خيار الحسم العسكري في الحديدة يعود إلى الواجهة بعد تعنت الحوثيين

سياسيون يمنيون لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق السويد أصبح ميتاً

مقاتل مناصر للحكومة اليمنية في الحديدة (إ.ب.أ)
مقاتل مناصر للحكومة اليمنية في الحديدة (إ.ب.أ)
TT

خيار الحسم العسكري في الحديدة يعود إلى الواجهة بعد تعنت الحوثيين

مقاتل مناصر للحكومة اليمنية في الحديدة (إ.ب.أ)
مقاتل مناصر للحكومة اليمنية في الحديدة (إ.ب.أ)

باتت مؤشرات العودة إلى خيار الحسم العسكري لتحرير الحديدة وموانئها تلوح في الأفق بعد إفشال الجماعة الحوثية لكل المساعي الأممية من أجل تنفيذ اتفاق السويد، وبخاصة ما يتعلق منه بالحديدة، وعدم الانصياع لكل الضغوط الدولية في هذا الشأن.
وعلى الرغم من أن كثيرا من السياسيين اليمنيين كانوا يعتبرون الاتفاق الذي تم قبل أكثر من شهرين ونصف ولد ميتا، فإن الحكومة اليمنية كانت تراهن على الجهد الأممي لإقناع الميليشيات بالانسحاب وهو ما لم يتحقق حتى الآن وباتت فرص تحقيقه ضئيلة جدا، وخاصة مع تصريحات الجماعة وقادتها برفض تنفيذ الاتفاق ومحاولة منحه تفسيرات مختلفة تتعارض مع جوهره.
وفي حين لايزال كبير المراقبين الدوليين ورئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد يحاول في الحديدة إقناع الجماعة الحوثية بانتهاز الفرصة الأخيرة، كان وزير خارجية بريطانيا حذر من عودة حرب شاملة خلال أسابيع إذا ما تعثرت الجهود الأممية والدولية في تنفيذ اتفاق السويد.
وعلى وقع المراوغات الحوثية المتعمدة، يبدو أن الشرعية اليمنية وصلت إلى نقطة النهاية في التعاطي مع مساعي المبعوث الأممي مارتن غريفيث خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض، في ظل تسريبات عن رفض الرئيس عبد ربه منصور هادي مقابلته وتكليف نائبه الفريق علي محسن الأحمر للقائه وإبلاغه بأن الشرعية استنفدت كل ما في جعبتها من تنازلات ممكنة لتنفيذ الاتفاق.
كما أن الجماعة الحوثية في صنعاء أبلغت قبل أيام مسؤولين أمميين بأنها مستعدة للحرب ولن تنسحب من الحديدة أو تقوم بتسليمها للسلطات الشرعية ولا من الموانئ، بشكل فعلي، وأن كل ما في مقدورها هو أن تنسحب شكليا، مع بقاء وجودها الأمني والإداري.
وتعني هذه التطورات عمليا أن اتفاق السويد، أصبح في حكم الميت، وأن ما بقي منه لا يزيد على وجود الهدنة الهشة التي خرقتها الجماعة الحوثية أكثر من 1500 مرة منذ سريانها في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويعتقد سياسيون يمنيون وناشطون أنه لا بديل الآن أمام الحكومة الشرعية من استكمال عملية تحرير الحديدة وموانئها بالقوة بعد أن أقامت الحجة على الجماعة الحوثية أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وفي هذا السياق، يرى الباحث السياسي والإعلامي الدكتور فارس البيل أن «اتفاق السويد ولد في غرفة الإنعاش، ولم تسنده أجهزة الإعاشة كما يجب لتنقذه».
وقال البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»» إن الأمم المتحدة استطاعت إخراج الاتفاق من حالته العسيرة، لكنها مع ذلك لم تسعفه جيدا وتحطه بالرعاية وضمانات التطبيق، وهي تعلم المخاوف سابقا.
وفي تقديره أن «الأدهى من كل ذلك أن كل يوم يمر فالاتفاق ينهار ولم تكن الأمم المتحدة عبر مبعوثيها في كل الزيارات والاجتماعات تفعل شيئا سوى تمديد حالة الانهيار، وتوسيع دائرة الفشل، ولم تتخذ خطوة واحدة للضغط على ميليشيات الحوثي وهي تمزق الاتفاق كل حين».
وحول توقعه للسيناريوهات المترقبة يرى الدكتور فارس البيل إن المسألة لا تعدو أمرين، الأول «تستمر فيه حالة التيه والدوران في وهم التفاوضات والإجراءات التي ستنتقل من دائرة لأخرى حتى تفقد المشكلة اليمنية تصورها وندخل في تفصيلات لا علاقة لها لا بمعاناة اليمنيين ولا بالسلام المنشود، فنعيش حالة اللاسلم واللاحرب لأمد طويل».
والأمر الآخر - بحسب البيل - هو «أن يعود الخيار العسكري، رغم أن ملامحه تائهة الآن، وإن كان الخيار العسكري هو الأجدى فعلا لتراجع الحوثي».
ويرى البيل أن الحكومة الشرعية في كل هذا عليها أن تختار «إما أن تستمر في حالتها القابلة لكل الضغوط والتوجهات، المتساوقة مع كل اللانجاح واللاإنجاز، وحينها تمنح الحوثي مزيدا من التعنت، كما تمنح المجتمع الدولي والأمم المتحدة مزيدا من التراخي، وهو ما سيفقدها أيضا رصيدها المعنوي والقانوني أمام اليمنيين الذين يحتاجون للسلام والخروج من الأزمة».
وإما الخيار الآخر المتاح أمام الحكومة اليمنية - وفق ما يطرحه البيل – وهو أن «تحزم أمرها على المستويين الدبلوماسي والعسكري، ويصبح موقفها أكثر وضوحا وصلابة، حيث إنها لا تقبل إلا ما هو حقيقي، ولا توافق بلا إنجاز، ولا تتنازل دونما منفعة لليمنيين».
ويجزم الباحث السياسي البيل بأن «الحكومة بعد ذلك ليست ملومة على اتخاذ ما تستطيعه لإنقاذ اليمن ولو بالقوة بعد أن قدمت لكل جهود السلام ما يكفي وزيادة، بخاصة أنه لا يمكن الوثوق بأن ميليشيات الحوثي ستصل إلى حالة سلام وهي تستفيد من الحرب».
من جهته، يقول الإعلامي اليمني ناصر الشليلي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «المراهن اليوم على إمكانية نجاح اتفاق السويد ولو بنسبة ضئيلة فرهانه خاسر دون أدنى شك».
ويؤكد الشليلي أن اتفاق السويد صار في حكم المنعدم والميت وغير الموجود، ويعتقد أن كل محاولات غريفيث المستمرة لإنعاش الاتفاق أو الحديث عنه ما هي إلا محاولات لإنقاذ الميليشيات الحوثية وإعطائها المزيد من الوقت لترتيب صفوفها واستيراد السلاح برعاية دولية للأسف الشديد، بحسب تعبيره.
وهاجم الشليلي الموقف البريطاني الرسمي وغير الرسمي ووصفه بأنه «منحاز، بشكل واضح للمشروع الحوثي ضد الدولة اليمنية وشرعيتها المعترف بها دوليا»، وهو موقف - في تقديره - «يجب أن يتم مواجهته بكل حزم».
ودعا الإعلامي اليمني الشرعية في بلاده إلى «التعامل بقوه ووضوح وعدم مهادنة المبعوث الدولي، فلا يمكن أن تكون الاتفاقات الدولية وسيلة لتمكين الميليشيات من بسط نفوذها وسيطرتها على المناطق اليمنية»، على حد قوله.
وتوقع الشليلي استئناف معركة تحرير الحديدة في الأيام القادمة، وقال: «ليس لدى الشرعية والتحالف خيارات أخرى غير الحسم العسكري، أو خيار القبول بالأمر الواقع وهذا الأخير هو ما لا يمكن للشرعية والتحالف الداعم لها القبول به على الإطلاق».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.