تنطلق الدورة السنوية للبرلمان الصيني اليوم، وسط مخاوف اقتصادية يغذيها تباطؤ معدلات النمو، وتداعيات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وتحدد الدورة السنوية للجمعية الوطنية الشعبية، التي تستمر نحو 10 أيام ويلقي فيها الرئيس خطاباً، أولويات البلاد وتوجهاتها السياسية والاقتصادية. وقد قامت الجمعية في مارس (آذار) الماضي بالموافقة بالإجماع على إلغاء الحد الأقصى للولايات الرئاسية، وقدره ولايتان، مما يسمح لشي جينبينغ بالبقاء في الحكم مدى الحياة نظرياً. كما أدرج «فكر» الرئيس في عقيدة الحزب ضمن الدستور، في تكريم يجعل منه نداً لمؤسس النظام الشيوعي ماو تسي تونغ.
وبعد سنة من ذلك، تصطدم رؤيته لـ«عصر جديد»، تكون فيه الصين قوة عظمى في محور الأعمال في العالم، بعقبات تشمل قيام مواجهة تجارية مع الولايات المتحدة، برئاسة دونالد ترمب، باتت تنعكس على الاقتصاد، في حين تواجه خطته الطموحة لإقامة «طرق حرير جديدة» تربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا معارضة في عدد من الدول المستهدفة بالاستثمارات الصينية. وقال الخبير في الشؤون الصينية ويلي لام، في هونغ كونغ، لوكالة الصحافة الفرنسية: «سيكون الوضع أصعب بكثير من العام الماضي بالنسبة لشي جينبينغ». كان في القمة قبل عام، ورأى أن الرئيس «يواجه انتقادات أعضاء في الحزب لإدارته الاقتصادية، ولعدم نجاحه في مواجهة تحدي دونالد ترمب».
وفي مؤشر إلى وجود توتر داخل النظام، فإن الحزب الشيوعي الصيني لم يعقد منذ عام اجتماعاً للجنته المركزية التي تعتبر بمثابة برلمان داخلي يبت في التوجهات الكبرى للبلاد. وعوضاً عن ذلك، عقد مئات المسؤولين من المقاطعات في يناير (كانون الثاني) اجتماعاً في بكين مع مسؤولين كبار في الحكومة المركزية، حذرهم شي جينبينغ خلاله من أن التباطؤ الاقتصادي قد يهدد سلطة الحزب، كما نقلت الوكالة الفرنسية.
وتراجع النمو الاقتصادي الصيني العام الماضي إلى 6.6 في المائة؛ أدنى مستوياته منذ 28 عاماً. وسيعلن رئيس الوزراء لي كه تشيانغ، اليوم، أمام النواب البالغ عددهم 3 آلاف تقريباً هدف النمو المحدد لعام 2019. ومن المرجح خفضه إلى ما بين 6 و6.5 في المائة.
وعمدت معظم المقاطعات إلى خفض هدفها للنمو خلال العام الحالي، لكن الحكومة المتخوفة من المديونية العامة لا تريد أن يتم طرح خطة إنعاش اقتصادي واسعة النطاق، كتلك التي شرعت الأبواب للاقتراض قبل 10 سنوات من أجل التصدي للأزمة المالية العالمية. وقال ويلي لام إن «حكام المقاطعات سيطالبون في الجلسات المغلقة بأن يقوم شي جينبينغ بمبادرة لتحفيز الاقتصاد»، متوقعاً أن يواجه الرئيس «صيحات غضب». في المقابل، رأى ماتياس ستيبان، من معهد «ميركاتور» للدراسات الصينية في ألمانيا، أن شي جينبينغ، الذي عمد منذ وصوله إلى السلطة إلى التضييق على وسائل الإعلام والإنترنت وقمع المنشقين والمعارضين داخل الحزب والسلطة، يبقى في موقع قوة.
ولفت الخبير في الشأن الصيني إلى أن «ما يجعله زعيماً قوياً ليس القوة الاقتصادية فقط، بل كذلك العقيدة السياسية، وهذه الحملة الدائمة التي تجعله محور كل شيء»، معتبراً أنه «من الصعب» في ظل هذه الظروف أن يبرز خصم له داخل النظام.
وفي سياق متصل، لا ينظر رؤساء الشركات الخاصة بارتياح إلى وجوب إقامة خلايا للحزب الشيوعي داخل شركاتهم، ويشكون من رؤية الدولة، والمصارف تخص بدعمها شركات عامة قديمة، معظمها قليل المردودية.
وتلتقي هواجس رجال الأعمال في بعض النقاط مع مطالب إدارة ترمب التي تدعو إلى وقف الدعم للقطاع العام.
وفي مسعى لاستمالة الأميركيين، من المتوقع أن تصوت الجمعية الوطنية الشعبية خلال دورتها على قانون حول الاستثمارات الأجنبية يحظر بصورة خاصة عمليات نقل التكنولوجيا القسرية.
ويحتج الأوروبيون على مثل هذا القانون الذي يعتبرونه خطوة تهدف إلى انتزاع اتفاق تجاري مع واشنطن.
انطلاق الدورة السنوية للبرلمان الصيني وسط مخاوف اقتصادية
انطلاق الدورة السنوية للبرلمان الصيني وسط مخاوف اقتصادية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة