إيزيديات سبين من قبل «داعش»: المقاتلون يستجدوننا اعتناق الإسلام للزواج

بعضهن نقلن إلى سجن بادوش قرب الموصل.. وأخريات إلى تلعفر

نازحون إيزيديون في مسيرة احتجاجية عند المعبر الحدودي مع تركيا في مدينة زاخو في كردستان العراق أمس (رويترز)
نازحون إيزيديون في مسيرة احتجاجية عند المعبر الحدودي مع تركيا في مدينة زاخو في كردستان العراق أمس (رويترز)
TT

إيزيديات سبين من قبل «داعش»: المقاتلون يستجدوننا اعتناق الإسلام للزواج

نازحون إيزيديون في مسيرة احتجاجية عند المعبر الحدودي مع تركيا في مدينة زاخو في كردستان العراق أمس (رويترز)
نازحون إيزيديون في مسيرة احتجاجية عند المعبر الحدودي مع تركيا في مدينة زاخو في كردستان العراق أمس (رويترز)

يجري حبس مئات النساء الإيزيديات، اللاتي أسرن على أيدي المتطرفين أثناء اجتياحهم بلدة سنجار، في مواقع متفرقة في شمال العراق فيما يبدو وكأنها محاولة متعمدة لاستمالتهن للخدمة كزوجات للمقاتلين.
ومع تنامي وجود مقاتلي «داعش» في المنطقة المحيطة ومحاصرتهم لقرى عربية قبل أسبوعين، حيث كانوا يقومون بإيقاع أولئك الذين لم يتمكنوا من الفرار، أظهروا اهتماما ملحوظا باعتقال النساء، ولا سيما الأصغر والأجمل منهن، وفقا لشهود وأقارب وفي بعض الحالات النساء أنفسهن.
يجري فصل النساء عن الرجال، ثم تفصل النساء الأصغر عن الأكبر سنا ويلقى بأكثرهن في حافلات أو شاحنات.
وبمجرد وقوعهن في الأسر، لا يكون أمام النساء إلا خيارات قاتمة. ويمكن أن تضمن من تعتنق الإسلام منهن حياة جيدة، ويكون لها منزل خاص وزوج. وخلاف ذلك، قيل لهن، إنهن قد يقضين حياتهن في السجن إلى أجل غير مسمى، أو ربما الموت.
جرى جمع الشهادات التي تفيد باعتقال وحبس النساء من خلال مقابلات متعددة مع لاجئين إيزيديين وشهود ونشطاء ونساء أسرن لكنهن تمكن من التواصل مع العالم الخارجي باستخدام الهواتف الجوالة التي كن يحملنها عندما جرى احتجازهن. جرى حجب هويات النساء، وبعض تفاصيل حساباتهن والاتصال بهن لحمايتهن من أن يكشف أمرهن للخاطفين.
وتشير الشهادات إلى جهد متعمد تقشعر له الأبدان لتسخير المرأة في خدمة مشروع «داعش» لإنشاء «الخلافة»، عن طريق إقناعهن بتغيير ديانتهن ومن ثم الزواج برجال الجماعة.
وقدر هوشيار زيباري، زعيم كردي بارز شغل حتى وقت قريب منصب وزير الخارجية العراقي، عدد النساء المحتجزات بأكثر من 1000 امرأة. وقال «جاء الكثير من المقاتلين من أماكن أجنبية دون زوجاتهم، لذلك هم يريدون من النساء تغيير ديانتهن بحيث يمكنهم أن يصبحن عرائس لهم».
ولا يعرف تحديدا عدد النساء اللواتي وقعن في الأسر. وتزعم الحكومة العراقية أن 1500 امرأة اعتقلن وجرى إعدام 500 رجل في بداية الهجوم الوحشي على يد المتطرفين في منطقة سنجار، حيث إن أغلبية سكانها من الإيزيديين ولكن بعضهم مسيحيون أو شيعة أو سنة عرب. كما تم احتجاز نساء من طوائف أخرى، ولكن يبدو أن غالبية الأسرى إيزيديات.
وقامت «مجموعة الأزمة» الخاصة بسنجار، التي شكلها نشطاء إيزيديون في واشنطن، بجمع قائمة بأسماء الأسرى تضم 1074 من الإناث المبلغ باختطافهن من قبل ذويهن ومن المفترض أنهن في وقعن في أسر «داعش».
