المرشح لوزارة الدفاع فيصل الجربا ضد رئيس البرلمان، فإن الاتفاق بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) على منح حقيبة العدل إلى «الاتحاد الوطني»، يعني أن الأخير بات مستعداً لتقديم مرشحه لهذه الحقيبة، حال اكتمال التوافق على الحقائب المتبقية، وهي «الدفاع والداخلية والتربية»، في وقت لا يلوح في الأفق ما إذا كان الاتفاق بين تحالفي «الفتح» بزعامة هادي العامري و«سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، قد حسم مصير فالح الفياض، سواء لجهة سحب ترشيحه، أو التوافق عليه للمنصب، أو منحه منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية.
في سياق متصل، أعلن المتحدث باسم كتلة «دولة القانون» بهاء النوري، أن ضمن أولويات عمل ائتلافه بالدورة الحالية تشريع قانون البنى التحتية وتمليك العشوائيات إلى ساكنيها. وقال النوري، في تصريح، أمس، إن «قانون البنى التحتية يعتبر من القوانين المهمة التي سعى زعيم (ائتلاف دولة القانون) نوري المالكي لتمريره منذ الدورات السابقة»، مبيناً أن «خشية بعض الأطراف السياسية من احتساب الإنجاز لشخص (رئيس الوزراء الأسبق نوري) المالكي جعلهم يعملون على إفشال القانون وعدم التصويت عليه». وأشار إلى أنه «يتوجب على القوى السياسية إبعاد القوانين ذات المنفعة العامة عن السجالات السياسية، أو محاولات تسقيط الآخر، أو تحقيق مكاسب ضيقة، وأن تنظر للمصلحة العامة فوق المصالح الضيقة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».