أشهر فندقي في العالم يتكلم عن المفهوم الجديد للسفر والترف

إيان شرايغر في بيته بنيويورك
إيان شرايغر في بيته بنيويورك
TT

أشهر فندقي في العالم يتكلم عن المفهوم الجديد للسفر والترف

إيان شرايغر في بيته بنيويورك
إيان شرايغر في بيته بنيويورك

إيان شرايغر، أشهر من نار على علم، على الأقل في عالم المال والأعمال. فهو واحد من مؤسسي «استوديو 54»، الذي كان قبلة المشاهير والنجوم، ممن كانوا يتوقون إلى أن يعيشوا حياتهم بالعرض والطول، بعيداً عن عيون الفضوليين. من باب هذا الاستوديو، أو النادي الليلي في نيويورك، دخل شرايغر التاريخ، واحداً من الشخصيات التي ساهمت في تشكيل ثقافة السبعينات. حقبة شجعت على الحرية بكل ما تحمله من جنون وفنون، لا تزال صور أيقونية شاهدة عليها. وليس أدل على هذا من صورة لبيانكا جاغر وهي تدخل الاستوديو على ظهر حصان أبيض، وأخرى للفنان أندي وورهول أو لغرايس جونز، أو إيف سان لوران، وغيرهم ممن ارتادوا هذا النادي. لكن رغم شعبيته المدوية، كان بمثابة فقاعة. لم يستمر طويلاً. فبحلول الثمانينات تغيرت الثقافة العالمية لعدة أسباب، كما تعرض كل من إيان شرايغر وشريكه في العمل ستيف روبيل إلى مشكلات قانونية، بتهمة التهرب من دفع الضرائب أدت بشرايغر إلى السجن. وكانت النتيجة إغلاق أشهر نادٍ ليلي في العالم في العصر الحديث.
الآن بعد أن مرت أكثر من 40 سنة عليه، لا يزال اسم «الاستوديو» يثير كثيراً من المشاعر التي يطبعها كثير من الحنين لفترة «لا مبالية» لم تذق معاناة تطفل «إنستغرام» وباقي شبكات التواصل الاجتماعي. فكل هذه الوسائل لم تكن متوفرة آنذاك، كما أنه لم يكن هناك هوس بالنجوم، على الأقل ليس بدرجة تستدعي التهافت عليهم لالتقاط صورة لهم أو معهم. كان كل رواده يقضون فيه أوقاتهم بحرية مطلقة، من دون خوف من أي نوع من المتابعات أو الانتقادات في اليوم الثاني، وهذا كان من أهم أسباب نجاحه.
كان الزمن مناسباً لمعانقة الحرية والتنوع الإنساني، وما شابه، حسب قول شرايغر، الذي صرح في مقابلة لـ«الشرق الأوسط» بأنه وشريكه في العمل لم يخططا لهذا النجاح ولم يتوقعاه: «كل ما قمنا به أننا فتحنا الأبواب على مصراعيها، وتركنا الأمور تسير بعفوية، لتتحول لقطات أو مواقف عفوية إلى ضربات حظ ساهمت في شهرة الاستوديو، وجذب الأنظار إليه».
المشكلة أن كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده. وهذا ما لمح له شرايغر باعترافه بأنه لا يحن لهذه الفترة، ولا يتحسر عليها. فرغم كل النجاحات التي حققها في «استوديو 54» والإرث الذي خلفه، فإنه ليس فخوراً بماضيه كما يتصور البعض، وكثير من الذكريات لا تُسعده أو تشعره بالفخر.
يقول بأنه يعرف أن «بعض التجارب تلتصق بالإنسان لمدى الحياة؛ لأنها تصبح جزءاً من تاريخه الإنساني؛ لكني لا أريد الماضي أن يُحددني أو يحد من طموحاتي».
بعد عدة سنوات، عاد شرايغر لمجال الأعمال. هذه المرة من باب الفنادق والسياحة. فهو يعشق السفر، كما يقول: «لقد أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي، إذ يمكنني أن أقضي نسبة عالية من وقتي على الطائرة، إلى حد أنها أصبحت بمثابة مكتبي الثاني، بالنظر إلى كمية العمل الذي أنجزه جواً».
ما يُحسب له، أنه برفضه أن يستنسخ الماضي أو يستكين لنجاحاته القديمة، رسم لنفسه خطاً مختلفاً تماماً. فعندما عاد إلى مجال الأعمال، قرر أن يركز على الفنادق الفاخرة، مثل سلسلة فنادق «إديشن» التي أطلقها بمفهوم مختلف يناسب متطلبات العصر.
يصحح بأنه لا يتنكر لماضيه، ولا يُنكر أنه تعلم من أخطائه الشيء الكثير. فأهم درس تعلمه مثلاً أن لكل مكان روحه وشخصيته التي يجب أن تطغى على كل شيء. فـ«استوديو 54» ولد في حقبة كانت تتوق إلى الحرية مع بعض اللامبالاة وإلغاء التابوهات، لهذا كانت العناصر المبهرة والصادمة التي التصقت به مهمة، كذلك التحدي الذي تجسد في تقبل الاختلاف بكل أشكاله وميوله. أما الآن فكل هذا لم يعد مناسباً، بعد أن ألغيت تابوهات كثيرة، ولم يعد هناك داعٍ للتحدي. وهذا ما أخذه بعين الاعتبار عندما أطلق سلسلة فنادق «إديشن» العالمية. كان ضرورياً أن يؤسسها على مفهوم يواكب الوقت الحالي، وبشكل عُضوي. قرأ النبض جيداً، واكتشف أن السفر أصبح ترفاً شخصياً وتجربة حميمة. وهذا يعني أن الفنادق يجب أن تثير في نفوس كل من يدخلها مشاعر إيجابية بالسعادة والانتماء.
ترجمة هذه الفلسفة جاءت بطريقة سهلة وذكية، فعوض أن يركز على الفخامة والمساحات الشاسعة والطوابق العالية التي تتميز بها فنادق الخمس نجوم عموماً، ركز على الفنادق «البوتيك» التي لها نكهة حميمية، وشخصية تختلف باختلاف الوجهات وطبيعتها. حرص ألا تتكرر الديكورات في أي فندق، حتى يشعر المسافر بأنه فعلاً انتقل من مكان إلى آخر.
ما انتبه إليه بحسه التجاري، وأيضاً بحس رجل يعشق الاكتشاف، أن السفر يعني الهروب من الروتين، وما تعودت عليه العين. الأهم من هذا أدرك أن المسافر المعاصر أصابته التخمة من الديكورات المتشابهة، التي لا يشعر فيها بأنه انتقل من مدينته إلى قارة أخرى. هذا المسافر، سواء كان شاباً يسعى إلى الاستكشاف والمغامرة، أو رجل أعمال عليه أن يجري مقابلات مهمة، يتوق إلى أن يعيش تجربة فريدة، يشم فيها رائحة البلد الذي يوجد فيه، ويتشبع من ثقافته ويذوب في طبيعته. كل هذا من دون أن يتنازل عن التسهيلات العصرية التي تُسهل حياته.
ويشدد شرايغر أن هذا الرجل يريد «أن يعيش عناصر الرفاهية من دون بهرجة أو مبالغة»؛ لأنه بحسب رأيه «مسافر يريد أن يعيش الترف وينغمس فيه، لا أن يتباهى به أو يستعرضه». من هذا المنظور يرى أن فلسفة «استوديو 54» لا تناسب العصر الحالي، أو على الأقل الشريحة التي يتوجه إليها.
آخر افتتاحاته كانت فندق «إديشن أبوظبي»، الذي كان بالنسبة له فرصة ثمينة للجمع بين التقليدي والمعاصر؛ حيث استلهم من شبه الجزيرة العربية كثيراً من التفاصيل والمفردات التي تتميز بها العمارة التقليدية، مستعملاً المواد والألوان المحلية التي تجعله يتماهى مع محيطه وبيئته بشكل راقٍ. لم ينسَ أن يؤمِّن فيه الراحة الجسدية والنفسية للزائر؛ لأن الرفاهية أو الجمال «لا يكمنان في شكل الفندق وديكوراته بقدر ما يكمنان في ذلك الإحساس الذي ينتاب الزائر بمجرد أن تطأ أقدامه الردهة. إحساس بالسعادة يجعله يريد البقاء فيه أو بالانزعاج فيريد الهروب منه، فمهما تغير الزمن وتطورت الحياة، تبقى رغبات الإنسان بسيطة، ومفاتيح سعادته تدور حول الراحة النفسية والجسدية أولاً وأخيراً».



«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
TT

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد»، إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست»، يحتوي متحف بريطاني يعرض حيثيات أشهر الجرائم الأكثر إثارة للرعب على بعض من أكثر القطع الأثرية إزعاجاً والتي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتشعرك بأحلك اللحظات في التاريخ.

ويعتبر «متحف الجريمة» (المتحف الأسود سابقاً) عبارة عن مجموعة من التذكارات المناطة بالجرائم المحفوظة في (نيو سكوتلاند يارد)، المقر الرئيسي لشرطة العاصمة في لندن، بإنجلترا.

مقتنيات استحوذ عليها المتحف من المزادات والتبرعات (متحف الجريمة)

وكان المتحف معروفاً باسم «المتحف الأسود» حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وقد ظهر المتحف إلى حيز الوجود في سكوتلاند يارد في عام 1874. نتيجة لحفظ ممتلكات السجناء التي تم جمعها بعد إقرار قانون المصادرة لعام 1870 وكان المقصود منه مساعدة عناصر الشرطة في دراستهم للجريمة والمجرمين. كما كان المتحف في البداية غير رسمي، لكنه أصبح متحفاً رسمياً خاصاً بحلول عام 1875. لم يكن مفتوحاً أمام الزوار والعموم، واقتصر استخدامه كأداة تعليمية لمجندي الشرطة، ولم يكن متاحاً الوصول إليه إلا من قبل المشاركين في المسائل القانونية وأفراد العائلة المالكة وغيرهم من كبار الشخصيات، حسب موقع المتحف.

جانب من القاعة التي تعرض فيها أدوات القتل الحقيقية (متحف الجريمة)

ويعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة معروضة، كل منها في درجة حرارة ثابتة تبلغ 17 درجة مئوية. وتشمل هذه المجموعات التاريخية والمصنوعات اليدوية الحديثة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأسلحة (بعضها علني، وبعضها مخفي، وجميعها استخدمت في جرائم القتل أو الاعتداءات الخطيرة في لندن)، وبنادق على شكل مظلات والعديد من السيوف والعصي.

مبنى سكوتلاند يارد في لندن (متحف الجريمة)

يحتوي المتحف أيضاً على مجموعة مختارة من المشانق بما في ذلك تلك المستخدمة لتنفيذ آخر عملية إعدام على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأقنعة الموت المصنوعة للمجرمين الذين تم إعدامهم في سجن «نيوغيت» وتم الحصول عليها في عام 1902 عند إغلاق السجن.

وهناك أيضاً معروضات من الحالات الشهيرة التي تتضمن متعلقات تشارلي بيس ورسائل يُزعم أن جاك السفاح كتبها، رغم أن رسالة من الجحيم سيئة السمعة ليست جزءاً من المجموعة. وفي الداخل، يمكن للزوار رؤية الحمام الذي استخدمه القاتل المأجور جون تشايلدز لتمزيق أوصال ضحاياه، وجمجمة القاتل والمغتصب «لويس ليفيفر»، والحبل الذي استخدم لشنق المجرمين. وقال جويل غريغز مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف هو بمثابة واقع وجزء من التاريخ، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكنك التغاضي عن الأمر والتظاهر بأن مثل هذه الأشياء لا تحدث. هناك أشخاص سيئون للغاية».

