الحكومة التركية تحاول محاصرة أزمات الاقتصاد بوعود لا تتحقق

من التضخم المنفلت إلى الليرة المتهاوية

يعاني الاقتصاد التركي من أزمات متوالية تنسبها المؤسسات الكبرى إلى فشل الحكومة في التعامل معها (رويترز)
يعاني الاقتصاد التركي من أزمات متوالية تنسبها المؤسسات الكبرى إلى فشل الحكومة في التعامل معها (رويترز)
TT

الحكومة التركية تحاول محاصرة أزمات الاقتصاد بوعود لا تتحقق

يعاني الاقتصاد التركي من أزمات متوالية تنسبها المؤسسات الكبرى إلى فشل الحكومة في التعامل معها (رويترز)
يعاني الاقتصاد التركي من أزمات متوالية تنسبها المؤسسات الكبرى إلى فشل الحكومة في التعامل معها (رويترز)

بينما تلاحق الأزمات الاقتصاد التركي من جهات متعددة، تسعى الحكومة التركية لمحاولة امتصاص الصدمات المتوالية التي تواجهها، بداية من التضخم المنفلت، مرورا بإفلاس كثير من الشركات ووضع البنوك الخطر، وصولا إلى الليرة التي لا تكاد تلتقط أنفاسها حتى تتعرض لكبوات جديدة.
وفي إطار محاولات الحفاظ على الليرة، قررت الحكومة التركية تمديد العمل بقرار يلزم المصدرين بتحويل 80 في المائة من إيراداتهم الأجنبية إلى العملة المحلية (الليرة التركية) في غضون 180 يوما من تسلمها، وذلك لمدة 6 أشهر أخرى.
ونشر القرار للمرة الأولى في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي، لمدة 6 أشهر. ونشرت الجريدة الرسمية أول من أمس قرارا بتعديل المرسوم الأصلي لتصبح المدة عاما بدلا من 6 أشهر. وجاء تمديد القرار في إطار مساعي تركيا لرفع الطلب على الليرة التركية ودعمها مقابل العملات الأجنبية.
وكشفت هيئة الإحصاء التركية في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي حدوث زيادة في إيرادات النقد الأجنبي من قطاعات رئيسية، مثل الصادرات والسياحة، وانخفاض التضخم، وكذلك حدوث تراجع كبير في عجز الميزان التجاري لصالح الصادرات التي واصلت ارتفاعاتها مقابل الحد من الواردات، وهو ما قلص من المستحقات الخارجية على البلاد وخفف الضغوط على موازنة الدولة والليرة. وحققت الصادرات التركية نهاية العام الماضي 168.1 مليار دولار، وتراجع عجز التجارة الخارجية إلى 55 مليار دولار.
وواجهت تركيا أزمة اقتصادية عنيفة في النصف الثاني من عام 2018، تجلت مظاهرها السلبية بقوة في تراجع قيمة الليرة، كما ارتفع سعر الفائدة على القروض بالبنوك إلى 24 في المائة، وصعد معدل التضخم إلى أكثر من 25 في المائة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعهدت الحكومة التركية بمكافحة التضخم، عبر سلسلة من الإجراءات شملت تشجيع الشركات والمؤسسات التجارية على خفض الأسعار بشكل طوعي، وتسهيل إجراءات منح الجنسية للمستثمرين الأجانب في قطاع العقارات.
وتعرضت المصارف التركية لسلسلة من الأزمات ما أثر على قدرة المقترضين على دفع المستحقات المالية في مواعيدها المحددة. وشهدت القروض المتعثرة تزايدا واضحا لدى البنوك التركية التي أخذتها وكالات التصنيف الدولية بعين الاعتبار، وهي القروض المدرجة في قائمة المتابعة من قرب، وما تمت هيكلته، التي يتعين تعديل عقودها نظرا لعدم سدادها مدة أكثر من ثلاثة أشهر وبلغت مستوى أعلى بكثير لتتخطى الحدود الآمنة. وانخفض مؤشر القطاع المصرفي، الذي يبين أداء الأسهم في سوق الأوراق المالية، بنسبة 46 في المائة على أساس دولاري العام الماضي؛ إذ أصبحت القيمة الحالية لأحد البنوك الذي كانت قيمته السوقية اقتربت من 25 مليار دولار قبل بضع سنوات، أقل من 7 مليارات دولار.
وأوضحت البيانات الواردة في ملاحظات ميزانية عام 2018 لأكبر 10 مصارف تركية، التي تشكل ما يقرب من 85 في المائة من القطاع المصرفي، أن الديون المتعثرة تسببت في ضائقة كبيرة للقطاع المصرفي. ووفقا لبيانات لجنة تنظيم ومراقبة القطاع المصرفي فإن النسبة الرسمية في القروض المعدومة في القطاع يتم حسابها عند مستوى 4.5 في المائة. وتسببت الأزمة أيضا في استنزاف رؤوس الأموال التي تذهب مع توقعات قوية بأن الوضع سيزداد سوءا. وفي مقابل توقعات هيئة التنظيم والرقابة على القطاع المصرفي في تركيا بأن «النسبة الإجمالية للقروض المعدومة في القطاع المصرفي ستصل في أسوأ الأحوال إلى 6 في المائة»، تقول وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» إن هذه النسبة سترتفع إلى مستوى يتراوح ما بين 15 إلى 20 في المائة.
وتوقعت «ستاندرد آند بورز» انخفاض الليرة التركية على نحو مطرد في الأعوام الثلاثة القادمة، وارتفاع مستوى القروض المصرفية المتعثرة إلى المثلين عند 8 في المائة، في الـ12 شهرا القادمة.
