مقاومة المضادات الحيوية تُبقي جروح مصابي الموصل مفتوحة

مريض في مستشفى «أطباء بلا حدود» في الموصل (أ. ف. ب)
مريض في مستشفى «أطباء بلا حدود» في الموصل (أ. ف. ب)
TT

مقاومة المضادات الحيوية تُبقي جروح مصابي الموصل مفتوحة

مريض في مستشفى «أطباء بلا حدود» في الموصل (أ. ف. ب)
مريض في مستشفى «أطباء بلا حدود» في الموصل (أ. ف. ب)

صارت مقاومة الجسم البشري للمضادات الحيوية ظاهرة شائعة عالمياً في ظل استهلاك واسع جدا لهذه الأدوية خلال العقود الماضية، غير أنها تتسم بحدة أكبر في مدينة الموصل العراقية حيث يوجد عشرات الآلاف من جرحى الحرب.
من هؤلاء الفتى عبدالله علي، البالغ من العمر 12 عاماً، الذي فقد ساقه بعد تعرضه لانفجار لدى مروره وشقيقه الأكبر قرب عبوة ناسفة قبل ستة أشهر، فخضع لخمس جراحات ولسلسلة فحوص طبية على أيدي عدد كبير من الاطباء في ثلاثة مستشفيات في المدينة.
ويروي والده أنه منذ وقوع الحادث "لم يستجب ولدي للعلاج، مهما تكن الوصفة التي يعطيه إياها الطبيب... جسمه لا يبدي أي رد فعل ، وكأنه يموت ببطء".
ولم يكتشف الصبي مدى الجرح الذي يأكل جسده إلا في يناير (كانون الثاني) إثر اكتشاف إصابته بعدوى مقاومة المضادات الحيوية وتلقيه عناية طبية في غرفة معزولة، هي واحدة من عشر غرف أخرى أنشأتها منظمة "أطباء بلا حدود" في الموصل.
وقال عبدالله الذي فقد، إلى جانب ساقه اليسرى، جزءا كبيرا من ذراعه اليسرى: "كلما خرجت، يجب أن أضع وشاحا وقفازا ومعقم اليدين".
واستقبلت منظمة "أطباء بلا حدود" منذ إنشاء هذه الغرف أكثر من 130 مريضاً، 40 في المائة منهم تقريبا أصيبوا بعدوى مقاومة المضادات الحيوية.
ويعد هذا النوع من العدوى من أبرز التهديدات الصحية وفقا لمنظمة الصحة العالمية، الأمر الذي دفعها الى التحذير من خطورة الإصابة بأمراض كالالتهاب الرئوي والسل، يمكن ان تتضاعف وتبلغ درجة لا يمكن معالجتها بالعقاقير الحالية.
وفي الموصل، التي كان يسكنها قرابة مليوني شخص حتى العام 2014، ودارت فيها حرب أدت إلى وقوع إصابات كثيرة وحدث فيها تلوث، ساءت الأوضاع الصحية، خصوصا بعد انخفاض عدد أسرّة مستشفياتها إلى ألف من ستة آلاف.
وأكد الطبيب زكريا البكري، المسؤول عن الجناح الذي يرقد فيه عبدالله، أن "الصراعات لعبت دوراً مهماً. شهدنا زيادة في مقاومة المضادات الحيوية لدى المزيد من المرضى".
ويعيش القطاع الصحي في الموصل وأغلب مناطق العراق، حالة ضعف حاد في ظل تلوث الهواء والمياه ووجود عدد كبير من جرحى الحرب الأخيرة ضد تنظيم "داعش" ومئات الآلاف من الهاربين من صراعات مزقت البلاد على مدى أربعة عقود.
وتخطط منظمة "اطباء بلا حدود" لإنشاء 30 غرفة عزل إضافية. غير أن رئيس دائرة الصحة الذهنية في المنظمة أوليفيرا نوفاكوفيتش يحذّر من أن العزل يمكن أن يكون مدمراً للمرضى الذين أصابتهم الصدمة من جراء الحرب. ويقول إن "الناس يشعرون بقلق ويغضبون، ويمضون وقتهم في استعادة صدمات الماضي". ولفت إلى أنه بالنسبة إلى الأطفال "الأمر أكثر صعوبة لأنهم لا يستطيعون الخروج و اللعب في الخارج، والاختلاط مع الآخرين".
ومن المرضى المعزولين ليلى التي تعيش منغلقة على نفسها منذ أسبوعين داخل واحدة من هذه الغرف، ولا تحلم إلا بإن "أمشي في الموصل وأرى ابني مرة اخرى".
وتعاني السيدة الشابة إصابة في ساقها على الرغم من مرور عام ونصف عام على إصابتها بجرح خلال معركة استعادة السيطرة على الموصل من قبضة "داعش". وأشارت وهي ترفع الغطاء عن قصبة تتخللها مسامير وألواح معدنية سوداء الى انها خضعت "لسبع عمليات جراحية على أيدي خمسة أطباء، ثلاث من بينها فشلت".
وراهناً، ما زال عليها البقاء حبيسة لمدة شهر في غرفة تابعة لـ "أطباء بلا حدود" بعدما اكتشف أطباء المنظمة أنها مصابة ببكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية. لكنّها تقول: "أصبحت مرتاحة. أخيراً عرفت لماذا لم أُشفَ حتى الان".



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.