ما السبب وراء مراقبة «فيس بوك» و«تويتر» لشريحة كبيرة من العرض التلفزيوني؟

مؤتمر سنوي عن صناعة التلفزيون في الريفييرا الفرنسية

ما السبب وراء مراقبة «فيس بوك» و«تويتر» لشريحة كبيرة من العرض التلفزيوني؟
TT

ما السبب وراء مراقبة «فيس بوك» و«تويتر» لشريحة كبيرة من العرض التلفزيوني؟

ما السبب وراء مراقبة «فيس بوك» و«تويتر» لشريحة كبيرة من العرض التلفزيوني؟

في الأسبوع الماضي، استجابت «بي بي سي» للتغييرات التي طرأت على طريقة مشاهدتنا للتلفزيون. ويقول الكثير من القادة في مجال صناعة التلفزيون إن البساطة هي المفتاح الرئيس نحو المستقبل.
عندما تتحدث مع جيرانك بشأن عاداتهم في مشاهدة التلفزيون، فربما ستكتشف أنه على الرغم من أن نطاق البرامج التي تتم مشاهدتها يعد ضيقا إلى حد ما، فإن طرق الاستقبال تتباين بشدة من منزل إلى آخر. فيحصل بعض الأشخاص على عروضهم المفضلة عبر كونسول اللعب أو تحميل البرامج على جهاز كومبيوتر، في حين يحصل البعض الآخر على تلك العروض من خلال لعبها عبر جهاز مثل «أبل تي في»، ويعتبر البعض الآخر عملاء للقمر الصناعي، بينما يلتزم البعض الآخر باستمرار بالمسمى «الخطي» للمشاهدة على القنوات الأرضية العادية، حتى وإن كان يتم استقبالها من خلال نظام رقمي. إننا في عصر عظيم من الاختيارات. أو هكذا تم إخبارنا. ولكن ماذا لو كانت المشاهدة المثالية للتلفزيون في المستقبل توفر اختيارات أقل، وليس أكثر؟ ماذا إذا وصلنا إلى نقطة تقييدية، حيث سيصبح الفائزون في سباق تسلية الناس هم الممولين الذي يمكنهم جلب محتوى قيم إلى منزل الأفراد بأبسط طريقة؟
وقد اجتمع في هذا الشهر المهتمون بصناعة التلفزيون في الريفييرا الفرنسية في المؤتمر السنوي «Mipcom» في محاولة لحل المسألة المتعلقة بالمكان الذي يجب أن تتجه نحوه هذه الصناعة. وفي إحدى الجلسات، كان التحدي متلخصا فيما ذكره غاري كارتر، من شركة «شاين» للإنتاج، الذي أوضح أنه حتى استخدام كلمة «التلفزيون» قد أصبح من الأمور المحيرة. ولم يعد مصطلح «البث» يغطي ما كان يقوم به التلفزيون من قبل، ولذلك، فقد صار «التلفزيون» عبارة عن عالم غامض. وأردف كارتر قائلا «عندما نتحدث عن التلفزيون في الوقت الحالي بوصفه صناعة، فمن غير الواضح ما إذا كنا نتكلم عن البرامج نفسها أم عن جهاز التلفزيون الموجود في غرفة المعيشة. ونبدأ الآن في التحدث غالبا عن «التلفزيون» كمحتوى. وزعم كارتر أنه يجب على شركات الإنتاج في الوقت الحالي اعتبار نفسها تصنع عروضا تسبح بعيدا متحررة من جميع القنوات التقليدية.
وعلى الرغم من ذلك، فربما كانت واحدة من أكثر الأفكار المتأصلة التي يهمس بها في مهرجان هي مسألة التصور القائل بأن القنوات التلفزيونية قد لا تكون عتيقة الطراز للغاية. ومع التزايد السريع في طرق عملية التوصيل، يبدو أن المشاهدين يبحثون - على الأرجح بشكل أكبر - عن مصادر جديرة بالثقة للترفيه ومعرفة الأخبار.
وفي ظل إبرام «فيس بوك» شراكات جديدة مع مزودي الخدمات التلفزيونية، وقيام «يوتيوب» بتطوير قنواته المميزة بالفعل، فمن الواضح أن «الوجهات» الرئيسة على شبكة الإنترنت تستشعر الحاجة إلى إنشاء بعض مصادر البرمجة الصديقة للمستخدم. ومن بين الكثير من القضايا، هناك مسألة تصارع صناعة التلفزيون مع مواقع التواصل الاجتماعي الجديدة على مستوى العالم. ويضع موقع «فيس بوك» نصب عينيه - سيرا على منوال «تويتر» - استخدام خاصية الهاشتاغ وتوجيه المواضيع، لكي يتسنى تشكيل مجتمعات وجمهور حول البرامج التلفزيونية الرائجة. ويعد ذلك الأمر مفيدا للشركات التلفزيونية في حالة مساعدته المشاهدين على العثور على البرنامج ثم التفاعل معه، ويعتبر هذا الأمر مفيدا أيضا لـ«فيس بوك» نظرا لوجود جماهير ضخمة يمكن تشكيلها حول البرامج التلفزيونية.
بيد أن «تويتر» هو الذي تعرف على فرصة كبيرة في العمل مع صناعة التلفزيون - لمساعدة كل من تلك الصناعة ونفسه في آن واحد. وفي آخر أعدادها، لخصت مجلة «فوربس» هذا الأمر بعناية ودقة من خلال الخبر الرئيس على غلافها «كيف سينقذ تويتر التلفزيون؟ وكيف سينقذ التلفزيون تويتر؟»، وفي ظل فقدان شبكات العمل الأميركية الرئيسة للمشاهدين وخسارة «تويتر» لنموذج نشاط تجاري، فهل يمكن أن يعمل الاثنان معا؟.
وصرح ديك كوستولو، الرئيس التنفيذي لـ«تويتر»، لمجلة «فوربس» قائلا: «بسبب نمونا، أصبح من الواضح لنا بشكل أكبر أن السمات التي جعلت تويتر شبكة عامة للمحادثة في الوقت الحقيقي، تجعله مكملا مثاليا للتلفزيون».
«لقد كان التلفزيون دوما من الوسائل الاجتماعية القائمة على المحادثة. وكذلك كان الأمر في الماضي، حيث كان التوصل إلى مثل هذا النوع من المحادثات محدودا ومقتصرا على عدد الأشخاص الموجودين داخل غرفة. وقد تفهمت جهات البث أن تويتر يعد قوة مضاعفة بالنسبة لوسائل الإعلام التي أنشأوها». وتتمثل الطريقة الوحيدة التي يستطيعون العمل من خلالها معا عندما يتم التغريد على إحدى الشبكات بمقطع مصور من خلال برنامج تم ابتكاره من قبل «تويتر»، ويتم تسليط الضوء على لعبة، والتي تكون مسبوقة بإعلان قصير. ويشترك «تويتر» والتلفزيون في خاصية السداد النقدي. وتعد هذه واحدة من المساهمات والخدمات الكثيرة التي يحتل «تويتر» موقعا رياديا فيها.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».