الهند تتفاوض مع واشنطن قبل مواصلة شراء النفط الإيراني

TT

الهند تتفاوض مع واشنطن قبل مواصلة شراء النفط الإيراني

نقلت رويترز أمس عن مصدرين مطلعين قولهما إن الهند تريد مواصلة شراء النفط الإيراني عند المستويات الحالية البالغة نحو 300 ألف برميل يوميا، في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات مع واشنطن بشأن تمديد استثناء من العقوبات ينتهي في أوائل مايو (أيار).
كان مسؤول كبير في الهند قال في يناير (كانون الثاني) إن بلاده خفضت مشترياتها من النفط الإيراني لكنها تجري محادثات بشأن تمديد إعفائها من العقوبات.
وقال المصدران إن نيودلهي تطلب السماح لها بالاستمرار في شراء النفط الإيراني عند المستويات الحالية البالغة نحو 1.25 مليون طن شهريا بما يعادل نحو 300 ألف برميل يوميا.
أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي بسبب خلاف بخصوص طموحات طهران النووية والصاروخية، بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترمب انسحاب واشنطن من اتفاق أُبرم في 2015 بين إيران وست قوى كبرى.
ورغم أن الولايات المتحدة منحت أكبر عملاء إيران – الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا وإيطاليا واليونان - إعفاءات تسمح لهم بالاستمرار في استيراد كميات محدودة من النفط، فإن واشنطن تضغط على حكومات تلك الدول لوقف وارداتها من النفط الإيراني تماما في نهاية المطاف. وتنتهي الجولة الحالية من الإعفاءات في نحو الرابع من مايو.
ولم يؤكد فينسنت كامبوس المتحدث في مكتب الطاقة بوزارة الخارجية الأميركية ما إذا كانت الهند طلبت من الولايات المتحدة تجديد الإعفاء الخاص بها، لكنه قال إن المحادثات مستمرة مع المشترين الثمانية لنفط إيران الذين تلقوا إعفاءات في نوفمبر بهدف وقف الواردات تماما في نهاية المطاف. وقال كامبوس «نواصل المباحثات الثنائية» مع كل دولة على حدة بما في ذلك الهند.
كانت إيران، عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، تصدر نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا من النفط في ذروة ما قبل العقوبات، لكن الإمدادات تقلصت إلى نحو 1.25 مليون برميل يوميا منذ بداية العام وفقا لما تظهره بيانات الشحن من رفينيتيف.
وقال أحد المصادر في الهند، وفقا لـ«رويترز»، إن المحادثات مع واشنطن لتمديد الإعفاءات تباطأت بسبب إغلاق الحكومة الأميركية خلال يناير. وقال المصدران إن المحادثات استؤنفت حاليا وإن الهند تريد وضوحا قبل الانتخابات العامة المقررة في مايو أيار.
يأتي تحرك الهند لطلب تمديد الاستثناءات في الوقت الذي تخطط فيه واشنطن لإنهاء المعاملة التجارية التفضيلية لنيودلهي والتي تسمح بدخول ما تصل قيمته إلى 5.6 مليار دولار من صادراتها إلى الولايات المتحدة بإعفاء من الرسوم الجمركية.
والهند أكبر مستفيد من برنامج نظام الأفضليات المعمم الذي يُطبق منذ سبعينات القرن الماضي، وسيكون إنهاء مشاركتها به أقوى إجراء عقابي تتخذه الولايات المتحدة بحقها منذ تولى الرئيس الأميركي دونالد ترمب منصبه.
وكانت إيران سابع أكبر مورد للنفط إلى الهند في يناير بالمقارنة مع المركز الثالث الذي احتلته في نفس الفترة قبل عام وذلك قبل إعادة فرض العقوبات.
ارتفع النفط أمس الخميس، وسط تخفيضات المعروض التي تقودها أوبك والعقوبات الأميركية على فنزويلا وإيران المصدرتين للخام، لكن مكاسب الأسعار جاءت محدودة بفعل إنتاج قياسي من الخام الأميركي وتنامي مخزونات الوقود التجارية.
وفي الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش، كانت العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط عند 56.33 دولار للبرميل، مرتفعة 11 سنتا بما يعادل 0.14 في المائة عن التسوية السابقة لها. وسجلت عقود خام برنت 66 دولارا للبرميل.
تتلقى الأسعار دعما من الجهود التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ودول أخرى - في إطار التحالف المعروف باسم أوبك+ لحجب نحو 1.2 مليون برميل يوميا من النفط، في استراتيجية تستهدف تقليل المعروض بالأسواق.
وقال بنك الاستثمار غولدمان ساكس في مذكرة يوم الأربعاء «من وجهة نظرنا، استراتيجية أوبك هي موازنة السوق بأسرع ما يمكن والخروج من التخفيضات بنهاية يونيو (حزيران) من أجل زيادة الإنتاج توازيا مع منتجي النفط الصخري في النصف الثاني من العام الحالي».
وقال متعاملون إن العقوبات الأميركية على صناعة النفط في عضوي أوبك إيران وفنزويلا لها تأثير أيضا.
وأعلنت شركة النفط الوطنية الفنزويلية بي.دي.في.إس.إيه هذا الأسبوع حالة طوارئ بحرية بسبب ما قالت إنها صعوبات في توفير الناقلات والأفراد لتصدير نفطها في ظل العقوبات.



الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».