الانتخابات الفرعية في طرابلس: «الأحباش» تراهن على تعدد المرشّحين

محاولات جدية لرأب الصدع بين «المستقبل» وريفي

TT

الانتخابات الفرعية في طرابلس: «الأحباش» تراهن على تعدد المرشّحين

تواصل الأطراف السياسية المعنية بخوض الانتخابات الفرعية في طرابلس لملء المقعد النيابي الذي شغر بقبول المجلس الدستوري الطعن في نيابة ديما جمالي، درس خياراتها في ضوء ما لديها من معطيات، فيما حسم تيار «المستقبل» أمره بإعادة ترشيح جمالي.
ويفترض أن يشكل الأسبوع الطالع بداية لتظهير المشهد الانتخابي بعد أن تكون القوى الرئيسية في طرابلس قد حسمت أمرها، إن لجهة تسمية مرشحيها أو لجهة التحالفات الانتخابية التي ستبرمها، خصوصاً إذا لم تكن رهاناتها في محلها وفوجئت بانحسار عدد المرشحين خلافاً لما كانت تتوقعه بأن عددهم سيفوق كل التوقّعات.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر طرابلسية أن «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) تتريث في أن تقول كلمة الفصل وتبادر إلى إعادة ترشيح القيادي فيها طه ناجي الذي كان طعن في نيابة جمالي.
وتعزو المصادر الطرابلسية سبب تريّثها إلى أنها ما زالت تدرس التوجّهات الرئيسية للخريطة الانتخابية ترشُّحاً واقتراعاً ليكون في مقدورها أن تبني على الشيء مقتضاه، مع أنها صاحبة المصلحة الأولى في تعدُّد عدد المرشحين لأن معظمهم سيأكلون من «الصحن» الانتخابي لـ«المستقبل»، وبالتالي ستكون أول المستفيدين من تشتت الأصوات.
وتلفت المصادر هذه إلى أن «الأحباش» كانت تراهن على مضي النائب محمد كبارة الحليف لـ«المستقبل» في قراره بتقديم استقالته من البرلمان إفساحاً في المجال أمام ترشُّح نجله كريم، لكنها فوجئت في عزوفه عن استقالته ما يتيح للمرشحة جمالي كسب تأييد أنصاره، هذا إذا حثّهم على التوجّه بكثافة إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في العملية الانتخابية، خصوصاً أنه حل ثانياً في حصوله على الصوت التفضيلي في الانتخابات النيابية التي جرت في مايو (أيار) الماضي، بعد أن حل الرئيس نجيب ميقاتي في المرتبة الأولى.
وتؤكد المصادر الطرابلسية أن «الأحباش» بدأت تراقب عن كثب ما إذا كان ميقاتي سيحرّك ماكينته الانتخابية كما لو أنه هو المرشح في الانتخابات، أم أنه سيكتفي بالطلب من أنصاره ومحازبيه دعم ترشُّح جمالي انسجاماً مع قراره بالتحالف مع زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة سعد الحريري.
ناهيك بأن «الأحباش» تواكب الآن عن كثب القرار الذي سيتخذه الوزير السابق أشرف ريفي، وما إذا كان سيعلن ترشّحه لخوض الانتخابات في 14 مارس (آذار) الحالي كما سبق وأعلن، أم أنه يدرس حالياً احتمال إعادة النظر في قراره إخلاء الساحة لمصلحة جمالي.
وفي هذا السياق، تقول المصادر الطرابلسية إنه من السابق لأوانه الدخول في لعبة حرق المراحل قبل أن يعلن ريفي قراره النهائي، علماً أن أصدقاء مشتركين تربطهم به علاقة وطيدة، وفي الوقت نفسه هم على صداقة مع الرئيس الحريري، باشروا مهمتهم بالتواصل بين الطرفين ولو بطريقة غير مباشرة لعلهم ينجحون في مسعاهم التوفيقي من أجل إصلاح ذات البين بين «المستقبل» وريفي.
وترى المصادر هذه أن الجهود للتوفيق بين ريفي و«المستقبل» ما زالت في بداية الطريق، وأن الاتصالات تحاط بسرية تامة.
وتعتبر أن هناك فرصة لإعادة وصل ما انقطع بين «المستقبل» والوزير ريفي الذي بدأ عمله في الحقل السياسي العام فور إحالته على التقاعد بعد أن شغل لسنوات منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي، علماً أن انطلاقته كان بتسميته من قبل «المستقبل» وزيراً للعدل في حكومة الرئيس تمام سلام.
ويبقى السؤال: هل تشكّل المعركة الانتخابية فرصة لإعادة العلاقة إلى طبيعتها بين ريفي و«المستقبل» تكون بدايتها في موقف يعود لريفي اتخاذه حيال الانتخابات الفرعية، باعتبار أن مثل هذا القرار قد يشغل بال «الأحباش» والفريق السياسي الداعم له، على خلفية أن نتيجة المعركة الانتخابية لن تأتي لصالح مرشحها ناجي، في حال قررت المضي في المعركة بإصرار من حلفائها في طرابلس أو خارجها؟
لذلك، فإن المشهد الانتخابي في ظل رغبة ريفي بالترشح لن يكون مثله إذا قرر العزوف استجابة لإعادة علاقته بـ«المستقبل» إلى عصرها الذهبي الذي كانت عليه قبل أن يفترق عنه في الانتخابات البلدية الأخيرة التي أدت إلى فوز غالبية الأعضاء في اللائحة التي دعمها.
وإلى أن يتبيّن الخيط الأسود من الخيط الأبيض في نهاية المساعي التي يقوم بها عدد من الأصدقاء المشتركين الذين هم على علاقة وطيدة بـ«المستقبل» وريفي في آن واحد، فإن قيادة «الأحباش» ستنصرف بدءاً من يوم غد إلى عقد اجتماعات مفتوحة بالتشاور مع حلفائها لاتخاذ القرار النهائي، وإن كانت تفضّل التمهُّل في تظهيره إلى العلن ريثما تتكوّن لديها رواية كاملة عن المواقف النهائية للذين يقررون الترشّح، وإن كانت تحسب من الآن ألف حساب لخيار ريفي الانتخابي.
أما بالنسبة إلى الخريطة غير النهائية للتحالفات الانتخابية، فإن «المستقبل» بات واضحاً في تحالفاته مع ميقاتي وكبارة والنائب السابق محمد الصفدي، في مقابل وضوح الرؤية على جبهة «الأحباش» المدعومة من النائب فيصل كرامي وزعيم تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية والسواد الأعظم من الطائفة العلوية بقيادة الحزب «العربي الديمقراطي» الذي يتزعّمه رفعت عيد الموجود حالياً في سوريا وملاحق قضائياً في جريمة تفجير مسجدي «التقوى» و«السلام» في طرابلس، إضافة إلى «حركة التوحيد الإسلامي» ومجموعات إسلامية أخرى وثيقة الصلة بالنظام في سوريا وأخرى من المجنّسين المقيمين داخل الأراضي السورية، من دون تغييب دور «حزب الله» ومحور الممانعة بجناحيه السوري والإيراني في دعم «الأحباش».
كما أن النائب السابق مصباح الأحدب يدرس احتمال خوضه الانتخابات، وكان خاضها في مايو (أيار) الماضي بالتحالف مع «الجماعة الإسلامية» التي لا يمكن، مهما كانت الاعتبارات، أن تقف إلى جانب دعم «الأحباش» لما بينهما من خلافات سياسية ودينية، إضافة إلى أن الأحدب في حال قرر ترشّحه يراهن على دعم مجموعات من الحراك المدني له.
لذلك فإن المعركة إذا اتخذت «الأحباش» قرارها في خوضها، ستكون سياسية بامتياز ويراهن جميع من يشارك فيها على الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، وإن كانت هناك صعوبة بأن ترتفع نسبة الاقتراع لتتجاوز نسبة 31 في المائة من الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة، مع أن الأطراف ستخوضها بكل إمكاناتها، وتبقى كلمة الفصل للناخبين الطرابلسيين والمزاج الشعبي الذي سيطغى على المنافسة في ظل ترجيح الكفة لصالح جمالي بفارق يتوقف على حجم المشاركة في العملية الانتخابية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.