«داعش» يرواغ الهزيمة شرق سوريا بسيارات ملغومة وسترات ناسفة

متحدث باسم التحالف: وتيرة التقدم انحسرت... والتنظيم مازال يحتجز مدنيين

أعمدة دخان تتصاعد من آخر بقعة لتنظيم «داعش» في الباغوز شرق سوريا بعد قصف التحالف أمس (أ.ب)
أعمدة دخان تتصاعد من آخر بقعة لتنظيم «داعش» في الباغوز شرق سوريا بعد قصف التحالف أمس (أ.ب)
TT

«داعش» يرواغ الهزيمة شرق سوريا بسيارات ملغومة وسترات ناسفة

أعمدة دخان تتصاعد من آخر بقعة لتنظيم «داعش» في الباغوز شرق سوريا بعد قصف التحالف أمس (أ.ب)
أعمدة دخان تتصاعد من آخر بقعة لتنظيم «داعش» في الباغوز شرق سوريا بعد قصف التحالف أمس (أ.ب)

قال مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، إن تنظيم داعش، نفذ تفجيرات بسيارات ملغومة ضد القوات التي تهاجم الباغوز، في مسعى أخير لتجنب الهزيمة في آخر قطعة من الأراضي يسيطر عليها.
وستتوج السيطرة على قرية الباغوز، الواقعة بشرق سوريا على ضفاف نهر الفرات، أربع سنوات من الجهود الدولية لطرد المتشددين من أراضي ما أسموها «دولة الخلافة» التي أعلنوها من جانب واحد وشملت نحو ثلث مساحة سوريا والعراق تقريبا في عام 2014.
وتشنّ قوات سوريا الديمقراطية الأحد، بدعم من طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، قصفاً مدفعياً عنيفاً وضربات جوية على الجيب الأخير لتنظيم «داعش» في شرق سوريا، في معركة من شأنها أن تمهّد لإعلان انتهاء التنظيم.
وبدأ تحالف الفصائل الكردية والعربية المدعوم من واشنطن، الجمعة، هجومه الأخير على الرافضين للاستسلام بعد انتهاء عمليات إجلاء آلاف الأشخاص، غالبيتهم من نساء وأطفال المقاتلين، من بلدة الباغوز، حيث حوصر التنظيم في بقعة صغيرة منها بعدما كان يسيطر في العام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق المجاور.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية إنها تتوقع «معركة حاسمة» أمس الأحد، بعد تقدم تدريجي دام 18 ساعة لتفادي الألغام المزروعة على الأرض التي نشرها التنظيم، والذي يستخدم مقاتلوه أنفاقا تحت الأرض لإقامة كمائن قبل أن يختفوا. إلا أنه بحلول الظهيرة، لم تظهر إشارات على أن المعركة انتهت. وقال متحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ويدعم قوات سوريا الديمقراطية إن وتيرة التقدم انحسرت. وقال الكولونيل شون رايان لـ«رويترز»: «يستخدم مقاتلو التنظيم سترات ناسفة وسيارات ملغومة لإبطاء هجوم قوات سوريا الديمقراطية، والاختباء من ضربات التحالف في منطقة الباغوز. ما زالوا يحتجزون مدنيين ويغطون الأنفاق أيضا بشحنات ناسفة بدائية الصنع».
وقال القائد الميداني في قوات سوريا الديمقراطية رستم حسكة لوكالة الصحافة الفرنسية، «تدور اشتباكات هي الأعنف التي نشهدها هنا». وأكد أن «الدواعش المحاصرين في هذه المساحة الضيقة يرفضون الاستسلام وغالبيتهم من المهاجرين، بينهم فرنسيون ومن جنسيات أخرى». وأضاف «يقاتلون بشراسة ويستخدمون كافة الوسائل من سيارات مفخخة وانتحاريين». واستهدفت قوات سوريا الديمقراطية بحسب حسكة، «مستودعات ذخيرة عدة وسيطرت على نقاط مختلفة».
وعلى بعد 400 متر من خطوط الجبهة الأمامية، سمع صحافي في الوكالة، صباح الأحد، أصوات رشقات نارية ودوي قصف مدفعي كثيف وغارات جوية، ما يؤشّر إلى استئناف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضرباته على التنظيم المتطرف.
وتصاعد دخان أسود كثيف وسُمع دوي انفجارات قوية بعد غارة جوية استهدفت مخيماً سكنياً قرب نهر الفرات.
وعلى سطح مبنى مجاور لساحة المعركة، شرح قائد ميداني آخر للوكالة، أن مقاتلي «داعش طُردوا من القسم الأكبر من المخيّم، ولم يبقَ تحت سيطرتهم إلا ما تبقى من المخيم بالإضافة إلى جزء من بلدة الباغوز».
وأضاف «ثمة أنفاق تحت الأرض. لا نعرف طول هذه الأنفاق. لا نعرف عدد عناصر «داعش» المتبقين في الداخل» مشيراً إلى أنهم «محاصرون بالكامل». وأكد أنهم «زرعوا الكثير من الألغام في المنازل وعلى الطرق». داخل الباغوز، واصلت قوات سوريا الديمقراطية عملياتها العسكرية خلال الليل.
على إحدى تلات الباغوز الواقعة على بعد 800 متر من الجبهة الأمامية، كان حسكة ليل السبت الأحد ينسّق الضربات ضد مواقع التنظيم. ويتلقى حسكة بواسطة جهاز اتصال لا سلكي معلومات حول أحد مواقع التنظيم على بعد كيلومتر واحد. فيستخدم جهازاً لوحياً إلكترونياً لنقل إحداثيات موقع المقاتلين وفقاً لنظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) ويطلب شنّ غارة جوية، وسرعان ما يُسمع هدير مقاتلة أميركية تحلق في السماء. ما هي إلا دقائق حتى يرفع حسكة عينيه عن الجهاز ويقول مبتسماً «موقع داعش، انتهى».
ويضيف باللغة الكردية «منذ استئناف المعارك، تمكنا من استعادة 13، 14 موقعاً» من التنظيم، متابعا «يستخدم مقاتلو التنظيم عددا كبيرا من الانتحاريين وخصوصاً نساء. نحن في مواجهة عدو يشنّ هجمات ضدنا عبر سيارات ودراجات نارية أو هوائية مفخخة». ويقول «نسمع محادثاتهم، وتبادلاتهم عبر (ترددات) الراديو، نسمعهم يتحدثون خصوصا باللغة الروسية».
وأكدت عائلات فرنسية عديدة تواصل معها صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية، أن نساء وأطفالا لا يزالون داخل جيب التنظيم المتطرف.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، خرج نحو 53 ألف شخص منذ ديسمبر (كانون الأول) من مناطق سيطرة التنظيم. واعتقلت قوات سوريا الديمقراطية أكثر من خمسة آلاف عنصر من التنظيم كانوا في عداد الخارجين.
ومنذ 20 فبراير (شباط)، أجلت قوات سوريا الديمقراطية الآلاف غالبيتهم من عائلات المقاتلين وبينهم عدد كبير من الأجانب، وأخضعتهم لعمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم في نقطة فرز استحدثتها على بعد أكثر من عشرين كيلومتراً قرب الباغوز.
وتمّ نقل النساء والأطفال إلى مخيم الهول شمالاً، بينما أُرسل الرجال المشتبه بأنهم جهاديون إلى مراكز اعتقال للتوسع في التحقيق معهم.
ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة وانتشاره في البادية السورية المترامية الأطراف. وقال المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور، السبت «نستطيع أن نقول إن «داعش» ينتهي جغرافيا بانتهاء سيطرته على بلدة الباغوز، لكنه لم ينتهِ أيديولوجيا وفكرياً ومن ناحية الخلايا النائمة».
وتشكل المعركة ضد تنظيم داعش حالياً إحدى الجبهات الرئيسية في النزاع السوري الذي أسفر عن أكثر من 360 ألف قتيل وملايين النازحين واللاجئين منذ العام 2011.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».