وأضيفت أسماء 10 نساء أخريات أول من أمس إلى القائمة، بعد وضعهن جميعا في حافلتين وإرسالهن إلى مدرسة في بلدة تلعفر، حيث يجري بالفعل حبس مئات من النساء، وفقا لشهود العيان. وجرى اعتقال الوافدين الجدد في اليوم السابق في قرية كوجو الصغيرة، حيث يقول مسؤولون أكراد وإيزيديون إنه جرى صف أكثر من 80 رجلا وقتلهم رميا بالرصاص قبل أن تفصل النساء الأصغر سنا عن الأكبر سنا ويقتدن بعيدا.
وقال زياد سنجاري، قائد لقوات البيشمركة الكردية في سنجار، نقلا عن شهادة واحد من بين ستة ناجين من المجزرة حيث فر وهو مصاب إلى قرية مجاورة، لم يجر اعتقال النساء الكبيرات في السن في كوجو لكن مقاتلي «داعش» أبقوهن هناك إلى جانب الرجال الأكبر سنا كذلك.
وقال شاهد العيان إنه بعد نقل النساء إلى المدرسة جرى فصل النساء الأصغر سنا مرة أخرى عن النساء الأكبر سنا وزج بهن مع عشرات من الفتية الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عاما الذين جرى اعتقالهم فيما يبدو مع أمهاتهم.
وتظهر التقارير الواردة عن مجزرة كوجو وتداعياتها نمطا مقلقا ظهر خلال الأسبوعين منذ اجتياح البلدة ذات الغالبية الإيزيدية في سنجار، مما دفع عشرات الآلاف من أتباع الأقلية المذعورين إلى الفرار إلى الجبل.
وساعدت الغارات الجوية الأميركية والجسر الجوي للإمدادات الإنسانية معظم الهاربين بحثا عن الأمان في شمال العراق الأسبوع الماضي، كما لقوا أيضا مساعدة من المقاتلين الأكراد السوريين الذين حاربوا المتطرفين لفتح ممر يمكن الإيزيديين من الفرار.
لكن البعض فر في الوقت المناسب. وكان من بينهم عمة حاجي كيراني، 45 سنة الذي تمكن من الفرار إلى دهوك في إقليم كردستان العراق الذي عد ملاذا آمنا للكثير من اللاجئين. كانت عمته تعيش في بلدة سنجار واختطفت هي وابنتها بعد أن دخل المقاتلون دون مقاومة، حسبما يقول الإيزيديون، نظرا لفرار قوات البيشمركة الكردية المسؤولة عن الدفاع عن البلدة. وبينما كان كيراني يصعد الجبل، هاربا مع الإيزيديين الآخرين، تلقى اتصالا هاتفيا من عمته تخبره بأنها نقلت في شاحنة مع عشرات من النساء الأخريات. وخلال الأيام القليلة التي تلت ذلك، اتصلت عدة مرات، لإخباره بموقعها كلما جرى نقلها - إلى سجن في بادئ الأمر، ثم فندق في الموصل، وبعد ذلك إلى شيء يشبه «قاعة» في موقع لم تقدر على تحديده.
ولفت كيراني إلى أنها أخبرته «أستطيع رؤية الكثير من الأشجار». وتوقفت المكالمات أواخر الأسبوع الماضي.
ويبدو أن الشائعات التي انتشرت عن الكثير من عمليات الاغتصاب الجماعي والاسترقاق الجنسي للنساء اللواتي جرى القبض عليهن كان مبالغا فيها. حيث أشارت النساء اللواتي تمكن من إجراء المكالمات الهاتفية بأنهن على ما يرام.
بيد أن مقاتلي «داعش» الذين يحرسون النساء يبدو أن معظمهم أظهروا التزاما عفيفا بتعاليم الإسلام. فعندما حاول أحد الحراس العراقيين المحليين ملاطفة امرأة في موقع من مواقع احتجاز المئات منهن، أمر أحد كبار الحراس، مغربي أو جزائري، بقطع إصبع المتحرش. لكن المرأة التي نقلت القصة لقريبة لها لم تكن متأكدة من قولها.
