ترحيب غربي باتفاق السراج وحفتر في الإمارات

ترقب بين الميليشيات المسلحة في طرابلس حول وضعها مستقبلاً

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي خلال لقائه فائز السراج في دبي (رويترز)
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي خلال لقائه فائز السراج في دبي (رويترز)
TT

ترحيب غربي باتفاق السراج وحفتر في الإمارات

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي خلال لقائه فائز السراج في دبي (رويترز)
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي خلال لقائه فائز السراج في دبي (رويترز)

وسط ترقب بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، بعد إعلان بعثة الأمم المتحدة عن تحقيق تقدم نوعي على طريق المصالحة بين رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، وقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، جددت فرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا وبريطانيا دعمها لجهود بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا للحد من التوتر هناك.
وأعربت الدول الأربع في بيان مشترك، أصدرته مساء أول من أمس، عن ترحيبها بمبادرة الأمم المتحدة التي شهدت انعقاد اجتماع في الإمارات، مؤخرا، بين السراج وحفتر، كما أشادت بجهود الإمارات لتسهيل إجراء هذه المناقشة.
كما رحب البيان بإعلان البعثة الأممية عن إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي حول ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا، وذلك من خلال إجراء انتخابات عامة، وكذلك الالتزام بالمحافظة على استقرار البلاد وتوحيد مؤسساتها.
وبعدما دعا البيان جميع الليبيين إلى العمل بشكل بناء مع غسان، واغتنام هذه الفرصة الحيوية لتأسيس حكومة مستقرة وموحدة، تضمن أمن وازدهار جميع الليبيين، رحب بإعلان حكومة السراج عن اتفاق وطني، اتفقت فيه الأطراف على استئناف إنتاج النفط في حقل الشرارة النفطي. معتبرا أنه يتعين على جميع الأطراف العمل على وجه السرعة على تنفيذ هذا الاتفاق، بهدف السماح لشركة النفط الوطنية باستئناف عملها الحيوي لصالح جميع الليبيين.
من جانبها، دعت الحكومة الألمانية عبر بيان لسفارتها في ليبيا أول من أمس، جميع الأطراف المعنية إلى الالتزام بجدية أكبر للتوصل إلى حل سياسي، في إطار خطة عمل الأمم المتحدة، معتبرة أن «الشعب الليبي انتظر وقتاً طويلاً حتى تتفق الأطراف الليبية الرئيسية على خطوات ملموسة، نحو تحقيق استقرار الأوضاع، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة».
وبعدما تعهدت الحكومة الألمانية بأن تدعم ليبيا بوصفها شريكا على أمد طويل وشامل في طريقها الصعب نحو السلام والاستقرار، رأت أن ما وصفته بالمهمة المركزية هي «جمع وتقوية مؤسسات الدولة، خاصة المؤسسة الوطنية للنفط، التي يجب احترام استقلاليتها من قبل جميع الجهات الفاعلة، حيث يمكن لموارد ليبيا أن تفيد جميع المواطنين بالبلاد».
في المقابل، قال مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط الموالية لحكومة السراج، أول من أمس، إن استمرار ما وصفه بـ«المشكل الأمني» في حقل الشرارة يحول دون إعلان المؤسسة رفع حالة القوة القاهرة عن حقل الشرارة، رغم أنها مستعدة فنيا لذلك، وشدد على أن هذه الحالة سيتم رفعها فور ضمان أمن العاملين بالحقل.
من جهته، دعا غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية، الليبيين، إلى الاحتكام للعقل، حيث خاطبهم أمس عبر «تغريدة» بحسابه على موقع «تويتر» قائلا: «إخوتي الليبيين، دقت ساعة الحقيقة، والخيار لكم: فإما أن تحتكموا للعقل أو للغريزة، وإما أن تبقوا أسرى أحقاد الماضي، أو تبنوا معا مستقبلا زاهرا لأولادكم. وإما أن تلهيكم الصغائر أو تنقذوا وطنكم من كبوته. وإما تفرقكم الفئوية أو يضمكم الوطن الواحد المتسع لجميعكم». بموازاة ذلك، تحدثت مصادر ليبية مطلعة في العاصمة طرابلس عما وصفته بحالة قلق وتوتر تسود قادة الميلشيات المسلحة، التي تسيطر بقوة السلاح منذ نحو أربع سنوات على مقاليد الأمور في العاصمة طرابلس.
وأوضحت أن هذه الحالة مرتبطة بمخاوف هذه الميلشيات من إمكانية فك تحالفها مع حكومة السراج، ما يعني بحسب قادتها «وضعها في صدام محتوم مع حفتر»، علما بأن الميليشيات الموالية لحكومة السراج ترفض الاعتراف بأي دور مستقبلي لحفتر في قيادة البلاد.
وقال مسؤول عسكري مقرب من حفتر لـ«الشرق الأوسط»، مشترطا عدم تعريفه: «نعم هناك حالة عدم يقين بين قادة ميليشيات طرابلس حول وضعهم مستقبلا، في ضوء الكشف عن تفاهمات مفاجئة بين حفتر والسراج».
وعلى الرغم من عدم إعلان «قوة حماية طرابلس»، وميلشيات اللواء السابع عن أي موقف سياسي واضح حيال ما تم في أبوظبي، فإن أوساطا ليبية توقعت أيضا حدوث تحشيد متبادل لعناصر هذه الميلشيات، كما جرى قبل نهاية العام الماضي، حيث أسفرت المواجهات العنيفة بينها عن قتل وإصابة مئات المدنيين.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.