وبقي سعر الدولار تحت عتبة ليرتين مدة طويلة، لكن العملة التركية انخفضت بعد 2014. وأصبح سعر الدولار ثلاث ليرات، في أوج المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو (تموز) عام 2016، لكن النزف استمر حتى عام 2018، فبعد أن أصبح الدولار يعادل 4 ليرات، هبط سعر الليرة سريعاً، في أغسطس (آب) الماضي، حتى تجاوَز عتبة 7 ليرات مقابل الدولار الواحد.
وبلغت الأزمة ذروتها بفقد العملة التركية نحو 40 في المائة من قيمتها منذ بداية العام الماضي، خصوصاً مع خفض أسعار الفائدة لمواجهة ارتفاع التضخّم، فضلاً عن الخلاف مع الولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات اقتصادية على تركيا، انتهت مع إطلاق القس الأميركي المحتجز أندرو برانسون، الذي كان يحاكَم في تركيا بتهم تتعلق بدعم الإرهاب، في أكتوبر الماضي.
وتفوق نسبة التضخم في تركيا ثلاثة أمثال متوسط نسبتها في الدول ذات الأسواق الناشئة المماثلة، وأصبحت البلاد في سلة واحدة مع البلاد التي تعاني معدلات تضخم ضخمة مثل الأرجنتين (22.9 في المائة) وأوكرانيا (13.6 في المائة).
وفي شهر أكتوبر الماضي ارتفع معدل التضخم السنوي إلى نحو 25.3 في المائة؛ ما انعكس على المستثمرين في قطاع الإسكان، فتعرضوا لخسائر بنسبة 17 في المائة على أساس القيمة الحقيقية... ونتيجة لكل ذلك، انتشر الركود المشهود في المناطق المركزية لقطاع الإسكان، مثل مدينتي إسطنبول وأنقرة، إلى جميع أنحاء البلاد.
وارتفع معدل التضخم في تركيا بنسبة 1.06 في المائة في يناير (كانون الثاني) 2019، على أساس سنوي، ليصل إلى 20.35 في المائة. وأرجعت هيئة الإحصاء التركية ارتفاع معدل التضخم إلى ضغط من زيادة بلغت 6.43 في المائة في أسعار الأغذية والمشروبات غير الكحولية مقارنة بشهر ديسمبر (كانون الأول) ووصل معدل ارتفاع أسعار الأغذية 30.97 في المائة مقارنة بالشهر ذاته من عام 2018.
وسجل معدل التضخم تراجعا طفيفا بنسبة 0.16 في المائة في شهر فبراير (شباط) الماضي بحسب ما أعلنت هيئة الإحصاء التركية، في بيان أمس (الاثنين)، ليصبح 19.67 في المائة. وبحسب البيان، زادت أسعار المستهلك بنسبة 17.93 في المائة خلال الأشهر الـ12 الماضية، فيما ازدادت أسعار المنتجين المحليين 27.01 في المائة، خلال الفترة نفسها.
وكان البنك المركزي توقع أن يصل معدل التضخم، خلال العام الحالي، إلى 17.3 في المائة في حده الأعلى، و11.9 في المائة في حده الأدنى. وينصب اهتمام الأتراك حاليا على موضوع التضخم قبل الانتخابات المحلية التي ستجرى في نهاية مارس (آذار) الحالي، وقالت وكالة «بلومبيرغ» الأميركية في تعليقها على أرقام التضخم الجديدة، إن «حملة التهديدات والغرامات والخصومات الكبيرة التي أطلقتها الحكومة نجحت في كبح جماح التضخم».
وأشارت إلى أن الحكومة طبقت خصومات ضخمة على المواد الغذائية في عدد من محلات البيع، بعد أن شهدت أسرع ارتفاع لها منذ عام 2004 وذلك قبل بدء الانتخابات، لافتة إلى أن المواد الغذائية والمشروبات تشكل أكبر مكون لمؤشر السلع الاستهلاكية بنسبة تصل إلى نحو 23.29 في المائة.
ورأت أنه رغم تباطؤ معدل التضخم بأسعار المواد الغذائية في الآونة الأخيرة ليصل إلى 29.3 في المائة الشهر الماضي مقابل 31 في المائة في شهر يناير، فإنه لا يزال أعلى بكثير من المستوى المستهدف من قبل البنك المركزي وهو 13 في المائة.
وقال الرئيس رجب طيب إردوغان، السبت الماضي، إن معدل التضخم سينحسر إلى حدود 6 إلى 7 في المائة، لكنه لم يحدد آليات تحقيق هذا المعدل المنخفض جدا بالمقارنة لما هو عليه الوضع الآن.
وتواجه حكومة إردوغان انتقادات حادة لفشلها في التعامل مع أسباب الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد ولجوئها إلى حلول غير مجدية لعلاج مشكلة ارتفاع أسعار الغذاء، الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع التضخم إلى جانب تراجع العملة، عبر بيع الخضراوات والفواكه بأسعار مخفضة في منافذ حكومية.
وجاءت تصريحات إردوغان، الذي سبق أن تعهد بتراجع التضخم في عام 2018 إلى خانة الآحاد قبل أن يحقق أسوأ ارتفاع على مدى 16 عاما.
من ناحية أخرى، قال اتحاد موزعي السيارات الأتراك إن مبيعات سيارات الركوب والمركبات التجارية الخفيفة في تركيا تراجعت بنسبة 47.1 في المائة في فبراير الماضي عنها قبل سنة إلى 24 ألفا و875 سيارة. وكانت المبيعات انخفضت بنسبة 59 في المائة على أساس سنوي في يناير الماضي.
وارتفعت نسبة الصادرات التركية خلال الشهر الماضي بنسبة 3.7 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وقالت وزير التجارة التركية روهصار بيكجان، أمس، إن الصادرات خلال شهر فبراير الماضي حققت عائدات بقيمة 14 مليارا و312 مليون دولار، وإن الواردات انخفضت في الشهر نفسه بنسبة 18.7 في المائة، ووصلت إلى 16 مليارا و161 مليون دولار.



اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)
الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)
TT

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)
الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان، عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات، وقواعد المنشأ، والإجراءات الجمركية، والنصوص والأحكام العامة، والتجارة الرقمية، والملكية الفكرية.

وقد اختتمت الجولة الأولى المنعقدة بين 10 و12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمدينة الرياض، بمشاركة المملكة ممثلةً بالهيئة العامة للتجارة الخارجية. وأكَّد وكيل محافظ هيئة التجارة الخارجية للاتفاقيات والمنظمات الدولية رئيس الفريق التفاوضي السعودي فريد بن سعيد العسلي، أن الجولة تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية بين الجانبين؛ وستعمل على زيادة حجم التبادل التجاري، ودعم التكامل الاقتصادي والاستثماري، مشيراً إلى أن اليابان تُعد شريكاً رئيساً لدول مجلس التعاون، مما يجعلها سوقاً أساسية لصادرات دول الخليج.

وشارك في الوفد الحكومي للمملكة الذي ترأسه الهيئة العامة للتجارة الخارجية، كل من: وزارة الطاقة، ووزارة الاستثمار، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، ووزارة الصناعة والثروة المعدنية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، وزارة الداخلية، والهيئة السعودية للملكية الفكرية، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، وهيئة تنمية الصادرات السعودية، والبنك المركزي السعودي.

يذكر أن هيئة التجارة الخارجية تعمل على تعزيز مكاسب المملكة التجارية الدولية، وزيادة حجم وجودها الدولي ومشاركتها الفعّالة في عدد من المنظمات الدولية؛ لضمان تحقيق الأهداف المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة.