مصر تسعى إلى تثبيت وقف النار والانتقال إلى المرحلة الثانية للتهدئة

إسرائيل تريد هدوءاً كاملاً... و«حماس» تطلب 20 مليون دولار وتسهيلات

فلسطيني يحمي نفسه من الغاز الذي أطلقته قوات إسرائيلية خلال مواجهات قرب مستوطنة بيت إيل الاثنين (رويترز)
فلسطيني يحمي نفسه من الغاز الذي أطلقته قوات إسرائيلية خلال مواجهات قرب مستوطنة بيت إيل الاثنين (رويترز)
TT

مصر تسعى إلى تثبيت وقف النار والانتقال إلى المرحلة الثانية للتهدئة

فلسطيني يحمي نفسه من الغاز الذي أطلقته قوات إسرائيلية خلال مواجهات قرب مستوطنة بيت إيل الاثنين (رويترز)
فلسطيني يحمي نفسه من الغاز الذي أطلقته قوات إسرائيلية خلال مواجهات قرب مستوطنة بيت إيل الاثنين (رويترز)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر تجري مباحثات مكثفة مع إسرائيل و«حماس» من أجل تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، عبر الانتقال للمرحلة الثانية منه بشكل سريع.
وأضافت المصادر: «تريد مصر وقفاً شاملاً لكل أشكال التصعيد، بما يضمن بدء تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار السابق».
وبحسب المصادر «تشترط إسرائيل وقف (حماس) كل أشكال العنف، بما في ذلك البالونات الحارقة والمظاهرات المتعددة، فيما تشترط (حماس) استئناف تحويل الأموال لها بعدما توقفت بسبب خلافات حول آلية تحويلها وصرفها ومراقبتها».
ووصل وفد أمني مصري، أمس، إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون «إيرز» قادماً من إسرائيل، وبدأ اجتماعاً فورياً مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية الذي عاد هذا الأسبوع من مصر، بعد زيارة استمرت 24 يوماً. وترأس الوفد المصري اللواء أحمد عبد الخالق مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية، وضم اللواء عمر حنفي وكيل جهاز المخابرات المصرية، واللواء أيمن بديع، والعميد أحمد فاروق.
ويفترض أن يحمل الوفد المصري ردوداً لـ«حماس» حول طلباتها المتعلقة باستئناف تحويل الأموال وتوسيع مساحة الصيد، والسماح بإدخال مواد كانت ممنوعة إلى قطاع غزة بحجة أنها مزدوجة الاستعمال. وقالت المصادر إن الوفد نقل رداً إسرائيلياً متعلقاً بوقف «حماس» أولا كل مظاهر العنف على أن يخضع أي تحويل للأموال لآلية رقابة كما كان معمولاً به. ولم يتضح فورا كيف ستتصرف «حماس».
وجاءت جهود مصر الجديدة بعد خلافات سابقة حول تحويل أموال لـ«حماس»، ما هدد مصير التهدئة، وردت عليه «حماس» بتصعيد بطيء في القطاع. وقال مسؤولون فلسطينيون ومصادر إسرائيلية إن «حماس» في الفترة الماضية، وجهت إنذارات لإسرائيل، مطالبة بمبلغ 20 مليون دولار شهرياً لدفع أجور موظفيها، أو ستستمر في التصعيد.
وأكد حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، أن حركة «حماس» قدمت لإسرائيل شرطا للتهدئة، وهو السماح بإدخال 20 مليون دولار كرواتب موظفيها. وأضاف الشيخ أن «(حماس) تتجه من مسيرات لفك الحصار إلى مسيرات من أجل الدولار».
وتتطابق اتهامات الشيخ مع ما نشرته هيئة البث الإسرائيلية «كان» حول طلب «حماس» تحويل 20 مليون دولار لدفع أجور موظفيها، أو ستستمر في التصعيد في قطاع غزة. وقالت «حماس» عبر رسائل متعددة إن إسرائيل انتهكت اتفاقية التهدئة، وإذا أرادت العودة إليها، عليها تجديد دفع الرواتب.
