مقتنيات ملكية نادرة بمحل تحف في الإسكندرية

يضم 110 قطع قديمة

TT

مقتنيات ملكية نادرة بمحل تحف في الإسكندرية

في أحد الشوارع الجانبية المتفرعة من شارع فؤاد، بمنطقة محطة الرمل، وسط مدينة الإسكندرية، يقع محل صغير للتحف والأنتيكات، أطلق أصحابه عليه اسم «البخت»، مملوك لواحدة من أهم العائلات بالإسكندرية التي اشتهرت ببيع وشراء ذلك النوع من الممتلكات النادرة منذ أربعينات القرن الماضي، ويقصده زائرون مصريون وأجانب للبحث عن قطع أصلية تحمل رائحة الماضي بأسعار جيدة.
زياد أشرف، شاب عشريني، من الجيل الثالث للعائلة السكندرية، قرر استكمال مسيرة عائلته في جمع التحف، عقب تخرجه في كلية الفنون التطبيقية، قسم الديكور، يقول زياد لـ«الشرق الأوسط» إن أكثر ما جذبه للمهنة هو «إمكانية الحصول على قطع فنية لا يوجد لها مثيل في أماكن أخرى»، مضيفاً: «ساعدتني دراستي في إصلاح القطع التالفة، أو إعادة تدوير بعضها، لتصبح قابلة للاستخدام بشكل عصري».
ولأصحاب المحل حكاية شهيرة، يحكيها زياد، تعود للتسعينات من القرن الماضي، فبينما كان الأمير فؤاد، حفيد الملك فاروق، آخر ملوك الأسرة العلوية يزور مصر، سافر إلى الإسكندرية قاصداً محلاً صغيراً بمنطقة العجمي (غرب الإسكندرية) مملوكاً أيضاً للعائلة، وجد هناك مجموعة من الصور الممهورة بختم الملك.
ويضم محل «البخت»، بمحطة الرمل، أكثر من 100 قطعة تراثية، يلمح الزائر من خلالها الحياة الطبيعية لمختلف الطبقات الاجتماعية في مصر. وبدأ جد زياد رحلته في تجارة الأنتيكات كتاجر متنقل، كان يبيع ويشتري دون محالّ، وحين راجت تجارته فكّر في الاستقرار، وفتح محاله بحي «العجمي» غرب الإسكندرية، ثم العطّارين، ثم محطة الرمل، حيث المقر الحالي لمحل «البخت».
ويؤكد زياد أن «تجارة الأنتيكات والتحف القديمة كانت رائجة في العقود الماضية، لكنها تأثرت كثيراً بغلاء الأسعار في الآونة الأخيرة، ما أدى إلى انخفاض الأرباح».
وتُعدّ التشكيلة الملكية من أبرز ما نجحت في الحصول عليه عائلة زياد عبر الأجيال، وتضم أطباقاً، وملاعق، ونياشين، وعملات قديمة، وصوراً مختومة بختم الملك فاروق البارز تمثل أنشطته المختلفة، خلال رحلات الصيد، والاحتفالات السنوية، ونزهته مع عائلته، إضافة إلى دعوات ملكية لحضور الحفلات في القصر الملكي، بعضها خلت من أسماء المدعوين، ليصبح حاملها أو شاريها هو صاحب الدعوة الأصلي.
ويقول زياد: «نحصل على الأنتيكات من المزادات، ومن ورثة العائلات الذين يبيعون مقتنياتهم القديمة».
كلام زياد يبدو مناسباً تماماً لمساحة المحل الصغيرة، التي يخشى زائرها من الإتيان بحركة غير محسوبة، قد تسبب تلف أحد المقتنيات النادرة.
وعن اختيار المقتنيات التي يتمّ عرضها في المحل، يوضح زياد أنه «لا يركز فقط على بيع القطع القديمة النادرة باهظة الثمن، بل يسعى أيضاً للحصول على ما يطلبه الزبائن من نجف قديم، و(غرامافونات)، وساعات قديمة، ومصابيح للإضاءة، وغيرها من المقتنيات التي يقل سعرها أحياناً عن سعر مثيلها من المقتنيات الحديثة باهظة الثمن». ويضيف: «هناك أيضاً طلب كبير على ماكينات الخياطة القديمة التي يزيد عمرها على 150 عاماً».
ويضم المحل أيضاً عدداً من أجهزة الراديو القديمة التي ظهرت خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وعدداً من الأسطوانات الأصلية لعبد الحليم حافظ، وعبد الوهاب، وأم كلثوم، وسيد درويش (أحد أهم مبدعي الإسكندرية خلال العصر الحديث). يقتنى زياد أيضاً عدداً من المقتنيات الغريبة التي يندر وجودها في مصر، كجهاز راديو ماركة «هيلكرافترز» الأميركية الشهيرة، التي ظهرت خلال ثلاثينات القرن الماضي، بالإضافة إلى النياشين الخاصة بالملك فؤاد، ونياشين الفوز في سباقات الخيل، ولوحات أصلية، وصور عائلية لأشخاص عاديين خلال فترة الخمسينات من القرن الماضي، وما بعدها، إضافة إلى الأسطوانة الأصلية لآخر خطب الرئيس جون كيندي، الذي تم اغتياله في عام 1963.



دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.