التطريز والشك للاحتفاء بـ«ست الحبايب» في عيدها

لوحات فريدة من نوعها من إبداعات اللبنانية سارة بيضون

صورتان قديمتان مشغولتان بفن التطريز
صورتان قديمتان مشغولتان بفن التطريز
TT

التطريز والشك للاحتفاء بـ«ست الحبايب» في عيدها

صورتان قديمتان مشغولتان بفن التطريز
صورتان قديمتان مشغولتان بفن التطريز

القضيّة التي حملتها سارة بيضون خلال مسيرة لافتة في عالم تصميم الحقائب صار عمرها 19 عاماً جعلت «Sarah`s Bag (ساراز باغ)» أكثر من مجرّد علامة تجارية صاحبة أفكار غير مألوفة أو كلاسيكية، فالتعاون مع نساء سجينات ومنحهنّ فرصة حقيقية للعودة إلى المجتمع، كنساء منتجات داخل جدران السجن وخارجه هو ترجمة حقيقية لهدف تمكين المرأة، التي لا تزال سارة بيضون تعمل عليه، وتحققه مع كل عمل يحمل توقيع دارها.
في مارس (آذار) 2019 تتكرّس أكثر القضيّة مع حملة «Women of Wonder» التي أطلقتها بمناسبة يوم المرأة في الثامن من مارس، وذلك تكريماً لتمكين المرأة، ومع إصدار مجموعة خاصة بعيد الأم، عبارة عن لوحات طُرّزت بعاطفة كبيرة لتحيط بوجه «ست الحبايب»، وجه المرأة الأحب إلى القلب.
تصف سارة بيضون في حديث لـ«الشرق الأوسط» الحملة بأنّها عبارة عن مبادرة للاحتفال وتوحيد القوى الأنثوية تحت تحالف واحد، منحت 100 امرأة شارة أو «بروش»، تدعوهن من خلالها إلى الاستمرار في الوقوف والتعبير عما يؤمنَّ به بكل فخر وصوت عالٍ.
أما الخروج من دائرة الحقائب إلى اللوحات المطرّزة بمناسبة عيد الأم، فيعود إلى عشق سارة بيضون الصور القديمة، وتقول هنا: «لطالما شعرت وأنا أنظر إلى الصور القديمة، أنّني أرى حقبة زمنية بكاملها، فيها تكامل للتألق والرومانسية والإشعاع والأنوثة، وهنا خطرت فكرة تخليد هذه الصور، وكان لا بد من التفكير بأمر يختص بالتطريز والشك ليتكامل مع العمل الأصلي للدار». وتكمل بيضون: «كل ما نحن عليه اليوم، ندين به لوالدتنا، ولهذا يجب أن نفكر في خطوة تُفرح قلب المرأة التي كانت سبب حياتنا، ووجدنا في هذه المجموعة هدية فريدة وشخصيّة، والتي يمكن تقديمها للأم، للجدة، للعمّة، للخالة، ولأي امرأة نريد تخليد صورتها».
وعن خطوات الحصول على هذه اللوحات تقول سارة إنّه يجب اختيار التصميم، ثمّ إرسال بريد إلكتروني وتعبئة طلب الدفع، مشددة على أنّه يتم إرسال الرسم قبل التنفيذ للحصول على الموافقة، وليتم تسليم اللوحة بعد أربعة أسابيع فقط، مشيرة إلى أنّ شروط الصورة هي: يجب أن تكون صورة فوتوغرافية قياسها من 10x7 سم على الأقل، أما الصورة الإلكترونية فيجب أن تكون مساحة الوحدة 3000X 2500 ميغابيكسل، إلا أنّها تستطرد قائلة: «لأنّ تنفيذ الفكرة يتطلّب وقتاً يقارب ثلاثة أسابيع، طرحناها قبل عيد الأم، ولكنّ هذا لا يعني أنّها ستتوقف بعد المناسبة، بل ستكمل حتماً لأنّ التنفيذ مذهل، واللوحات تلاقي جماهيرية كبيرة، نظراً إلى ما تحمل من معانٍ ومشاعر عميقة».
وتلفت بيضون إلى أنّ طبيعة الصور الموجودة وطريقة التطريز قد تناسب صورة ولا تناسب أخرى، سواء من ناحية الألوان، أو رسمة التطريز، وهنا نحاول أن يليق الرسم والإطار بالصورة. إضافة إلى هذه الفكرة المميزة هناك أيضاً حقائب مطرّزة بألفاظ عربية معروفة مثل «ست الكل»، و«ست الحبايب»، و«أمي يا ملاكي»، وغيرها.
وعن المنافسة تقول: «لم أفكّر في موضوع المنافسة، ربّما لأنّني أعتبر أنّ عملي لا يقتصر على تصميم الحقائب وتنفيذها، بل هناك الأشغال اليدوية، والهدف الأساسي للماركة هو تمكين المرأة». وتكمل: «قد أكون منافسة لعدد من الماركات التي تصمم الحقائب، والعالمية على وجه التحديد، حيث إن أعمالنا معروضة إلى جانب أهم العلامات التجارية، ولكن حتّى هذه اللحظة لا أتنافس مع أحد في مسألة الهدف الذي نعمل عليه، فتصميم حقائب يدوية موجود في كل العالم، ولكن تصميم هذه الحقائب وعملية تمكين المرأة من خلالها هو الأمر الذي يميّزنا».
وفي تفاصيل رسالة الماركة التجارية تقول سارة: «هناك تعاون يجمعنا مع سجن بعبدا وسجن طرابلس، حيث يتم تدريب النساء على الأشغال اليدوية، ونسلّم العمل إليهنّ أسبوعياً، ليعملن على قطع معينة، ثمّ نختار النساء اللواتي أتقنّ العمل، ونشجعهنّ بعد خروجهنّ من السجن، ليعلّمن نساء أخريات في محيطهنّ. هذه الطريقة تغيّر نظرة المجتمع إلى هذه المرأة، فهي تصبح منتجة تؤمّن مدخولها، وتملك مهنة، بدلاً من أن تكون مجرّد سجينة سابقة، وهي طريقة حقيقية لإعادة دمجهنّ بالمجتمع».
وعن حقيبة «Sarah`s Bag» التي تممت إطلالة المخرجة اللبنانية نادين لبكي في حفل الأوسكار 2019 تقول سارة: «الكلاتش الذي حملته نادين صُمم كأنّه قطعة مجوهرات ملائمة لمناسبات السجادة الحمراء، وأعجبت بقوة كيف تكامل مع فستان إيلي صعب. أحب نادين كثيراً، وأؤمن برسالتها، وفرحت كثيراً بنجاح هذا الفيلم العالمي الذي يحمل رسالة بدوره». وتكمل: «حين بدأت نادين تفكر بالفيلم، ذهبت معها إلى (سجن بعبدا) وجلست مع هؤلاء النسوة، وتحدثت معهنّ، وأصغت إليهنّ، وهناك مشاهد في الفيلم أعادتني إلى الواقع، خصوصاً مشهد الحفلة التي تقيمها النساء في السجن، وهذا ما يحصل تماماً».



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.