وتلقت حركة «حماس» لشهرين نهاية العام الماضي 15 مليون دولار بشكل ثابت من خلال السفير القطري محمد العمادي، قبل أن ترفض الحركة تلقي الدفعة الثالثة «رداً على سلوك الاحتلال ومحاولته ابتزاز قطاع غزة، وتلكؤه في الالتزام بالتفاهمات». وشكل موقف «حماس» مفاجأة للسفير القطري آنذاك لكنه تفهم الأمر كما قال مسؤولون في الحركة، ثم أعلن تحويل المنحة وقدرها 90 مليوناً إلى مشاريع.
وعندما تسلمت «حماس» الأموال كبحت جماح متظاهرين ومنعتهم من الوصول إلى الحدود، كما أوقفت عمليات إطلاق البالونات والطائرات الحارقة باتجاه إسرائيل ضمن اتفاق هدوء يقابله السماح بإدخال الأموال والوقود القطري إلى القطاع. لكنها صعدت مجددا بعد وقف تحويل الأموال.
واتهم مصدر في «حماس» إسرائيل بانتهاك التهدئة في غزة، وإفشال انتقالها للمرحلة الثانية موضحاً «أن إسرائيل التزمت في أول أسبوعين بعد الاتفاقات، بالسماح بتمويل الرواتب والوقود إلى غزة، وفي المقابل، قامت (حماس) بتقييد المظاهرات على طول الحدود. وشملت المرحلة الثانية، التي كان من المفترض أن تمتد لستة أشهر، توسيع منطقة الصيد إلى 20 ميلاً بحرياً، وفتح المعابر، واستيراد بضائع إضافية إلى قطاع غزة، وإزالة القيود المفروضة على بعض المواد ذات الاستخدام المزدوج، لكن إسرائيل لم تلتزم».
وعلى خلفية هذا التدهور تدخلت مصر مجددا. وأكد مصدر في «حماس» أن الحركة تنتظر تلقي إجابات من مصر إذا كانت إسرائيل مستعدة للعودة إلى الهدوء الأصلي. مضيفاً: «بقدر ما نشعر بالقلق، ليس هناك هدوء».
ورد رئيس حزب «يسرائيل بيتنا»، وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، حول إنذار «حماس» قائلاً إن «الذين استسلموا لأول مرة لابتزاز الإرهابيين، يجب أن يفهموا أنهم سيكونون مرهونين لهم مدى الحياة، وأضاف أنه «سيكون لدى الطرف الآخر المزيد والمزيد من الطلبات كل شهر، وبدلاً من دفع الرسوم لمنظمة (حماس) الإرهابية، يجب علينا ضربهم بقوة وتدمير قدرتهم وقوة إرادتهم على قتالنا».
وتريد مصر تجنب تدهور أكبر في ظل بدء إسرائيل كذلك غارات محدودة على القطاع، ردا على استمرار إطلاق البالونات. وفي وقت سابق أمس، استهدف سلاح الجو الإسرائيلي موقعين لحركة «حماس» في وسط قطاع غزة بعد أن أبلغ مجلس «أشكول» عن بالون انفجر بين مبنيين.
وقرر الجيش الإسرائيلي تكثيف الرد على إطلاق البالونات المشتعلة، عبر اتخاذ تدابير إضافية، من بينها إلحاق الضرر برؤوس قاذفات صواريخ «حماس» وقاذفات الطائرات الورقية.
ويريد الجيش ضوءاً أخضر من المستوى السياسي باعتبار أن ذلك قد يؤدي إلى مواجهة جديدة. وتخشى إسرائيل من أن مواجهة في غزة قد تطلق مواجهات أخرى أو تصعيدا محتملا في الضفة بسبب غياب الأفق السياسي والمعركة المشتعلة حول الأقصى والتوتر الكبير داخل السجون الإسرائيلية.
وحذر مسؤولون كبار في أجهزة الأمن الإسرائيلية من أن الهدوء السائد في الضفة الغربية «يواجه تحدياً حقيقياً».
وتسعى مصر إلى تثبيت تهدئة بداية الأمر كي يتسنى لها الانتقال إلى ملف المصالحة.



الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
TT

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

تتجه الجماعة الحوثية في اليمن إلى توسيع دائرة مواردها من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيها إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها، وأنشأت أخيراً آلية جديدة تحت اسم «موارد دعم القضاء»، إلى جانب توجهها لفرض جبايات على صناعة المحتوى الإلكتروني، وعلى عدد من الخدمات العمومية.

وكشفت وثيقة جرى تسريبها عن قرار أصدره القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الانقلابي) بدمج عدد من المؤسسات في السلطة القضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وإعادة تنظيم مهام وأهداف الكيان الجديد، بما في ذلك تولي تحصيل موارد ما سماه «صندوق دعم القضاء».

قرار حوثي بإعادة هيكلة مؤسسات حكومية تضمن الإشارة إلى صندوق موارد لصالح القضاء (إكس)

وبينما لم تعلن الجماعة الحوثية إنشاء هذا الصندوق أو مهامه رسمياً، ترجح مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء صدور قرار بإنشاء الصندوق دون الإعلان عنه، خصوصاً أن الجماعة تتحفظ على الإعلان عن قراراتها الأخيرة بشأن دمج وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختطفة، ومنها هذا القرار الذي جرى تسريب بعض مواده.

وتوقعت المصادر أن يكون قرار إنشاء صندوق بهذا الاسم بوابة لتحصيل جبايات مختلفة من مصادر متعددة، سواء من المؤسسات أو القطاعات الإيرادية، بهدف السيطرة على إيراداتها وضمان دخولها في أرصدة تابعة للجماعة في البنوك، أو من الشركات التجارية والتجار ورجال الأعمال، وحتى من صغار الباعة ومختلف المهن والأعمال.

وذهبت المصادر في توقعاتها إلى أن مثل هذا الصندوق قد يستخدم في ابتزاز التجار ورجال الأعمال والشركات والبيوت التجارية، من قبيل أن عدم مساهمتهم في رفد موارد القضاء قد يتسبب في تعطيل مصالحهم أو معاملاتهم القانونية، وإجراءات التقاضي الخاصة بهم.

وبدأت الجماعة الحوثية منذ أسابيع تقليص الهيكل الإداري للدولة ومؤسساتها في مناطق سيطرتها من خلال عمليات دمج وإلحاق وإلغاء، بهدف مزيد من السيطرة عليها وإزاحة الموظفين فيها من غير الموالين للمشروع الحوثي.

ملاحقة صناعة المحتوى

وذكرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تدرس منذ عدة أسابيع إنشاء آلية لفرض رسوم على صناعة المحتوى الإلكتروني من خلال فرض جبايات على المواقع الإلكترونية، وعلى صناع المحتوى والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقاً للمصادر فمن المتوقع أن يجري فرض الجبايات تحت اسم ضريبة الدخل، ويجري تحصيلها مقابل ما يتحصل عليه صناع المحتوى ومالكو المواقع الإلكترونية من مبالغ، سواء كانت عائدات من نشاطهم، أو من الإعلانات التي يقدمونها.

مبنى مجلس القضاء الأعلى في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية وتفرض جبايات باسمه (فيسبوك)

وبينت المصادر أن الجماعة تدرس آليات ووسائل فرض هذه الرسوم من خلال تتبع أنشطة صناع المحتوى، ومراقبة المواقع الإلكترونية وما تعرضه من إعلانات على صفحاتها، وتسعى إلى الاستفادة من تجارب عدد من الدول في هذا الشأن.

إلا أن الجماعة تواجه تحدياً كبيراً في تنفيذ نياتها، ويتمثل ذلك في قلة صناع المحتوى اليمنيين، ووجود كثير منهم خارج البلاد، حيث لا تساعد سرعات وأسعار الإنترنت في مناطق سيطرة الجماعة على إتاحة الفرصة لصناعة محتوى يدر مداخيل كبيرة.

كما أن غالبية مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن لا يحصلون على إيرادات كبيرة، ويكتفي أغلبهم بالحصول على هدايا من الجهات التي يقدمون لها خدمات إعلانية.

ومنذ قرابة شهر ونصف الشهر أخطرت وزارة إعلام الجماعة الحوثية ملاك المواقع الإخبارية ومحركات البحث، بتقديم تخفيضات بنسبة 70 في المائة على رسوم الحصول على تراخيص مزاولة النشاط، ولمدة لا تتجاوز الشهرين، مهددة بإجراءات عقابية على من يتخلف عن السداد والحصول على التراخيص.

جبايات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على نتائج اختبارات النصف الأول من العام الحالي (إعلام حوثي)

ومن المتوقع أن تبدأ الجماعة فرض إجراءات عقابية بحق المواقع الإلكترونية، مثل الحجب، واقتحام المكاتب، ومصادرة الأجهزة والمعدات، ضد كل من تخلف عن الحصول على تلك التراخيص.

وأخيراً فرضت الجماعة الانقلابية رسوماً على نتائج اختبارات طلبة المدارس للنصف الأول من العام الدراسي الحالي في مناطق سيطرتها.

وذكر أولياء أمور الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم التي فرضتها الجماعة الحوثية مقابل الحصول على النتائج تراوحت بين أقل من نصف دولار إلى أكثر من دولار (بين 300 و600 ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً)، وجرى تحصيلها من دون سندات.

واستنكر أولياء الأمور هذه الجبايات الجديدة، التي تضاف إلى ما يجري فرضه عليهم وعلى أبنائهم من رسوم منذ بداية العام الدراسي، والتي ضاعفت من الأعباء المفروضة عليهم، خصوصاً مع توقف الرواتب، وغلاء الأسعار، وتردي أحوالهم المعيشية.