مصر لتحسين حياة سكان العشوائيات بتأثيث وحداتهم الجديدة

مشروع «روضة السيدة» في القاهرة الأحدث

وحدات سكنية مجهزة مفروشة بالأثاث
وحدات سكنية مجهزة مفروشة بالأثاث
TT

مصر لتحسين حياة سكان العشوائيات بتأثيث وحداتهم الجديدة

وحدات سكنية مجهزة مفروشة بالأثاث
وحدات سكنية مجهزة مفروشة بالأثاث

بدأت الحكومة المصرية في التوجه في الفترة الأخيرة، نحو تشطيب الوحدات السكنية وتأثيثها بشكل كامل في مشروعات تطوير العشوائيات والمناطق شديدة الخطورة، ولم تعد تكتفِ ببناء وحدات سكنية، كاملة التشطيب، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أكد أن قاطني المساكن العشوائية لن تكون لديهم القدرة على تجهيز وفرش منازلهم الجديدة، لكن البعض يرى أن ذلك إهدار للمال، لأن هذه التجهيزات قد لا تكون مناسبة لكل المواطنين، ومن حق كل مواطن أن يختار أثاث وحدته السكنية بنفسه.
وقال الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، إنه «يجري حالياً تأثيث الوحدات السكنية بمنطقة (روضة السيدة)، (منطقة تل العقارب سابقاً)، بالمفروشات الخشبية، والأجهزة الكهربائية، بالتنسيق مع وزارة التضامن»، مشيراً إلى أن «الهدف من تأثيث هذه الوحدات هو تحسين جودة الحياة لسكان هذه المناطق».
وبدأت مصر هذه السياسة في مشروعات تطوير المناطق العشوائية، حيث تم تجهيز الوحدات وفرش الوحدات السكنية في «حي الأسمرات»، التي نقل إليها سكان منطقة الدويقة، وبعض المناطق العشوائية التي تُعرف بالمناطق غير الآمنة بمحافظة القاهرة. وتواصلت السياسة نفسها في منطقة غيط العنب بالإسكندرية بعد تطويرها، وفي مساكن المحروسة، وغيرها.
واليوم يتم تجهيز الوحدات السكنية بـ«روضة السيدة»، ويضم المشروع 16 مبنى، بإجمالي 815 وحدة سكنية، مكونة من غرفتين وصالة، منها 519 وحدة سكنية، بمساحة 65 م2، و156 وحدة بمساحة 72م2، و166 وحدة سكنية نموذج 3 غرف وصالة، ومنها 56 وحدة بمساحة 82 متراً مربعاً، و84 وحدة بمساحة 90 متراً مربعاً، إضافة إلى 344 وحدة تجارية. وتشمل المفروشات غرفة نوم رئيسية، وغرفة نوم أخرى مكونة من سريرين صغيرين، وغرفة صالون، وثلاجة، وبوتاجاز، وغسالة، بحيث تتمكن الأسر من السكن مباشرة، دون الحاجة لشراء مفروشات.
المهندس خالد صديق، مدير صندوق تطوير المناطق العشوائية، قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «يتم تجهيز الوحدات السكنية بالكامل، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي بهدف تحسين حياة سكان المناطق العشوائية، وحتى ينتقلوا إلى المكان الجديد بحياة جديدة، توفر مجتمعاً سكنياً حضارياً»، موضحاً أن «السكان يستطيعون الانتقال لوحداتهم السكنية بحقائب ملابسهم فقط، فالشقق مجهزة بالكامل».
وتهدف تلك السياسة إلى مساعدة سكان المناطق العشوائية على تجهيز مساكنهم بشكل يليق بالطابع المعماري الجديد للمناطق التي ينتقلون إليها، منعاً لتكرار أخطاء الماضي، عندما كان يتم نقل سكان العشوائيات إلى مناطق وشقق جديدة، ومخططة، لكن نظراً لظروفهم الاقتصادية الصعبة، لا يتمكنون من فرش وتجهيز هذه الوحدات السكنية، التي تتحول مع الوقت إلى عشوائيات جديدة في مناطق مخططة، وهو ما حدث في مدينة السلام، بعد تسكين ضحايا زلزال القاهرة عام 1992 بها.
من جانبه، قال الدكتور تامر ممتاز، الخبير العقاري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجتمع المناطق العشوائية له قيم وثقافات مختلفة، ولا بد من مراعاتها، فقد لا تناسبهم نوعية الفرش التي تقدمها الحكومة»، مطالباً بأن يتم استطلاع رأي الأهالي قبل إجبارهم على الانتقال لهذه الوحدات السكنية المفروشة بمفروشات قد لا تناسب ثقافتهم أو احتياجاتهم.
وأضاف أن «التجربة أثبتت في السابق أن المواطنين كانوا يعيدون تشطيب وتجهيز الوحدات السكنية التي تنفذها وزارة الإسكان، ويغيرون الأرضيات والحوائط، ما يجعل ما تنفقه الحكومة الآن على التشطيب أموالاً مهدرة»، مقترحاً أن «يتم إعطاء المواطنين قرضاً حسناً لتجهيز وحداتهم السكنية على ذوقهم، بدلاً من إجبارهم على ذوق واحد يتكرر في كل المنطقة».
جدير بالذكر أن السلطات المصرية قامت بتسليم أهالي منطقة غيط العنب بالإسكندرية، العقود الرسمية لوحدات مشروع تطوير العشوائيات «بشاير الخير 2»، في نهاية العام الماضي، للتخفيف من معاناة سكان العشوائيات في محافظة الإسكندرية، وتم تسليم السكان الجدد وحدات تم تشطيبها، ومجهزة بالأثاث والأجهزة المنزلية، وهو ما استقبله الكثير من المواطنين هناك بترحاب شديد، حيث قال مؤمن أحمد، في تصريحات صحافية، إنه «كان يسكن في منطقة غيط العنب القديمة في منزل عائلة متهالك وآيل للسقوط، وتمت إزالته واستبدلت وحدته السكنية بشقة جديدة مكونة من 3 غرف وصالة وحمام ومطبخ، ومجهزة بالأثاث والأجهزة المنزلية وجميع المستلزمات»، ولفت إلى أنه «تسلم العقد من الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح المشروع الجديد».
وأضاف أن «الوحدة السكنية الجديدة التي يقيم بها تليق بحياة كريمة آمنة بدلاً من المنزل القديم الذي كان مهدداً بالانهيار في أي لحظة، خصوصاً في فترة الشتاء التي تكثر فيها سقوط الأمطار».



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.