الدول المانحة تجاوزت تعهداتها إزاء الأزمة السورية

تقرير أوروبي قبل مؤتمر بروكسل

TT

الدول المانحة تجاوزت تعهداتها إزاء الأزمة السورية

قبل أيام من الاجتماع الدولي المقرر في بروكسل حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، نشرت مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، تقريراً حول التقدم المحرز في الوفاء بتعهدات الأطراف المشاركة في الاجتماع الذي استضافته بروكسل نهاية أبريل (نيسان) من العام الماضي. وأظهر التقرير أن المجتمع الدولي قد تجاوز ما نسبته 40 في المائة من المساعدات التي جرى التعهد بها في مؤتمر العام الماضي للأزمة السورية لعام 2018.
وأشار التقرير إلى مساهمة الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بمبلغ 4.7 مليار دولار، أي ما يعادل 4 مليارات يورو في العام الماضي، وهو ما يساوي 56 في المائة أكثر من تعهداتهم الأصلية.
وفي مؤتمر العام الماضي الذي استضافه الاتحاد الأوروبي في بروكسل بالتعاون مع الأمم المتحدة، أعادت الأطراف المشاركة ومنها الدول المضيفة للاجئين سوريين، التأكيد على التزاماتها بمساعدة ملايين المدنيين المتضررين من الصراع في سوريا، بالإضافة إلى اللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم.
وخلال المؤتمر في العام الماضي، تعهد المجتمع الدولي بتمويل قدره 4.3 مليار دولار، أي ما يعادل 3.5 مليار يورو لدعم الأنشطة الإنسانية وتحقيق الاستقرار والتنمية لعام 2018، وأيضاً تعهد بتمويل قدره 3.5 مليار دولار، أي ما يعادل 2.9 مليار يورو لعام 2019، كما أعلنت المؤسسات المالية والجهات المانحة عن قروض بقيمة تزيد على 21 مليار دولار، أي ما يزيد على 17 مليار يورو خلال الفترة من 2018 إلى 2020.
وتشهد بروكسل خلال الفترة من 12 إلى 14 مارس (آذار) الحالي فعاليات مؤتمر دعم سوريا والمنطقة في نسخته الثالثة، التي تنطلق من خلال حوار يستغرق يومين داخل البرلمان الأوروبي للخبراء والمنظمات وممثلي المجتمع المدني من الدول والأطراف المشاركة في المؤتمر، وسيتم إعطاء فرصة خلال فعاليات المؤتمر للاستماع إلى صوت المرأة السورية.
وبعدها ينعقد في 14 مارس الاجتماع الرئيسي بحضور ممثلي 85 دولة ومنظمة إقليمية على المستوى الوزاري في مقر المجلس الأوروبي لمناقشة كل جوانب الأزمة السورية السياسية والإقليمية والإنسانية وسيعالج أهم الأحداث والقضايا التي تؤثر في السوريين والمجتمعات المضيفة للاجئين السوريين سواء داخل البلد أو في الدول المجاورة.
وحسبما ذكرت مصادر أوروبية في بروكسل، سيؤكد المؤتمر من جديد دعم المجتمع الدولي السياسي والمالي للدول المجاورة لسوريا، لا سيما لبنان وتركيا والأردن وأيضاً جهود العراق ومصر في هذا الصدد. كما سيتم الإعلان عن أحدث التبرعات لسوريا والمنطقة لعام 2019.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.