وقال جويل إنه لا يريد الاستخفاف بالرعب، وقال إنهم حاولوا تقديم المعروضات بطريقة لطيفة، وأضاف: «عندما أنظر إلى مجلات الجريمة في المحلات التجارية، فإنها تبدو مثل مجلات المسلسلات ومجلات المشاهير، لذلك يُنظر إليها على أنها نوع من الترفيه بطريقة مماثلة».

وتُعرض البراميل الحمضية الأسيدية المستخدمة من قبل جون جورج هاي، والمعروف باسم قاتل الحمامات الحمضية، في كهف خافت الإضاءة. وهو قاتل إنجليزي أدين بقتل 6 أشخاص، رغم أنه ادعى أنه قتل 9. وفي مكان آخر، يمكن للزوار مشاهدة رسائل حب كان قد أرسلها القاتل الأميركي ريتشارد راميريز إلى مؤلفة بريطانية تدعى ريكي توماس، وكان يعرف راميريز باسم «المطارد الليلي»، لسكان كاليفورنيا بين عامي 1984 و1985 وأدين بـ13 جريمة قتل وسلسلة من اقتحام المنازل والتشويه والاغتصاب. وكشفت ريكي، التي كتبت عدداً من الكتب الأكثر مبيعاً عن القتلة المحترفين، أنها اتصلت بالقاتل في مرحلة صعبة من حياتها وشعرت بجاذبية جسدية قوية ناحيته. ووصفت رسالتها الأولى إلى راميريز بأنها «لحظة جنون». وقالت في حديثها إلى صحيفة «سوسكس بريس» المحلية: «كان رجلاً جيد المظهر، لكنني لم أشعر قط بأنني واحدة من معجباته». وقررت المؤلفة التبرع بالرسائل للمتحف عام 2017 لإعطاء فكرة عن عقلية الوحش.

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يعرض متحف الجريمة أيضاً السراويل البيضاء التي كانت ترتديها القاتلة روز ويست، والتي تم شراؤها بمبلغ 2500 جنيه إسترليني في المزاد. وحصل على تلك السراويل ضابط سجن سابق كان يعمل في برونزفيلد، حيث سجنت ويست لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. وقامت روزماري ويست وزوجها فريد بتعذيب وقتل ما لا يقل عن 10 فتيات بريطانيات بين عامي 1967 و1987 في غلوسترشير. واتهم فريد بارتكاب 12 جريمة قتل، لكنه انتحر في السجن عام 1995 عن عمر 53 عاماً قبل محاكمته. وقد أدينت روز بارتكاب 10 جرائم قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 وهي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة.

يعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة (متحف الجريمة)

تم التبرع بمعظم القطع الأثرية للمتحف، وقام أيضاً جويل بشراء الكثير منها في مزادات علنية.

في مكان آخر في المتحف المخيف يمكن للزوار رؤية السرير الحقيقي للموت بالحقنة القاتلة والقراءة عن الضحايا والمشتبه بهم الذين لهم صلة بجاك السفاح بين عامي 1878 إلى 1898.

الأسلحة التي استخدمت في الجريمة (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يضم المتحف قفازات الملاكمة التي تحمل توقيع رونالد وريجينالد كراي، والمعروفين أيضاً باسم «التوأم كراي». كان روني وريجي المخيفان يديران الجريمة المنظمة في منطقة إيست إند في لندن خلال الخمسينات والستينات قبل أن يسجن كل منهما على حدة في عام 1969 ثم انتقل كلاهما إلى سجن باركهرست شديد الحراسة في أوائل السبعينات. وتوفي روني في نهاية المطاف في برودمور عام 1995، عن عمر 62 عاماً. في أغسطس (آب) 2000. تم تشخيص ريجي بسرطان المثانة غير القابل للجراحة، وتوفي عن 66 عاماً بعد وقت قصير من الإفراج عنه من السجن لأسباب إنسانية.