السودان: إضراب عن العمل اليوم تمهيداً للعصيان المدني

السودان: إضراب عن العمل اليوم تمهيداً للعصيان المدني
TT

السودان: إضراب عن العمل اليوم تمهيداً للعصيان المدني

السودان: إضراب عن العمل اليوم تمهيداً للعصيان المدني

دخلت الاحتجاجات السودانية مرحلة جديدة، بدعوة من «تجمع المهنيين السودان» والقوى الحليفة معه، في إضراب عن العمل ليوم واحد، كأحد أشكال المقاومة السلمية لنظام حكم الرئيس عمر البشير، فيما تواصلت المظاهرات والوقفات الاحتجاجية المتفرقة في عدد من المدن والمناطق. ونظمت صحيفة وقفة احتجاجية على منعها من الصدور من قبل السلطات.
ودعا «تجمع المهنيين السودانيين» و«قوى الحرية والتغيير»، إلى إضراب عن العمل اليوم، تمهيداً لعصيان مدني شامل يهدف لشل الحكومة. وبحسب بيان التجمع، فإن الإضراب عن العمل يتضمن البقاء في مكان العمل دون مزاولته، ورفع شعارات ومطالب المضربين، وذلك في القطاعات التي لا تؤثر بشكل مباشر على صحة الناس وحياتها.
وفور الدعوة إلى الإضراب تتالت الإعلانات من جهات مهنية حول عزمها على الإضراب، وأعلنت تجمعات طبية وصحية الدخول في إضراب شامل عن العمل بجميع المستشفيات العامة والخاصة. وبحسب بيان صادر عنها، فإن الإضراب يأتي استجابة لدعوة تجمع المهنيين والقوى المعارضة الموقعة على إعلان الحرية والتغيير.
وقال الأطباء إنهم سيواصلون إضرابهم عن التعامل مع «الحالات الباردة» في جميع مستشفيات البلاد ليوم واحد، والانسحاب الكامل دون قيد أو شرط من مستشفيات القوات النظامية الجيش والشرطة، والتوقف عن العمل في العيادات الخاصة للاختصاصيين.
وأعلن أطباء الأسنان بدورهم مواصلة الإضراب عن «الحالات الباردة» بمختلف مستوياتهم المهنية من «نواب اختصاصيين، وأطباء عموميين، وأطباء امتياز، وخريجين وطلاب طب» في القطاعين العام والخاص.
كما أعلن الصيادلة تنفيذ وقفة احتجاجية بالمؤسسات الحكومية، مع استمرار إضرابهم الشامل في جميع صيدليات المستشفيات الحكومية، عدا صيدليات الطوارئ، وإضراب جزئي لجميع الصيدليات العامة من الساعة 8 وحتى 11 صباحاً.
كذلك أعلن فنيو المختبرات الطبية عن إضرابات جزئية في المعامل الخاصة والحكومية، وفي قطاع شركات إمداد المختبرات الطبية، مع مواصلة تقديم خدمات بنوك الدم، إضافة إلى تنفيذ وقفات احتجاجية خارج البلاد.
ودخل الممرضون إطار الاحتجاجات لأول مرة منذ اندلاعها، وأعلنوا الإضراب العام والشامل في كل المؤسسات الصحية التابعة للقوات النظامية، وفي القطاعين العام والخاص، مع التدخل عند الضرورة القصوى.
ووقع على بيان الإضراب المقرر اليوم، أطباء وكوادر صحية تتبع لكل من «المكتب الموحد للأطباء» و«لجنة صيادلة السودان المركزية» و«تجمع الصيادلة المهنيين» و«اللجنة المركزية للمختبرات الطبية» و«تجمع اختصاصيي وتقنيي الأشعة» و«تجمع التمريض السوداني» و«تجمع ضباط الصحة» و«تجمع المهندسين الطبيين السودانيين»، و«اللجنة الموحدة لأطباء الأسنان السودانيين».
وينتظر أن تشارك تنظيمات مهنية أخرى في الإضراب العام. وقال «ميكانيكي» في المنطقة الصناعية لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه لن يأتي للعمل غداً، رغم أنه يعمل بـ«اليومية»، وأضاف: «اضطررت لبيع قطع غيار بأقل من سعرها، لأدبر مصاريف يوم الإضراب»، وتابع: «أنا من عطبرة، وناس عطبرة لن يخذلوا شعبهم».
ونظم العاملون في صحيفة «الجريدة» المستقلة وقفة احتجاجية داخل «مجلس الصحافة»، وهو الجهة الحكومية المعنية بالإصدار الصحافي، وسلموه مذكرة احتجاج على منع صدور صحيفتهم منذ بدء الاحتجاجات.
وقال رئيس تحرير الصحيفة أشرف عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن صحيفته ظلت تتعرض لحملات مصادرة ومنع من الطباعة، فاقت 60 عدداً منذ بدء الاحتجاجات، وأوضح أن الأمين العام لمجلس الصحافة تعهد بتقديم المذكرة للمجلس في اجتماع يدعو له بشكل طارئ.
وطالبت المذكرة جهاز الأمن والمخابرات، بالالتزام بالدستور والقانون، وكفالة حق النشر الصحافي، وأن يكون حق «التصحيح والتوضيح» ديدنه في التعامل مع حرية التعبير، أو اللجوء للقضاء ليكون فيصلاً بينه والصحافة، وألا يكون ما سمته «التعسف وانتهاك الحقوق»، وهو الفيصل.
إلى ذلك، تواصلت في البلاد أمس، الأشكال المختلفة من الاحتجاج، إذ فرقت قوات الأمن السودانية مظاهرات تطالب بإسقاط النظام في مدينة «القضارف» شرق البلاد، مستخدمة الغاز المسيل للدموع، فيما نفذ أساتذة من جامعة الخرطوم كبرى الجامعات السودانية، وقفة احتجاجية داخل الحرم الجامعي، طالبوا فيها بانتقال سلمي للسلطة في البلاد.
ونقل شهود للصحيفة، أن المئات من المتظاهرين خرجوا في مظاهرة حاشدة في مدينة القضارف، رددوا خلالها هتافات تطالب بتنحي الرئيس البشير وحكومته، واجهتها سلطات الأمن بالغاز المسيل للدموع، وألقت القبض على عدد منهم.
وقال «تجمع المهنيين السودانيين» في بيان، إن طلابا بـ«الجامعة الوطنية» (خاصة) وجامعة «الأحفاد للبنات» (أهلية)، نظموا وقفات احتجاجية، وصفها البيان بالناجحة بنسبة 100 في المائة.
ودخل الأشخاص ذوو الإعاقة ضمن نطاق الاحتجاجات، ونظموا وقفة احتجاجية في مدينة أم درمان، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لوقفتهم الاحتجاجية، واعتبرتها حدثاً نوعياً يؤكد وقف الشعب بجميع فئاته مع الاحتجاجات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.