وبالنسبة للجزء الأكبر من رجال «داعش»، فهم يتوسلون للنساء لتغيير ديانتهن بدلا من تهديدهن، وفقا لما تقوله النسوة. «إنهم يستجدوننا، وفقا لرواية إحدى النساء». وأضافت «يعدوننا بكل شيء. يقولون إنهم سيعطوننا منازل، وأننا سنحيا حياة سعيدة».
ورغم ذلك تشير الشهادات إلى سيناريوهات تعد بالكاد أقل إثارة للقلق لمحاولات لإكراه السجينات وتخويفهن حتى يغيرن ملتهن وإلا سيفقدن حريتهن إلى الأبد. وتصف الأسيرات حوادث مليئة بتلميحات جنسية وتهديدات ضمنية تبقيهن دائما على حافة الهاوية.
وقالت شاهدة إن «فتاة تبلغ من العمر 11 عاما أخذت في ساحة المدرسة الأسبوع الماضي، واجتمع الرجال للنظر إليها دون أن يمسوها. ولكن النساء اللواتي كن ينظرن من نوافذ الفصول لم يتوترن».
وقالت يظهر الرجال بين النساء وينتقلون بينهن في الفصول الدراسية، وينظرون لهن ويدلون بتعليقات مهينة. وأضافت نفس الشاهدة أن «أحدهم قال في إشارة إلى امرأة لو كنت مسلمة لاخترتك».
في أعقاب الهجوم الأول ضد سنجار، أخذت جميع النسوة إلى سجن بادوش في ضواحي مدينة الموصل، وفقا لتقارير متعددة. ومنذ ذلك الحين، جرى نقلهن في مجموعات إلى أماكن أخرى، مما أدى إلى مخاوف من أنهن قتلن أو جرى بيعهن. بيد أن بعض هؤلاء النسوة ظهرن ببساطة في مواقع أخرى بعد بضعة أيام، واتصلن بأقاربهن حتى يخبروهم بأنهن على ما يرام - مما يدل على أن المقاتلين يسعون في ذات الوقت إلى تفريق النساء وتنظيمهن في مجموعات.
لكن مصير بعض النساء لا يزال مجهولا. وعلى خلاف كثير من الإيزيديين الآخرين الذين هربوا إلى أعالي الجبال، اتخذت نوراي حسن علي، 40 عاما، ملجأ في منزل قريب مع نحو 40 فردا آخرا من أسرتها الممتدة عندما بدأ مقاتلو «داعش» هجماتهم، بعد وقت قصير من الساعة الثانية صباح يوم 3 أغسطس (آب). وأضافت في حوار أجري معها في شمال مدينة دهوك، حيث اتخذت من هذا المكان ملجأ، أن نفدت ذخيرة مقاتلي البيشمركة الكردية والمقاتلين الإيزيديين المحليين وبدأوا في الفرار، اقتحم نحو 10 من مقاتلي «داعش» المنزل. وأمر الرجال الأسرة بأن تخرج، وقاموا بصفهم ومن ثم تقسيمهم إلى مجموعات وفقا للسن والجنس.
ولفتت إلى أن معظم المقاتلين كانوا عراقيين، ولكن أحدهم بدا وكأنه باكستانيا. وكان أحدهم كرديا، وتحدث إلى أفراد الأسرة المرتعدين باللغة الكردية. وأضافت «قال لنا إنهم لا يريدون إلحاق الأذى بنا، لذا فليس علينا أن نخاف».
اقتيدت السيدة وأطفالها الستة وأمهات أخريات إلى غرفة. بدأ أحد الأطفال في البكاء لأنه كان عطشانا. فقام حارسهم بإرسال مقاتل آخر ليجلب دلوا من الماء. وعندما عاد المقاتل بالماء، نظر إلى ابنة نوراي البالغة من العمر 15 عاما وأومأ لها بمغادرة الغرفة.
ثم سمعت النساء طلقات نارية، وتلاها صمت. فخرجن ليجدن جثث ثمانية أشخاص، من بينهم زوج نوراي، مسجية على الأرض في المنزل. وذهبت الفتيات الصغيرات بمن فيهن ابنتها، فلم تسمع عنها منذ ذلك الحين أي أخبار.

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.