على كامل الطابق العلوي لمتحف «بيت بيروت» في منطقة السوديكو تتوزّع أعمال الفنان التشكيلي ميشال عضيمي والتي يصفها بمشاعر مكبوتة تحرر منها بواسطة الريشة.
وفي لوحات من الأكليريك ومنحوتات تمزج ما بين مواد صلبة وأخرى لزجة وعلى قمصان تحمل تصاميمه، إضافة إلى عروض بصرية، يحكي ميشال عضيمي عن قصص حبّ وفراق وضياع وفرح تخصّه مرّ بها في فترة عصيبة، مما دفعه للإمساك بريشته للإبحار في آفاقها.
«هي صرخات أخرجتها من أعماقي لتكون بمثابة فضفضات لمشاعر انتابتني في فترة سابقة»، يقول ميشال عضيمي لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «لقد أبحرت بريشتي دون أن أرسم حدوداً لها فكوّنت لوحات فنية مدموغة بحرية التعبير وتتأرجح بين الفن الانطباعي والتجريدي».
فميشال الذي درس بين لبنان وفرنسا وتأثر بفنانين عالميين أمثال فان جوغ وسلفادور دالي وجان ميشال باسكيا وجان ديبوفيه مزج في لوحاته الفن المبهم والعبثي، لتؤلّف أعمالاً فنيّة حديثة تتسّم بخربشات وخطوط تجريدية تقارب الإنسانية والوجدانيات معاً.
لا تحمل لوحات ميشال عضيمي ومنحوتاته أسماء معينة لأنه رغب في أن يترك هذه المهمة لمشاهدها فيسميها كما يشاء وفقاً قراءته لمضمونها. فهنا تئن ريشة ميشال ألماً ضمن لوحة مزّقتها مشاعر الخوف فتقطّعت أحشاؤها على شكل أوراق مسنّنة نافرة من خلفية صفراء. فيما يعبّر في لوحة أخرى تجريدية نثر عليها بالخط العربي عن أفكاره المتداخلة والغريبة في آن.
«لقد كانت مشاعري مكبوتة إلى حدّ الاختناق فأخرجتها إلى النور مستوحياً من كل شخص ألتقي به وأتحدثّ معه، موضوعاتها المرسومة بحريّة». يوضح ميشال عضيمي الذي يعدّ هذا المعرض الأول له في مشواره الفني بعد تشجعيه من قبل أستاذته الجامعية زهى ناصيف.
وفي منحوتة تتوسطّ المعرض، تجلس على كرسي خشبي وتحمل على ذراعها مجسمات منمنمة لتماثيل مصنوعة من مادة الفولاذ، يعبّر ميشال عضيمي عن أعباء يومية ترافق إنسان اليوم ويمسكها بعناية رغم ثقلها عليه.
يستخدم الفنان اللبناني مواد مختلفة في أعماله كالإكليريك والحبر والإسمنت والخشب والتي تبرز خاصة في منحوتة تنتصب وسط واحدة من صالات المعرض لتتلاقى بهيئتها المهشمّة وإطلالتها الشامخة بمكان المعرض (بيت بيروت). وهو مبنى جميل دمّر أثناء الحرب اللبنانية وعاد لينبض بالحياة من جديد بعد أن تم ترميمه وتحوّل إلى متحف يستضيف معارض فنية.
«هذه المنحوتة استوحيتها مباشرة من (بيت بيروت) الشاهد على خطوط تماس فرّقت بين أهل بيروت بالنار والرصاص. فرغبت في تكريم هذا المكان على طريقتي من خلال هذه القطعة الفنية المعبّرة».
وجوه ضاحكة وملامح وجوه خائفة وثالثة يكتنفها الغموض ومحاطة بعبارات متكررة بالأجنبية والعربية، إضافة إلى أخرى تنزف ألماً حيكت بخيوط صوف برّاقة تتدلّى من أنفها، كما شخصيات أبطال رسوم متحركة كرجل الوطواط، جمعها الفنان اللبناني في رسوماته لتشكّل بتنوعها مساحة فنية حديثة بمضمونها وبالتقنية المستعملة فيها.
حتى البدلة الرسمية السوداء التي كان يرتديها ميشال عضيمي في حفل افتتاح معرضه الذي أحياه التينور ماتيو خضر وحضره حشد من أهل السياسة والإعلام، حملت لمساته الفنية بعد أن دوّن عليها بطلاء أبيض كلمات متراصة بالعربية. «هذا النوع من الفنون تأثرت به بعد اطلاعي على أعمال فنانين من إيران والعراق وسوريا وبلاد الشام بشكل عام».
يقول عضيمي الذي تضمن معرضه تصاميمه على الأزياء من خلال قمصان بيضاء معلّقة في أرجائه وتحمل رسومات ومخطوطات ووجوه مفكرّة بالألوان تارة وبالأبيض والأسود تارة أخرى.
معرض الرسام ميشال عضيمي... مشاعر مكبوتة تتحرر بالريشة
يتضمن لوحات ومنحوتات
معرض الرسام ميشال عضيمي... مشاعر مكبوتة تتحرر بالريشة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة